الوضع القانوني لفلسطينيي القدس:
بعد هزيمة الجيوش العربية عام 1948 وإعلان قيام دولة الاحتلال التي سيطرت على 77% من أرض فلسطين التاريخية بما فيها غربي القدس، أعلن الأردن قراراً يقضي بتوحد الضفتين وبالتالي ضم شرقي القدس إلى دولته وذلك في كانون الأول 1949، وحل بموجب هذا القرار البرلمان لإجراء انتخابات برلمانية في الضفتين.
على أثر الانتخابات صدر قرار أردني رسمي في 24 نيسان 1950 يقضي بضم الضفة الغربية إلى المملكة الأردنية، ونُفذ القرار في 27 من الشهر نفسه، وفي عام 1959 أعلن الأردن أن القدس هي العاصمة الثانية للمملكة الأردنية.
على أثر حرب حزيران 1967 أكملت دولة الاحتلال احتلالها للقدس وأعلنت في 11/6/1967
قراراً ضمت فيه الضفة الغربية بما فيها القدس إلى كيانها، وأصدر الكنيست والحكومة الإسرائيلية ووزير الداخلية في 27/28 حزيران 1967 عدة قرارات جعلت شرقي القدس وغربيها مدينة موحدة، وهكذا أصبح شرقي القدس بحدوده الموسعة خاضع لقانون دولة الاحتلال وقضائها وإدارتها.
لكن ضم شرقي القدس إلى دولة الاحتلال لم يصحبه ضم للسكان، حيث بقي السكان في شرقي القدس يحملون الجنسية الأردنية، وبعد ذلك قررت دولة الاحتلال منح بطاقات إقامة إسرائيلية للسكان الفلسطينيين عُرفت بـ "الهوية الزرقاء" تسمح لهم بموجبها بالإقامة الدائمة في القدس، وبالتالي أصبح سكان شرقي القدس مواطنين أردنيين مقيمين بشكل دائم في دولة الاحتلال، وأصبح منح تصريح الإقامة الدائمة بالقدس متروك لوزير الداخلية الإسرائيلي وممثلي أجهزة الأمن التي تبحث في طلبات الإقامة الدائمة وتقدم توصياتها له.
حقوق حملة البطاقة الزرقاء:
1- يحق لحملة البطاقة الزرقاء المشاركة في الانتخابات البلدية للقدس، ولا يحق لهم المشاركة في انتخابات الكنيست.
2- يحصل حامل البطاقة الزرقاء على وثيقة سفر عند مغادرته لدولة الاحتلال وعودته إليها، ومدتها سنة قابلة للتمديد سنة أخرى، ولا يحق له الحصول على جواز سفر.
3- يحتاج حامل البطاقة الزرقاء إلى تأشيرة دخول وتصريح إقامة في حال أراد زيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، وفي حال الشك في أن خروج الشخص قد يمس بأمن الدولة يمنع من مغادرة القدس.
4- لا يحق له السفر إلا من خلال مطار بن غوريون أو من خلال معبري اللنبي ودامية.
5- أما فيما يتعلق في الضرائب والتخطيط والبناء ومخصصات التأمين الوطني، فلا فرق بين المواطن الإسرائيلي والمقيم الدائم.
6- بالنسبة للعمل في سلك الدولة تعتبر الجنسية الإسرائيلية شرطاً للتوظيف، ولكن يتيح القانون تعيين شخص في خدمة الدولة بواسطة عقد خاص، وباستثناء العمل في سلك الدولة، لا يعتبر القانون الإسرائيلي الجنسية شرطاً للعمل.
