أحدث الأخبار
الأحد 22 كانون أول/ديسمبر 2024
من وراء تسهيل هجرة الفلسطينيين، ولماذا؟!
بقلم : رشاد أبو شاور ... 08.10.2014

ما أن توقفت الحرب العدوانية على غزة، وهي الثالثة في غضون ست سنوات، حتى بدأت تتسرب معلومات عن ( هجرة) الشباب من القطاع.
وما أن انقضت أيام قليلة حتى سمعنا عن غرق عشرات الهاربين نجاة بأنفسهم من بلاد العرب، ومنهم 15 فلسطينيا ابتلعتهم الأمواج، وغيّبتهم في ظلمتها بلا قبور.
ترغيب الفلسطينيين بالهجرة، تحديدا اللاجئين، بدأ في الخمسينات، وكانت محاولات الاستدراج، وتسهيل التخلي عن بطاقة المؤن ( الإعاشة) التي تصرفها وكالة الغوث هي الشرط الوحيد، مع التوقيع على التنازل عنها، وعدم المطالبة بها من جديد، علما أنها الإثبات الوحيد الذي يمتلكه اللاجئ الفلسطيني، والذي يصون حقّه في العودة وفقا للقرار 194 .
تساؤلات، واتهامات ، سواء بالتقصير من جهات فلسطينية، أو عربية، أو دولية، عادت للبروز من جديد، خاصة وقطاع غزّة خارج من معركة، وإن كانت الخسائر فيها فادحة، إلاّ أنها اعتبرت انتصارا للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وللمقاومة الباسلة بما ألحقته من خسائر في جيش الاحتلال.
يوم الخميس 2 تشرين أول الجاري بثّت فضائية( الميادين) ريبورتاجا عن هجرة ثلاثين عائلة من مخيم ( الجليل) في لبنان _ كان ثكنة للجيش الفرنسي قبل استقلال لبنان _ وهو قريب من مدينة بعلبك، حيث التقى مراسل الميادين ببعض مواطني المخيم الذين أكدوا الأمر، وبرروه بضيق الحياة، وافتقاد الأمن، وانسداد سبل العمل للفلسطينيين في لبنان، والفلسطيني في لبنان محروم من ممارسة أكثر من 70 مهنة، علما بأن بعض تلك المهن تندرج في مهن مهينة يأبى أن يعمل بها المواطن اللبناني!
هناك تساؤلات متشككة كثيرة عن الجهات التي تسهّل هجرة الفلسطينيين بعيدا عن فلسطين، وتيسّر لهم الحصول على ( فيز) من دول عربية يضطرون للعبور من حدودها، ومطاراتها، وهي معروفة بتشددها مع كل من يحمل وثيقة سفر فلسطينية سورية، أو لبنانية، أو مصرية تمنحها السلطات المصرية لفلسطينيي قطاع غزة!
يتوجه الفلسطينيون المهجّرون إلى جزيرة في اليونان، ومنها يتجهون إلى منطقة جبلية محاذية للمجر، ومنها يتسرب من تكتب له الحياة إلى دول أوربة الغربية!
طريق التهجير الآخر: السودان، ومنه إلى ليبيا، فإلى ايطاليا بحرا، رغم المخاطر في البحر، وبؤس المراكب البحرية التي يحشر المئات فيها، وتقذف بهم أحيانا بعيدا عن الشواطئ ليتلقفهم الموت، إلا سعيد الحظ الذي تلتقطه سفن حرس السواحل الإيطالي!
هؤلاء الفلسطينيون يبيعون كل ما يمتلكون، أو يستدينون، ليدفعوا للمهربين والوسطاء تكاليف رحلة غير مضمونة إلى بلاد، إن وصولوا إليها، ستزج بهم في ( معسكرات) عزل، في ظروف مهينة، تطول لسنوات أحيانا، قبل أن يحصلوا على الإقامة و (الجنسية) التي تحررهم من هوان ظلم ( ذوي القربى)!
نحن نعرف من له مصلحة في تهجير الفلسطينيين من مخيمات البلدان العربية المحيطة بفلسطين، والتي كانت تسمى ( دول الطوق)، ومن قطاع غزة، ولكننا لا نعرف بالضبط من يخطط لهذه الهجرة ومن ينفذها، لكننا لو تساءلنا: من له مصلحة في تهجير الفلسطينيين للتخلص من مطالبتهم بحق العودة، وفقا للقرار الأممي 194 الذي يثبّت حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، ويبرر تشبثهم بحقهم في العودة لوطنهم، ويمنحهم شرعية العمل على بلوغه بالمقاومة، وعدم التنازل، وتوريث هذا الحق، وواجب العمل لإنجازه للأجيال جيلاً بعد جيل، ..فسنعرف ( أنه) من يحتل فلسطين، ومن يدعم المُحتل في ظلمه، وعدوانه، ويسلحه، ويموله.
تتواصل الحروب على شعب فلسطين، من البر والبحر والجو، قتلاً وتدميراً، وآخرها الحرب التي شُنّت على قطاع غزة، وتواصلت 51 يوما، وحصارا، ونهب أراض، وتهويدا _ كما في القدس_ وزجا للألوف في السجون، واغتيالات علنية، واقتحامات للمدن والقرى، وجدارا عازلا يخنق الحياة في الضفّة الفلسطينية، و..تضييقا بهدف دفع الشباب الفلسطيني للهجرة واستنزاف طاقات الشعب الفلسطيني.
ومع ذلك: يتواصل صمود وصبر شعب فلسطين، وعناده، وتشبثه بالحياة، وبحقه في تحرير فلسطين، وعودة أهلها المشردين إليها للعيش كباقي شعوب العالم بحرية وكرامة.
الفلسطينيون قرروا أن لا يعيّدوا حدادا على شهدائهم في قطاع غزة، والضفة الفلسطينية، وعلى من فقدوهم في البحر...
عوائل الشهداء توجهوا إلى المقابر لزيارة أضرحة أحبائهم، وعلى شواطئ غزة توقف عشرات الشباب والشابات، وسرّحوا نظراتهم بعيدا فوق الأمواج في الأفق البعيد، وألقوا بباقات الورد لأرواح أخوتهم وأصدقائهم وجيرانهم الذين ابتلعتهم أمواج البحر، قريبا من شواطئ إيطاليا..بعيدا عن أرض فلسطين!

1