أحدث الأخبار
الثلاثاء 24 كانون أول/ديسمبر 2024
بلا دين.... بلا هوية!!
بقلم : مها صالح ... 16.10.2018

عندما تقوم بجولة بين أروقة السياسة وتدخل في دهاليز عقول السياسيين تجد أنهم مثل الدمى المتحركة بلا إرادة وبلا طهارة فكرية بعد أن سمحوا بأن تتلوث عقولهم بالتبعية العمياء التي ضلت الطريق. قيل ويقال بان السياسة لا دين لها، لكن لنا أقول بأن السياسي هو من وضع وجود الإنسان بلا عنوان وبلا دين وبلا هوية. السياسة لعبة الامم التي تخلو من حتى الاخلاق الإنسانية والمبادئ السوية طالما ارتضينا للاعوجاج وصفقنا للباطل وأكملنا المسير بهذا النهج الذي ضل الطريق وضلل الشعوب.
هذا الموضوع قد يكون مستهلكا بلا قيمة الآن لكن في كل مرة نصطدم فيها بخبر يصعقنا من جديد ويبعث فينا الغضب من جديد لأسباب قد تبدو جلية او خفية لكن يعلمها جيدا الساسة وأصحاب القرار. الى متى سنبقى أمة تباع وتشترى؟ الى متى سنبقى أمة اغرقتها الأنظمة العربية بالأزمات الاقتصادية المتعاقبة التي أنهكت المواطن وجعله لا يفكر الا ماذا سيطعم أطفاله وكيف يأمن قوته وتناسى حقه في الوجود الكريم في الحياة؟ الا متى سنبقى أمة صماء ترى الباطل وتشعر بالظلم وتتذوق المرارة لكن بلا حراك؟ الى متى سيكبر الطفل ويموت الكهل ولم ينتصر للعدالة الالهية؟ الى متى سيبقى الخذلان هو المسيطر على المشهد والمتربص بثنايا حياتنا اليومية ؟
أسئلة أطرحها للقارئ البسيط وللساسة على أن أجد مبررات تجعلني أقدر أن أمضغ هذا الضعف والهوان الذي يتملكنا بلا هوادة. أسال ليس لمليء فراغ عالم أصبح رقمي لكن ضاعت فيه الارقام. عالم ذكي لمستخدم لا يفقه ألف ياء الحياة. انسان ضاعت هويته برحى نظام عربي قمعي تابعا وليس متبوعا آخر همه الإنسان. تساؤلات قد لا تجد في الكثير من الأحيان لفتة عربية تضعنا في خانة كبار الأمم وليس صغارها.
طرحي هذا ليس مبنيا على نظام بعينه أو أشخاص معينين بل على ظاهرة أصبحت شمولية في وطن عربي لا يجمعه فقط لغة الضاد بل لغة الانكسار والضعف العام. عالم تنسب النجاحات والانجازات لأفراد وليس لنظام مؤسساتي او حكومي لا يرى بمجهر المنظار العالمي ومنسوب قياس رفعة وتطور الأمم كما هو متعارف عليه. عالم ضيعت فيه السياسة ولعبتها القذرة حق الإنسان في التعبير عن رأيه، حق الانسان في أن يعيش شريفا ونبيلا، حق الانسان في أن يحلم بغد أفضل له ولأولاده والأجيال اللاحقة. حقه في أن ينتفض للظلم وينتصر للحق. حقه في أن يكون إنسانا غير مهترىء من قوانين جائرة.
عندما نقرأ في فلسفة الفيلسوف الألماني " فريدريك نيتشة" في السياسة والحياة يقول بأن الصالح هو القوي والغالب وأن الفاسد هو الضعيف والمغلوب وأن الأخلاق الصالحة هي أخلاق الأسياد والأشراف ويرفض نيتشة أي أخلاق تحد من حرية الإنسان, أين نحن من هذا الفكر السوي الذي يقود حتما الى بناء مجتمع عادل وموزون غير مشوه بفكر راديكالي متطرف لإرضاء الخصوم على حساب كرامات الشعوب وحرياتهم. صبغة مجتمعنا العربي يغلب عليه الجنون الغبي الذي غيّب الشعوب عن فهم الحقيقة والواقع المعاش بكل تفاصيله وليس الجنون الذي يساهم على الابتكارالفعال والايجابي الذي تقمعة الأنظمة في مهده حتى لا يؤدي الى التحرر من التبعية العمياء التي تفرضها أجندات خارجية مشبوهة, والازدهار الذي يوصل الشعوب الى رفعة الأمم.
"لا صوت يعلو فوق صوت الحق, والانسان أغلى ما نملك" هذه شعارات رنانة تراها في كل حارة وشارع في المجتمع العربي يأيدها المسؤولين لامتصاص الغضب ولدغدغة المشاعر, لكن تجد في هذه الكتابات خربشات على الجدران من فئة الشباب الذين يزدرون ما يحصل لهم من كبت الحريات وتضييق الخناق عليهم وإرهاقهم بالغلاء المعيشي والبطالة والتي سببها الأساسي "السياسة" ومخرجاتها والتي أفقدت الشعوب إيمانها بالوطن وغدوا بلا دين وبلا هوية, لكن ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل وكما قال الثائر مارتن لوثر كينج " إن لم تستطع الطيران فاجري, وإن لم تستطع الجري فامشي, وإن لم تستطع المشي فازحف, أيا ما كنت فاعلا عليك الاستمراربالتحرك نحو الأمام" وانا أدعو دائما إلى نبذ الاستسلام للخطأ لأنه خطيئة.

1