أحدث الأخبار
الخميس 21 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
كوبا انتصرت وكل مقاوم يثبت على المبادئ ينتصر!!
بقلم :  رشاد أبو شاور ... 31.12.2014

كثيرون في عالمنا فرحوا بانتصار كوبا المؤزّر، وبإعلان أوباما أن الحصار الأمريكي لها كان فاشلاً، باستثناء التابعين في بلاد العرب، والكيان الصهيوني..ولا عجب!
كوبا لم تنتصر عند إعلان صفقة تبادل السجناء الثلاثة بالسجين الأمريكي( الجاسوس)، فهي انتصرت منذ قررت تحمل تكلفة الحصار الأمريكي لها في العام 1959، وعندما هزمت الغزو الأمريكي المدبّر في خليج الخنازير، وقضت على المرتزقة، وأسرت أعدادا منهم استبدلتهم بجرارات زراعية وحصادات، ليبوء مخطط الرئيس الأمريكي( الديمقراطي) كندي بالفشل، وتنتكس محاولات السي آي إيه المتكررة المتلاحقة لاغتيال الرئيس الكوبي الثائر فيدل كاسترو.
كوبا انتصرت عندما اعتمدت على نفسها، واستخدمت ألوف الثيران في حرث الأرض، وحصد المحصول _ مائة ألف ثور سخّرتها لكسر الحصار على زراعتها_ وهو ما يؤكد أن الحاجة أم الاختراع، ويصدق أنها سلاح في المواجهة بوسائل متواضعة، وبدائل لديمومة مقاومة ناجعة.
كوبا انتصرت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، والمعسكر الاشتراكي، وهي تصمد وتتحدى بقيادتها الثورية العنيدة المقاومة، وشعبها المنتمي لوطنه كوبا _ الثورة، والمتحدي لغطرسة الامبريالية الأمريكية، وحصارها الإجرامي.
كوبا انتصرت وهي تقف وحيدة بعد انهيار القوى الثورية، واستفراد الإمبريالية الأمريكية بالعالم كقطب وحيد، حسب أن مصير كل شعوب العالم بات في قبضته وتحت رحمته.
في أشد اللحظات صعوبة على كوبا، بدأت متوالية انهيار نظم الاستبداد في الحديقة الخلفية لأمريكا الشمالية، في أمريكا اللاتينية، ومن حيث لا تحتسب أمريكا المنتشية بما آل إليه الاتحاد السوفييتي، والدول الاشتراكية.
ظهر شافيز في فنزويلاً وتحدى الغطرسة الأمريكية، وأعلن انحيازه للثورة الكوبية، وتعامل مع قائدها فيدل كاسترو كمرجعية ثورية، ولم يكتف بالكلام، بل قدّم لكوبا النفط للتغلب على مصاعبها، واستعان منها بألوف الأطباء لينهضوا بالوضع الصحي للشعب الفنزويلي، وهكذا تم تقديم نموذج جديد من العلاقات المتكافئة والرفاقية بين كوبا وفنزويلا، ثم توالت انتصارات شعوب أمريكا اللاتينية: البرازيل، بوليفيا، الأرجنتين، الأكوادور...
القارة الأمريكية اللاتينية تنهض وتثور وتنتصر، والإمبراطورية الأمريكية يُسقط في يدها، فتسيدها على العالم لم يدم طويلاً، خاصة مع استعادة روسيا لحضورها وقوتها وسيادتها، ودورها كقوة عظمى، بالترافق مع تقدم الصين التي تتقدم اقتصاديا، وتأخذ دورا سياسيا لائقا بها.
أوباما يعد الأمريكيين بأن كوبا ستتغير، وهو لا يستطيع أن يحدد متى، ولكنه يعد، وهو يريد أن يخفف من الصدمة التي تسبب بها إقراره بفشل الحصار الأمريكي لكوبا، وارتداده فشلا لأمريكا نفسها!
كوبا التي لم تبع خيارها الاشتراكي التقدمي الاستقلالي رغم الجوع، والعربدة الأمريكية التي تشهرها في وجهها على مدى 54عاما، والتي صمدت وحيدة، وهي الجزيرة الصغيرة، المجاورة لأمريكا، والتي تحتل أمريكا جزءا من أرضها، أقامت عليها سجن غوانتانامو، وغير البعيدة عن ولاية فلوريدا التي تُرى أضواؤها ليلاً من شواطئ كوبا..كوبا هذه لن تتنازل عن خيارها، ولن تبيع القارة الأمريكية اللاتينية لليانكي الأمريكي، فهي يحق لها أن تفخر بأنها قدمت للبشرية كلها درسا عظيما يشرفها: المقاومة، والصمود، والاعتماد على النفس، والانتصار بعد أزيد من نصف قرن على الحصار الخانق الشرس اللاإنساني.
من بتروا أصابع يد البطل الثوري الأممي آرنستو تشي جيفارا، عندما( أسروا) جثته في بوليفيا، وأرسلوها لقيادتهم في واشنطن، هم الذين انهزمو أمام كوبا، وقيادتها وشعبها.
يحق لفيدل كاسترو أن يفخر بما أنجزته قيادته، وشعبه، والثورة التي لم تساوم على مبادئها، وكرامة شعبها..ويجدر براؤول كاسترو أن يواصل حمل راية الثورة الكوبية المظفّرة بيقظة وحزم.
كوبا دائما انحازت لقضايا الشعوب المظلومة، في آسيا، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية، وهي تحصد أرباح مواقفها المبدئية.
كوبا لم تغيّر من مواقفها استجابة للضغوطات عليها، ومحاولات الإغراء بالكسب المصلحي، وهي تصدت للعدوانية الصهيونية في فلسطين، ووقفت مع شعب فلسطين في المحافل الدولية، وانتصرت للمقاومة الفلسطينية واللبنانية، ورفضت العدوان الإجرامي على سورية، وتصدير الإرهاب لسورية.
انتصار كوبا سيلهم المقاومين في كل مكان من عالمنا، وفي المقدمة المقاومة العربية في فلسطين، ولبنان...
انتصار كوبا سيلهم سورية الباسلة، وسيقوي من عزيمة قيادتها، وشعبها، وجيشها، في التصدي للإرهاب الأمريكي، والقوى التابعة، والإرهابيين المرتزقة المجلوبين من كل قارات العالم، وبرعاية أمريكية، ومال عربي...
كلمة أخيرة: عندما كنا نخوض معركة بيروت عام 1982، كان السفير الكوبي يتحرك في محاور القتال، ويشجع المقاومين على مواجهة الحصار الصهيوني، انطلاقا من أن المعركة واحدة.( دونت هذا في كتابي: آه يا بيروت).
أليست المعركة واحدة في أمريكا اللاتينية، والوطن العربي، وتحديدا في فلسطين، وضد نفس الأعداء؟! أليس انتصار كوبا انتصارا لكل شعب يعتز بكرامته، ويقدّس حريته، ويرفض أن يكون تابعا؟

1