أحدث الأخبار
الأحد 22 كانون أول/ديسمبر 2024
الاستيطان متواصل..والعجز أيضا!!
بقلم : رشاد أبو شاور ... 06.11.2013

لا يمكن أن يتخذ الكيان الصهيوني قرارا بريئا، مصادفا، فكل ما يتخذه من قرارات يتجه دائما، وفي كل الأحول، لإلحاق الضرر والأذى بالفلسطينيين، وتحديدا بأرضهم التي يدور الصراع منذ بدأ حولها، وعليها، وبسببها.
أُفرج عن الدفعة الثانية من الأسرى الذين حدد عددهم ب104 ، كانوا قد تركوا في الأسر رغم اتفاقية أوسلو التي بشرت بسلام الشجعان!.
هنا سأتوقف لأسأل سؤالاً كررته كثيرا، ولا أمل من ملاحقة (أبطال) أوسلو الفلسطينيين به: كيف قفزتم عن موضوع تحرير الأسرى، والإفراج عنهم جميعا، وأنتم تزفون البشرى ببزوغ فجر السلام للشعب الفلسطيني، وللعالم، وللأمتين العربية والإسلامية؟!
أكنتم في عجلة من أمركم، وتخشون أن يرفض المفاوض (الإسرائيلي) (كل) عملية السلام إذا ما تشبثتم بالمطالبة بالإفراج عن الأسرى الذين أدخلوا السجون الصهيونية وهم يقاومون الاحتلال؟!
و(دخلكم) ـ باللهجة العامية ـ شو هالسلام الذي ينهار إذا ما اضطر الكيان الصهيوني للإفراج عن الفلسطينيين المقاومين لاحتلال أرضهم؟!
لقد أُبقي أسرى ما قبل أوسلو رهائن، وأضيف لهم ألوف الأسرى بعد سلام أوسلو!
مع الإفراج عن الدفعة الثانية من أبناء الضفة والقطاع، سرّب الكيان الصهيوني خبرا عن أن إطلاق سراحهم هو مقابل الرضى بتوسعة الاستيطان، وهو ما نفاه رئيس السلطة أبومازن بغضب في خطابه الترحيبي بالأسرى، بل واتهم بالخيانة كل من يروج له من الفلسطينيين، وأكد أن الاستيطان: باطل..باطل..باطل..يعني باطل بالثلاثة.
وكأنما يرد قادة الكيان على خطاب رئيس السلطة، أُعلن عن نية بناء 5000 وحدة سكنية لتسمين المستوطنات، ولا سيما المحيطة بالقدس، وفي مقدمتها (معاليه أدوميم) التي ستصل قريبا إلى منطقة الخان الأحمر المطلة على الأغوار والبحر الميت، والتي بالضرورة ستبتلع الأراضي التي عن يمينها، وعن شمالها، وفي طريقها الزاحف دون توقف.
تبادل الاتهامات، والترويج للإشاعات لن يرد كيد الاحتلال الصهيوني، ولكنه سيشغل شعبنا عن دوره، ويسهل للاحتلال مواصلة ابتلاع الأرض، وإغلاق أي أمل بإمـــــكانية بـــــزوغ فجر دولة فلسطينية في حدود الرابـــــع من حزيران، إلاّ إذا اعتــــبر أن الأشــــلاء المتبقية في الضفة هي دولة، أو أن قطاع غـــزة هو دولة أيضا!
عُبر عن غضب السلطة بتسريب أخبار عن وضع وفد السلطة المفاوض لاستقالته بتصرف رئيس السلطة..فهل هذا التلويح بالاستقالة رد فعل جدّي على استمرار سياسة النهب الصهيوني للأرض الفلسطينية، وإغلاق الآفاق في وجه الحالمين بدولة فلسطينية ذات حدود، وسيادة؟!
ألا يعرف نتينياهو وحكومته، والأحزاب المشاركة، وكل صهاينة الكيان أن السلطة لا تملك أي خيار جدي فاعل سوى (الحرد) السلبي الضعيف الذي لن تأخذه الإدارة الأمريكية على محمل الجد، ناهيك عن حكومة نتينياهو؟
لنعد إلى موضوع الأسرى: 104 أسرى يتم الإفراج عنهم على ثلاث دفعات!_ وهذه سياسة شيلوكية مزمنة ـ أليس عجيبا هذا الأمر؟ لماذا على ثلاث دفعات،آخرها في شهر آذار من العام القادم 2014؟!
