أحدث الأخبار
الخميس 21 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
مصر: “ثورة نسائية” على مواقع التواصل والمجلس القومي للمرأة يرفض البلطجة والعنف!!
بقلم : تامر هنداوي ... 15.03.2021

شهدت مصر، أمس الأحد، ما يشبه “الثورة النسائية” على مواقع التواصل الاجتماعي، عقب واقعة مقتل سيدة جراء سقوطها من الدور الرابع في إحدى مناطق القاهرة، بعد اتهام صاحب العقار لها باستقبال شخص غريب في منزلها.
فالواقعة التي أثارت غضبا واسعا، دفعت فتيات وسيدات لتدوين حكايتهن مع السكن بعيدا عن الأسرة، وحجم الأزمات التي يتعرضن لها بسبب ما أسمونها محاولات فرض الوصاية الاجتماعية عليهن من خلال الجيران والمجتمع، إضافة إلى مطالبتهن بحق الولاية على أنفسهن وأطفالهن.
ولقيت سيدة مصرعها إثر سقوطها من شرفة شقتها بالطابق الرابع في منطقة جزيرة دار السلام جنوبي القاهرة. وكشفت التحريات الأمنية أن صاحب العقار وزوجته وشخصا آخر من سكان العقار وراء ارتكاب الحادثة، عندما أبلغهم حارس العقار بصعود شخص غريب إلى شقة المجني عليها، فقاموا بتحطيم باب الشقة واعتدوا عليها بالضرب فسقطت من الطابق الرابع ولفظت أنفاسها الأخيرة.
المجلس القومي للمرأة أعلن رفضه لجميع أشكال البلطجة والعنف، وأن مصر ستظل دائما دولة قانون ومؤسسات ولن تقبل قيام مجموعة من الأفراد بالاعتداء على بعضهم البعض.
وقالت مايا مرسي، رئيسة المجلس: المجلس يستعد لتقديم المساندة القانونية اللازمة لأسرة المجني عليها من خلال محامي مكتب شكاوى المرأة الخاص بالمجلس، لاسترجاع حقها ومعاقبة الجناة حتى يكونوا عبرة وعظة لمن يقومون بمثل هذه الجرائم.
ودفعت الواقعة مؤسسة المرأة والذاكرة، منظمة حقوقية نسوية مستقلة، إلى إطلاق حملة تحت عنوان “الولاية حقي”، قالت في بيان تدشينها إن إقرار حق الولاية للنساء على أنفسهن وأطفالهن ضرورة ومطلب أساسي.
وأضافت: هالنا ما ورد في وسائل الإعلام عن مقترح مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية للمسلمين لما جاء به من نصوص تمييزية تنفي عن النساء الأهلية القانونية، مخالفة للدستور وللواقع المعاش للنساء المصريات في القرن الواحد والعشرين، فوفقا للمشروع المقترح، تعتبر النساء، كل النساء بغض النظر عن السن أو المستوى التعليمي أو الخبرة العملية والحياتية، ناقصات الأهلية والقدرة التي تؤهلهن لإدارة شؤونهن الخاصة وشؤون أطفالهن، فلا تعترف بولايتهن على أنفسهن وعلى أطفالهن وتظل النساء خاضعات لسيطرة الذكور في العائلة. بل وصل الأمر إلى استحداث نص يعطي السلطة للولي لفسخ زواج من تقع تحت ولايته من النساء الرشيدات بحجة عدم الكفاءة.
وزادت: نحن الآن في أمس الحاجة إلى قانون يحقق العدالة لجميع أفراد الأسرة ويحافظ على المصلحة الفضلى للأطفال، قانون يقر بولاية المرأة الرشيدة على نفسها وأطفالها، قانون ينظم إجراءات الزواج والطلاق والنفقة والحضانة أمام المحكمة على أساس العدل والرحمة وعدم التمييز.
وتابعت: هذا المشروع المقترح الذي طال انتظاره جاء مخيبا للآمال بسبب انفصاله عن الواقع المعاش للنساء والرجال، وتغاضيه عن المتاعب والمعاناة التي تتكبدها النساء في ظل قوانين مجحفة، وأيضا بسبب تبنيه أفكارا وافتراضات قديمة عن أدوار النساء تجاوزها الزمن وتجاوزتها المجتمعات الحديثة.
ووجهت دعوة للنساء المصريات، لكل من اصطدمت بتعليمات أو قوانين ظالمة في تعاملها مع مدرسة أطفالها، أو مؤسسات الدولة، أو البنوك، أو المحاكم، لأن ليس لديها حق الولاية على نفسها وأولادها، بمشاركة حكايتها ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي “لكي نسلط الضوء على الآثار المترتبة على هذا الوضع الظالم ولكي نصحح المسار من أجل إصدار قانون أحوال شخصية يليق بمصر والمصريين”.
وعقب ذلك، عمدت سيدات مصريات إلى تسجيل حكايتهن على مواقع التواصل الاجتماعي رفضا للوصاية المجتمعية، وللمطالبة بالحصول على حق الولاية على أنفسهن وأطفالهن.
وتحت هشتاغ “الولاية حقي”، الذي تصدر قائمة أكثر الوسوم تداولا على مواقع التواصل الاجتماعي، تحكي الناشطة أسماء عبد الحميد، كيف تعرضت للخطف مع صديقتها بسبب محاولات الجيران فرض الوصاية الاجتماعية عليهما واستغلالهما جنسيا.
