أحدث الأخبار
الجمعة 05 كانون أول/ديسمبر 2025
«البشعة»: لحس النار لاختبار الصدق يثير الجدل في مصر!!
بقلم :  تامر هنداوي ... 05.12.2025

القاهرة : «لحس النار لاختبار الصدق»، أو «البشعة» كما تعرف في مصر، وسيلةٌ ما زال يعتمد عليها الكثيرون خاصة فيما يعرف بقضايا الشرف.
فيديو لفتاة مصرية وهي تخضع لاختبار «البشعة» لكشف الكذب، أثار ردود فعل واسعة.
والبشعة، هي طقس له جذور تاريخية في بعض القبائل العربية، تقوم على استخدام أداة معدنية تشبه الملعقة الكبيرة يتم تسخينها حتى تصبح حمراء من شدة النار، وبعدها يتم لعقها من قبل الشخص المدعي، وخلال هذه الفترة يقوم المُبشع بدور المحقق، فيتحدث إلى المتهم طالباً منه إظهار الحقيقة، ومُظهراً له مدى خطورة حرق النار للسانه، ويطلب منه إظهار لسانه إلى الحاضرين، وبعدها يتم لعق البشعة ثم ينتظر الجميع بضع دقائق، ثم يطلب المبشع من المتهم مد لسانه مرة أخرى أمام الحاضرين، فإذا ظهرت البثور على لسانه فإن ذلك يعني أنه مدان أو كاذب، وإن ظل لسانه سليما فهذا يعني أنه بريء من التهمة المنسوبة إليه.
ظهرت فتاة تدعى بوسي في مقطع فيديو وهي ترتجف خوفاً، وتؤكد أنها بريئة ولم ترتكب اثماً، ويظهر في حوار المبشع معها، أن زوجها اتهمها بأنها فقدت عذريتها قبل الدخول عليها، في وقت تقول إنه هو من أفقدها عذريتها.
المبشع الذي لم يظهر سوى صوته وذراعه يحمل البشعة ويضع عليها قطعة من الورق التي تشتعل فوراً وتتحول إلى قطعة من الرماد، قبل أن يخبر البنت إنها حال تراجعها ستكون حكمت على نفسها بأنها مذنبة.
تستجيب الفتاة وهي ترتجف وتخرج لسانها ليضع الشخص البشعة عليها 3 مرات، قبل أن يُسمح له بالمضمضة بالمياه، ثم يطالبها بإظهار لسانها ليعلن براءتها، فتغرق الفتاة في نوبة بكاء، وتطلق والدتها الزغاريد احتفالا ببراءتها.
**فيديو لفتاة تخضع لها بعد اتهامها بالخيانة الزوجية
أثارت الواقعة ردود فعل واسعة، وكتب النائب باسم كامل على صفحته على الفيسبوك: انتشر خلال الساعات الماضية فيديو صادم لممارسة اسمها «البشعة»، يتم فيها الاعتداء على سيدة بحجة إثبات شرفها. المشهد كله مهين ومؤلم، ويمثل تراجعاً خطيراً عن أبسط معايير الكرامة الإنسانية واحترام الجسد.
وأضاف: ما رأيناه ليس مجرد تصرف فردي ولا عادة قديمة، هذا انتهاك واضح للحق في السلامة الجسدية، واعتداء يتم خارج القانون وبعيد تماماً عن الطب والمعايير الإنسانية. مصر دولة مؤسسات، وفيها المجلس القومي للمرأة ودوره حماية حقوق المصريات، والمجلس القومي لحقوق الانسان ومسؤوليته مواجهة أي انتهاك يمس كرامة المواطنين، ومن غير المقبول أن تمر الواقعة مرور الكرام.
وطالب بفتح تحقيق فوري وتحديد المسؤولين عن الحادث ومحاسبتهم بشكل واضح، مؤكداً أن التطبيع مع هذا النوع من الممارسات أخطر من الفعل نفسه، وأن حماية النساء ليست رفاهية، واحترام كرامتهن واجب على الدولة والمجتمع، وأي تساهل في حوادث مشابهة يفتح الباب لمزيد من الانتهاكات، مشدداً على أن كرامة المصريات خط أحمر، ولا يجوز المساس بها تحت أي مبرر.
الشيخ محمد أبوبكر جاد الرب، إمام وخطيب في وزارة الأوقاف، حذّر من اللجوء إلى «البشعة» لإثبات الحقوق أو نفي التهم، قائلاً، في مقطع فيديو بثه عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك»، إن اللجوء إليها يُخرجُ المُسلم من الملّة ويُعدُّ شِركاً بالله، حتى وإن كان الشخص يصلي ويصوم، مبيّناً أن انتشار الظاهرة بين الناس هو كارثة، فهي لا دين ولا أخلاق ولا مروءة.
وشدد على أن البشعة شركٌ وخروجٌ من الملة والإصرار عليها خروجٌ من الملة، قائلا: «أقسم بالله البشعة شِرك، البشعة خروج من الملة، البشعة كفر بالله سبحانه وتعالى، الإصرار عليها مصيبة سوداء… أنت تخسر دينك».
لكن هشام ربيع، أمين الفتوى في دار الإفتاء اعترض على فتوى الشيخ أبوبكر، قائلا أنه «مع الإنكار الكامل لموضوع البشعة، والتحذير منها، والقطع بحرمتها، والتأكيد على أنَّها من الطُّرُق السيِّئة التي لا أصلَ لها في الشرع، إلَّا أن إطلاق كلمات (الكفر، الشرك، والخروج مِن الملة) لا أظنه سديداً في تلك المسائل، فكما أَن الحكم على الأشخاص له ضوابطه، فإن الحكم على الأفعال له أصوله وقواعده، وإطلاق حكم «الشرك» أو «الكفر» على فعلٍ ما، أمرٌ جلل لا يبنى على غيرة مُجردةٍ أو حماسٍ عابر.
وكان شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، حسم رأي الشرع في مسألة «البشعة»، مؤكداً أن ليس لها أصلٌ في الشرع في إثباتِ التُّهَمِ أو مَعرِفة فاعِلِها، والتعامل بها حرامٌ ولا يجوز شرعاً، لِمَا فيها مِن الإيذاء والتعذيب، ولمَا فيها مِن التَّخَرُّص بالباطل بدعوى إثبات الحَقِّ.
وأضاف في بيان فتواه عبر بوابة الدار الرسمية: إنما يجب أن نعمل بالطرق الشرعية التي سنّتها لنا الشريعة مِن التراضي أو التقاضي، مستهدين بقول النبي محمد: «البيّنة على من ادّعى واليمِين على مَن أنكر» رواه الدارقطني، فقد رسمت لنا الشريعة السمحة طرق المطالبة بالحق وإثباته، أو نفي الادعاء الباطل، وهذا ما يجب على المسلمين أن يتمسكوا به دون سواه مِن الطُرق السيئة التي لا أصل لها في الشر، فإن الشرع لم يجعل إثبات التُهم منوطاً بغيرِ ما رتّبه طريقاً لإثباتِ ذلك مِن إقرار أو بينات أو نحوها.
*القدس العربي

1