أليس هذا بهدف إفساح الوقت لسلطات الاحتلال لاستغلال هذه الفترة الزمنية الممتدة لتنفيذ هجمات استيطانية، بحيث تقف قيادة السلطة الفلسطينية عاجزة عن اتخذ قرار حاسم، خشية أن يؤثر هذا على عملية الإفراج عمن تبقّى من الأسرى؟!
العدو الصهيوني يعرف ما يريد، فهو في سباق مع الزمن لبسط هيمنته على أوسع مساحة من الضفة الفلسطينية، بحيث لا يمكن أن تبقى مساحة متصلة تحقق إمكانية قيام دولة في حدود الرابع من حزيران.
بالترافق مع هجمة توسعة الاستيطان، يعلن عن قرار يناقشه الكنيست للسماح لليهود بالصلاة في باحات المسجد الأقصى، وهذا يأتي في سياق السياسة الرامية لتقسيم الأقصى بين المسلمين واليهود، كما حدث في الحرم الإبراهيمي في الخليل. فهل يستيقظ العرب والمسلمون على هول ما سيحدث لأقدس مقدساتهم؟ ومن هم الذين يفترض أن يستيقظوا؟ أهم المشغولون بتخريب مصر، وتفجير اليمن، وتمزيق ليبيا، وتسليح وتمويل الإرهابيين في سورية؟ أم تراهم مجاهدو النصرة وداعش، وكتائب وألوية الإسلام..أم من أسقط في أيديهم لأن أمريكا لم تقصف بالكروز دمشق وتدمرها على رؤوس أهلها؟!
عشرات المنازل تدمر يوميا في القدس الشرقية، ويرحل أهلها ويرمى بهم في العراء، ولا رد فعل جدّي..لا فلسطينيا، ولا عربيا، ولا إسلاميا!
لنعترف: الخلل يبدأ من عندنا..يبدأ فلسطينيا، والكيان الصهيوني يعرف ما يعانيه الحال الفلسطيني من تمزق بين السلطتين، وانشغال كل (سلطة) بأحوالها العسيرة.
في نفس اليوم الذي يعلن فيه عن توسعة وزحف الاستيطان يسقط خمسة شهداء في غزة، وتعم العتمة لعدم توفر الوقود، ولا تسمع على الفضائيات سوى الشكوى المرّة، فالمستشفيات تحتاج للكهرباء، والطلاب لا يستطيعون الدراسة في الظلام، وغزة أُنهكت، وكل ما يصلنا عنها موجع وفاجع، وسلطة حماس تراهن على ما لا يأتي!..وتتشبث بالسلطة مع تفاقم عجزها وعزلتها!
لا يجوز أن نرش سكرا على الموت، وعلى الجرح الناغر، وعلى المرض القاتل الذي يستدعي علاجا فوريا شافيا، ولنتصارح بحقيقة الحال الفلسطيني العاجز ذاتيا.
السلطتان تضيعان الوقت، وتقيدان شعبنا، وتضعفانه، وما زالتا (تتكتكان) رهانا على أميركا من جهة ـ سلطة رام الله ـ وعلى عودة مرسي ربما..وهو ما تمارسه سلطة غزة، رغم انغلاق آفاق رضى إيران عنها، ورفض سورية أن تغفر لها بعد كل ما اقترفته معها!
سلطتا الأخطاء القاتلة تبددان دور شعبنا، وتغيبان حضوره، ويبقى الأمل بنهوض شعبنا في الضفة والقطاع معا، لتجاوز حالة الضعف، ولقلب طاولة المفاوضات الأمريكية التي لن تجلب لنا سوى نكبة أشد فداحة من نكبة 1948..نكبة ستكون (أم) النكبات، والتي ستتحمل مسؤوليتها مع السلطتين، كل (القوى) السياسية الفلسطينية الساكتة، والمنافقة، والمجاملة، والعاجزة، والمتنصلة من المسؤولية بحجج يفترض أنها تخجل من التعلل بها لتبرير تقاعسها وعجزها.
استعادة قضيتنا تستدعي عملية جراحية ثورية لتنقذها من عملية السلام المميتة، وليس لهذه العملية سوى شعبنا الذي لن نيأس من عودته إلى الميدان مدججا بخبرات الانتفاضتين، وألاعيب التفريط بهما بالمفاوضات والرهانات الخاسرة التي لا يملك قصار النظر والنفس سواها خيارا.

1