أحدث الأخبار
الثلاثاء 18 حزيران/يونيو 2024
النساء الحوامل يواجهن الإهمال وغياب الرعاية في مخيمات إدلب!!
بقلم : سونيا العلي ... 14.06.2024

تعاني النساء الحوامل في مخيمات إدلب شمال غربي سورية من أوضاع صحية صعبة بسبب الفقر وانعدام أساسيات الرعاية الصحية والنظافة الشخصية، والعجز عن تأمين غذاء ودواء. ويواجه بعضهن مخاطر تؤدي إلى الوفاة.
تقول النازحة نهال الأسعد (26 عاماً) لـ"العربي الجديد": "أجهضت جنيني في الشهر الخامس لأنني لم أستطع أن أزور طبيباً خلال فترة حملي بسبب بُعد المخيم الذي أعيش فيه عن المراكز الصحية، وانعدام الخدمات الصحية في المخيم، وأنا لا أملك المال الكافي لتغطية تكاليف التوجه إلى عيادات أو مستشفيات خاصة. ودفعني ذلك إلى تحمّل أعباء مضاعفات الحمل، والاستعانة فقط بغلي الكمون مع البابونج عند شعوري بآلام الحمل والمغص".
وتوضح أن طبيبة أخبرتها أن سبب الإجهاض هو ارتفاع الضغط الحملي لديها من دون أن تعلم بحالتها. وتقول: "كانت مراجعة المركز الصحي متعبة جداً إذ تطلبت اجتياز مسافة طويلة للوصول إلى المركز، ووسائل النقل غير متوفرة وتكلفتها مرتفعة".
وتؤكد أن "الوضع العام داخل المخيم غير ملائم للنساء الحوامل بسبب غياب العناية بهن قبل الإنجاب وبعده. وتحصل غالبية حالات الولادة فيه على أيدي قابلة وحيدة تسكن في موقع قريب، وفي مكانٍ غير مؤهل لتنفيذ أي تدخل طبي. أيضاً يشهد المخيم اكتظاظاً ويفتقر إلى الخدمات الصحية الأولية، كما يعاني من شح الخدمات الأساسية، وبينها المياه النظيفة والصرف الصحي المناسب، ما يؤدي إلى انتشار الأمراض، ويحمّل النساء مسؤوليات مجهدة ومهمات مضاعفة".
أيضاً لم تزر مرام السويد (31 عاماً)، النازحة من مدينة كفرنبل إلى مخيم كفر بني شمالي إدلب، طبيبة نسائية إلا مرة واحدة خلال فترة حملها، ولم تستطع بعد هذه الزيارة أن تشتري الأدوية التي وصفتها لها من أجل ضمان سلامة الحمل. وتقول لـ"العربي الجديد": "زوجي عامل مياومة يتقاضى أجراً بسيطاً يسمح بالكاد بتأمين مستلزمات الحياة الأساسية للأسرة التي تضم خمسة أفراد".
تضيف: "وُلدت طفلتي هزيلة ومصابة بسوء تغذية، ما عرّضها لمخاطر الإصابة بالأمراض. يحاول زوجي تأمين ثمن الحليب الذي تحتاجه الطفلة، لكننا لا نستطيع شراءه في معظم الأحيان، ولا قدرة لنا على الوصول إلى مراكز صحية قريبة تؤمن التغذية العلاجية للأطفال".
وكانت سميرة الجانودي (38 عاماً)، النازحة من مدينة معرة النعمان إلى مخيم عشوائي في جبال كللي شمالي إدلب، فارقت الحياة بعد ولادة متعسرة في فبراير/ شباط الماضي. وتقول والدتها: "عانت ابنتي من حمل قاسٍ، وأخبرتنا طبيبتها أن حالتها ضمن حالات الحمل الخطرة لأنها كانت تعاني من فقر دم حاد ونقص في الفيتامينات، وكانت تعتمد على مقويات وأدوية لمحاولة تمضية أيام الحمل، لكن أعراض الحمل تضاعفت وزادت حالتها سوءاً خلال الأشهر الأخيرة من حملها، وبدأ شعور الخوف يؤثر في نفسيتها. وأثناء الولادة أصيبت بنزيف أدى إلى وفاتها".
وتتحدث الطبيبة النسائية عائشة المطر (33 عاماً) من مدينة إدلب لـ"العربي الجديد" عن معاناة النساء الحوامل في المخيمات، وتقول: "الفقر وانعدام الدخل والظروف المعيشية الصعبة وصعوبة الوصول إلى مراكز الرعاية والخدمات الصحية من الأسباب الرئيسة لعدم استقرار صحة النساء والأطفال في مخيمات النزوح، وحدوث مضاعفات تتسبب في وفيات في أحيان كثيرة".
تتابع: "نقص التغذية وفقر الدم من أوسع المشاكل انتشاراً بين النساء الحوامل، فمعظم وجبات الطعام تقتصر على الخبز والحبوب، ما يتسبب بأمراض سوء التغذية، ويعرض الأم لجفاف حليبها بعد الإنجاب فتصبح غير قادرة على إرضاع طفلها. أيضاً يحتمل حصول ولادات مبكرة وأن يعاني الأطفال من تقزّم. وتصاحب أمراض المرأة الحامل من بداية حملها حتى الولادة، مثل ضغط الدم وارتفاع السكر، وقد تصاب بجلطات".
وتشير المطر إلى أن "معاناة النساء ما بعد الولادة ترتبط بعدم وجود إمدادات طبية أو مقدمي رعاية صحية لمتابعة حالات النساء، كما أن الظروف البيئية غير الصحية التي يعاني منها معظم النازحين تنشر الأمراض والعدوى بشكل واسع".
وتشدد على ضرورة توفير خدمات الرعاية الصحية للحوامل وحديثي الولادة في المخيمات، منها الفحوصات الطبية الدورية والتشخيص المبكر لأي مشاكل صحية، وتقديم الرعاية والتغذية اللازمة خلال فترة الحمل والولادة وبعدها.
وفي حديث سابق لـ"العربي الجديد" قالت الطبيبة النسائية نور الجندي إن "لا حلول جذرية تنهي أمراض سوء التغذية، وتمنع انتشارها في إدلب، مثل توفير أغذية متكاملة وصحية للنازحين في المخيمات، وبكميات كافية.
وعموماً تعاني بين 75 و80% من العائلات في سورية من فجوة كبيرة بين الدخل والإنفاق الذي يهدف إلى تلبية الاحتياجات الأساسية. وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أفاد بأن 8% من النساء الحوامل والمرضعات مصابات بسوء تغذية، في حين يعاني ثلاثة من كلّ عشرة أطفال شمال غربي سورية من "تقزم".
ومع استمرار الحرب والنزوح واستمرار تقليل المساعدات لا يزال أكثر من مليوني شخص يقيمون ضمن المخيمات في شمال غربي سورية، من بينهم 604 آلاف من النساء. ويتحدث فريق "منسقو استجابة سوريا" عن أن أكثر من 87% من المخيمات تعاني من انعدام النقاط الطبية والعيادات المتنقلة، وهناك صعوبات في نقل المرضى إلى مستشفيات مجاورة، علماً أن الحالة المادية لغالبية النازحين سيئة جداً، ولا قدرة لهم على تأمين العلاج اللازم لأي حالة طبية من دون استثناء.

**المصدر : العربي الجديد
1