أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
السقوط الأخير!!
بقلم : مها صالح  ... 18.01.2019


العقد العربي وقد انفرطت حباته واحدة تلو الأخرى بحجة المحافظة على المصالح والعلاقات الدولية مع "الشريك" الذي باعتقادهم اصطفاه الله على بني البشر بأكذوبة صدقها فقط العرب. انفرط العقد برضا وحب لان المستفيد كيان لا يألو جهدا بأن يمرر خططا ومؤامرات ليبقى هو متصدرا للمشهد العالمي وحالة الاستعطاف العالمي التي يقودها بخطى ممنهجة وثابتة للحفاظ على وجوده وكيانه ويثبت أقدامه في أرض مهدت له الانظمة العربية بقائه فيها الى الآن. انفرط العقد وسقطت معه جميع الاقنعة التي كانت تخفي خلفها التماهي والانجذاب لهذا الكيان وبات المجاهرة بالتحدث عن إنشاء علاقات علنية أمرا عاديا بل أقل من عادي. انفرط العقد وانقطع الخيط الرفيع الذي كان يلملم شتات أمة بشيء من الحياء محافظة على شعور من هجر ورحل ومات ودفن وغرق وسجن واستعبد. فرط العقد وهل بعد الشتات يجتمع أصحاب القرار لبرهة والنظر قليلا ماذا فعل غياب ضمائرهم وتهجير عقولهم؟
العهد القديم مشابها للعهد الحديث ،لكن الفارق كان الأمر كله يخطط له من تحت الطاولة والآن فوق الطاولة وتحت ضوء الشمس والقمر ضاربين بعرض الحائط شعبا هجر وما زال ينتظر على الحدود وفي مخيمات الشتات وقت العودة. الأمة العربية اللا عروبية أمة ضحكت من جهلها الأمم، الفكر الصهيوني يخطط لمئة عام الى الأمام وهم أعادونا مئات السنين الى الوراء بقرارات رعناء هوجاء صماء لا تسمع لمناداة الشعوب الحية بالحرية والعدالة والعيش الكريم. انهزم العرب سياسيا بكل شيء الا بالتملق والاستجداء "لشعب الله المختار" والرجل الأبيض لبناء علاقات ومصالح ظاهرها شيء وباطنها يخفي أشياء قد تنتهي بسقوط آخر معاقل الشرفاء وما بني على باطل فهو باطل. ما بنى على مؤامرات ضد أبناء جلدتك سينتهي على خراب ودمار لن تلملم أشلاؤه بكبسة زر ولا بقرار سيادي ولا بمعجزة إلهية.
عشنا وما زلنا على أمل العودة وكلما تقدمنا خطوة الى الامام بفعل حجر ثائر نهض من بين الركام أو أن يكون بمقلاع أو بطن جائع أو جسم يتطاير ليسابق الحرية فوأدوا الثورة في مهدها واغتالوا نشوة الانتصار بحجة "مكافحة العنف ". أي عنف يتحدثون عنه في زمن أصبح من يدافع عن أرضه متمردا وقاتلا وهم من قتل فينا حب الحياة، لكن لم ولن يقتلوا فينا عشق الارض لأنها الحياة بعد الموت. كيف لازدواجية المعايير أن تكون هي الميزان الاعرج الذي به يحكمون ويقررون. كيف لألم فراق يكبر فينا كل يوم بسببهم أن يكون نبيذهم وبه يسكرون؟ كيف لشمسنا أن يطفئها من سرقونا وعاثوا بإرثنا الفساد ويسمونه سموا ورفعة. كيف لأسماء مدننا أن تكون مستعارة ومغموسة بحروف طاغية! كيف للشجر والحجر أن يسجنان بأسوار ارتفع فيها القبح ومخاض الآلام! كيف لأمة أن تصمت صمت القبور، ولا تسمع كلمة حق ارادوها زوبعة في فنجان!
قال الثائر المتمرد "تشي جيفارا": إنّ حبي الحقيقي الذي يرويني هي الشعلة التي تحترق داخل الملايين من بائسي العالم المحرومين.. شعلة البحث عن الحرية والحق والعدالة. شعلة لمن أراد أن يكون طريق النضال هو المنارة والمسبار، شعلة لمن ضل الطريق لكنه قرر الرجوع. شعلة لن تحرق بلهيبها سوى المتخاذل والجبان، القاتل والمتربص الجوعان. كفانا زهوا بانتصار كاذب قرره المستبد وجيره المستفيد وفرح به الابله العنيد. كفانا خداعا وتصغيرا لعقول سلمت الراية وأعلنت الضياع بقالب عروبي فارغ، كفانا غدرا لشهدائنا وأسرانا ولمن هم خلف ظل مستتر لكن مفضوح. كفانا ضياعا على الرغم نحن أسياد العلم ومن رسم خارطة الدول لكن ليس خارطة من ضل الطريق.
قالها رسام الكاريكاتير المعروف "ناجي العلي ": أخشى أن تتحول العمالة إلى وجهة نظر. هي لم تتحول فقط بل تفاعلت وتحللت والآن معمول بها كنظام حياة لمن فقد الحياء وأصبحت دستورا تحت عدة مسميات كالمحافظة على السلم العالمي، التنسيق الامني، إحلال السلام في المنطقة، وغيرها مما أجازوه لنا لنسكت ونقول آمين. هذا الهوان العربي لا يوجد له أي مسمى آخر سوى السقوط الأخير لما تبقى من
الكرامة العربية ولم يبق إلا أن تكفن ويصلى عليها وتدفن مع الأموات. تعودنا أن نكتب عن القضية الفلسطينية، لكن الآن كل بلد عربي معني بكل حرف. مخطط بني صهيون دولة إسرائيل من البحر الى النهر وقد أينعت رؤوسها وحان قطافها. بلادي وإن جارت عليّ عزيـزة وأهلي وإن ضنّـوا عليّ كرام.

1