وكتبت على صفحتها على “فيسبوك”: قبل عامين كنت في حفل غنائي مع إحدى صديقاتي، وعدنا إلى المنزل الذي كنا نستأجره في إحدى المناطق الشعبية في الساعة الثانية صباحا بعد أن قام أحد أصدقائنا بتوصيلنا إلى المنزل لتأخر الوقت، ولم نكد ندخل الشقة، حتى فوجئنا بعشرات الأشخاص من الجيران يقومون باقتحام الشقة واحتجازنا في إحدى الشقق في العقار الذي نقطن فيه.
وتابعت: ظللنا محتجزين حتى التاسعة صباحا وحاول أحد الجيران الاعتداء علينا، قبل أن نخدعه ونوهمه أننا سنقبل ما يريد بشرط أن نتقابل خارج العقار، وأصبحنا مشردين بلا سكن بسبب محاولات البعض فرض الوصاية الاجتماعية علينا واستغلال هذه الوصاية للاعتداء علينا.
الحقوقية مزن حسن، قالت: طوال الوقت علاقتي متوترة بالذكور داخل عائلتي، غالبا ما وصفوني بصاحبة التصرفات الغريبة – محاولة منهم لعدم إحراج أمي بوصفي بصفات غير أخلاقية من وجهة نظرهم – لم لا ؟ فقد ألصقت بنفسي صفة النسوية واتخذت مسارا في حياتي العامة والشخصية لم يعجبهم .
وأضافت: ومن ثم انخرطت في العمل العام وأكملت رحلة اغترابي عندما منعت من السفر، ولم يمنع أحد من أفراد أسرتي من الذكور معي، ومع المقترحات الجديدة لقانون الأحوال الشخصية ستصبح لهؤلاء سطوة علي ليثبتوا أنهم على حق عن طريق منعي من التصرف.
وزادت: ماذا لم تزوجت، ولكن لم ارتبط بشخص ساندني في العديد من اختياراتي بل على العكس أتى أحدهم ليقول لي يوما كيف لم استشره قبل أن أتخذ قرارا يخص حياتي فقط، لو كنت زوجته وهذا المشروع أصبح واقعا لكانت له سلطة علي ليثنيني عن قراراتي.
واختتمت: استقلال النساء في مجتمع يرانا على خطأ لأننا مختلفات أمر ندفع ثمنه وحدنا، لا نحتاج لقوانين تعطي لرجال صادف أنهم من عائلتنا أن يتحكموا فينا، أنا ولية أمر نفسي، لا أحتاج لولي لنكون.
وخلال الأيام الماضية، أثار مشروع قانون الأحوال الشخصية الذي يناقشه البرلمان تمهيدا لإقراره جدلا واسعا في مصر، حيث تضمن مشروع القانون بحسب منظمات حقوقية نسوية، أن المرأة لا تستطيع عقد زواجها مهما بلغت من السن أو المكانة العلمية، كما لم يعترف القانون بحقها في اختيار زوجها، وأباح لأي ذكر في العائلة فسخ عقد زواجها استناداً إلى عدم التكافؤ.
شاركت عبير كمارا قصتها من خلال الهاشتاغ وكتبت: تفاصيل كثيرة ربما لا أريد أن أتذكرها واجهتني كأم منفصلة ثم مطلقة، منذ أن كان ابني لديه 18 شهرا وتوليت مسؤوليته، ولكن سأذكر موقفا واحدا حدث منذ 6 سنوات يوضح مدى المهانة التي تعاملنا بها الدولة وقوانينها وموظفوها في موضوع الولاية.
وأضافت: أعمل مدرسة ثانوي، حصل ابني على الثانوية العامة بتفوق، كان عليه أن يدخل الكلية في مدينة أخرى، أحضر استمارة المدينة الجامعية، وقعت استمارة الضامن بتحمل التكاليف بعد ختمها بختم النسر من عملي، ورفضها موظف المدينة الجامعية، وعلى نفس الاستمارة أضاف زميل لي في العمل توقيعه فقبلها نفس الموظف، مع كوني موظفة حكومية، بما يعني أن لي دخلا ثابتا ولن أخل بواجباتي في دفع التكاليف، وأبو ابني وزميلي في العمل لا يتحملون تكاليف ابني، وأنا التي كنت أدفع التكاليف شهريا، ولكن الموظف كره توقيع امرأة على أوراق رسمية.
الصحافية المصرية منى سالم تروي من خلال الهاشتاغ: عام 1998 كان زوجي مسجونا في قضية سياسية، واكتشفت أثناء وجوده في السجن أن ابنتنا بحاجة إلى جراحة في العمود الفقري وكان لدي تأمين صحي يتيح لابنتي أن تجري هذه الجراحة الدقيقة في الخارج، وهنا ظهرت المشكلة، لا استطيع إصدار جواز سفر لابنتي لان والدها يجب أن يوقع شخصيا بالموافقة أمام ضابط الجواز، ولم يكن ذلك ممكنا لأنه في السجن.
وأضافت: أمضيت شهرا في محاولات وتوسلات إلى كل من أعرفه حتى تمكنت من حل المشكلة، وذهب موظف إلى السجن ليحصل على توقيع زوجي والتيقن من موافقته على إصدار جواز السفر، وكان هذا بالطبع استثناء شكرت الله عليه. وتساءلت: لماذا يستطيع الأب إصدار جواز سفر للأبناء دون موافقة الأم ولكن الأم لا تستطيع بدون موافقة الأب؟ لا يمكن قبول استمرار هذا التمييز وحرمان المرأة من حق الولاية على أولادها وبناتها.
مئات الحكايات دونتها سيدات مصريات على مواقع التواصل الاجتماعي تكشف معاناتهن بسبب نظرة المجتمع للمرأة التي تعيش بمفردها وقوانين ترفض ولايتها على نفسها أو أطفالها.

*المصدر: القدس العربي
1