الأسباب التي تقضي سحب البطاقة الزرقاء:
حددت أنظمة الدخول إلى دولة الاحتلال لسنة 1974 الشروط والظروف التي ينتهي فيها مفعول تصريح الإقامة الدائمة أو البطاقة الزرقاء، فالمادة11 فقرة (ج) من الأنظمة المذكورة نصت على أن مفعول تصريح الإقامة الدائمة ينتهي إذا اشترط الوزير استمرار سريان التصريح بتوفر شرط معين ولم يتوفر، أو "إذا أدخل تغيير على على التأشيرة التي يلازمها التصريح من قبل شخص غير مخول"، أو "إذا غادر حامل التصريح إسرائيل واستقر بدولة أخرى"، والاستقرار بدولة أخرى تحدده المادة 11- أ من أنظمة الدخول إلى دولة الاحتلال كالتالي:
1- بقي خارج حدود دولة الاحتلال لمدة سبع سنوات على الأقل.
2- حصل على تصريح إقامة دائمة في دولة أخرى.
3- حصل على جنسية أخرى بطريقة التجنيس.
الإقصاء بحجة "عدم الولاء لدولة إسرائيل":
قامت دولة الاحتلال منذ العام 1967 حتى عام 2014 بسحب 14481 بطاقة من المقدسيين حسب تقرير توثيقي صادر عن مؤسسة القدس الدولية تحت حجج وذرائع واهية أبرزها عدم الولاء لدولة "إسرائيل" ، وإن كانت حقيقة القرارات تنبع من إرادة الاحتلال لتهجين المقدسيين وإبتزازهم لجعلهم خاضعين لإرادة وإملاءات الاحتلال، وبالتالي كل من يقوم بفعل مقاوم فمصيره سحب الإقامة وبالتالي يصبح وجوده في القدس غير شرعي لأن قانون دولة الاحتلال ينص على أنه يحق للدولة سحب البطاقة الزرقاء من الأشخاص الذين يهددون أمنها، علمًا أن الاحتلال لا يحتاج إلى ذرائع لتنفيذ سياسة الأقصاء والإبعاد كما حصل مع العديد من المقدسيين ومنهم نواب حركة حماس في المجلس التشريعي الفلسطيني، وهم: محمد أبو طير ومحمد طوطح وأحمد عطون إضافة إلى وزير شؤون القدس في الحكومة الفلسطينية المهندس خالد أبو عرفة، الذين قام الاحتلال بسحب بطاقاتهم وإبعادهم عن القدس علمًا أن نواب حركة حماس المقدسيين ليسوا متهمين أو مشتبهين بالقيام بأية أعمال أمنية أو غيرها ضد الدولة، وكان القرار فقط لمنعهم من العمل السياسي.
وقد عمدت دولة الاحتلال منذ اندلاع انتفاضة القدس في 1/10/2015 إلى القيام بجملة من الإجراءات لمواجهة الانتفاضة من بينها "سحب البطاقات الزرقاء "الإقامة"، وشرعت وزارة الداخلية لدى دولة الاحتلال بتطبيق هذا القرار بعد أسبوع من مصادقة المجلس الوزاري المصغر عليه حيث سحبت عدد من البطاقات الزرقاء من عائلات المقاومين المقدسيين الذين اتهمتهم بالقيام بأعمال أمنية ضدها، وبالتالي أصبح وجودهم في القدس غير شرعي الأمر الذي مهد إلى إصدار قرار بإبعاد بعضهم نهائياً عن القدس.
موقف القانون الدولي من سياسة سحب البطاقات الزرقاء:
أكدت لجنة حقوق الإنسان أن هذه السياسات تنطوي على "انتهاك صارخ للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الأمر الذي يستدعي من دولة الاحتلال إلغاء الأمر المؤقت.
ختاماً: إن سياسة الاحتلال المتعلقة بالإقامة والسياسة القهرية التي يتبعها من خلال سحب البطاقات الزرقاء إلى جانب سياسات القهر الأخرى من الهدم والطرد والإبعاد ومصادرة الأراضي لا تزيد من سوء الوضع الإنساني لدى المقدسيين فحسب بل تهدد الوجود المقدسي برمته.
بين القوانين العنصرية والممارسات الإقصائية.. المقدسيون وسياسة سحب البطاقات الزرقاء!!
بقلم : محمد أبو طربوش ... 16.08.2016