أحدث الأخبار
الاثنين 29 نيسان/أبريل 2024
" عَصْبِهْ عَنْ عَصْبِهْ إبْتِفْرِقْ "!!
بقلم : وليد دقه*  ... 10.12.2014

عَصْبَةٌ رُبطت مفروضةً على عيون المعتقلين بقوة إرهاب الدولة. وعَصْبَةٌ رَبَطَها البعضُ على الرؤوس بإرادته مُعْلِناً دولة الإرهاب . الأولى قد تَحُول دون رؤية الأشياء ، لكنها لم تستطيع في حالتنا كَمَنْ عُصِبتْ اعينُهم منذ ثلاثين عاما ، من أن ندرك الأشياء بعقولنا .
فيما العصبة الثانية حَدَّدَتْ الرأسَ لا بصفته يحتوي العقل والتفكير ، وإنما بصفته مجرد أعلى نقطة في جسم الإنسان ، تنفع لتعليق الرايات وأن تُغَطَّي بعمائم ، فأصبحت الراية أهم من الرأس والعمامة تحكم أكثر من العقل ، فألغت التفكير وَشَرَّعَتْ التكفير فغدى الرأس مجرد عضو كالقدمين أو المؤخرة .
في زمن حلت فيه المؤخرة موقع العقل ، واستُهْدِفَ الرأس كعضوِ تفكيرٍ لا مجازاً ، وإنما بقطعه تماماً .. في مثل هذا الزمن لا غرابة أن يطل علينا نائب الأمين العام لأحدى الفصائل اليسارية الفلسطينية بموقف يتبنى به قتل المصلين داخل كنيس اثناء صلاتهم ، مضيفاً أن الكنيس لم يكن مجرد مكان للعبادة وإنما غرفة عمليات !! وما علينا إلا أن نستنتج بأن هذا الكنيس ما هو إلا موقع عسكري والمصلون ليسوا إلا وحدة " كوماندو" تَخَفَّتْ في زي " رجال الدين ".
لا أعرف ماذا تبقى من يسارية هذا الفصيل ، وماذا ابقى بهذه السلفية العلمانية " للنصرة " و" داعش " من تطرف وتغييب للعقل ؟!!!
" تبني " أو " إدانة " عملية قتل المصلين كلاهما توظيف سياسي لعمل أو رَدِّ فِعْلٍ فرديٍّ لم يهدف ولم يقصد منفذوه أن يَجنوا منه نتائج سياسية . لا الذي تبناها قَدَّمَنا خطوةً من أهدافها الوطنية ، ولا الذي أدانها ابعدنا وابعد نضالنا عما هو غير قِيَمِي مُضِرّ إنسانياً ونضالياً واخلاقياً . كلاهما ، التبني والإدانة ، توظيف سياسي يُمَوْضِعُ نقاش الظاهرة بعيداً عن سؤال الإحتلال وممارساته التي أدت إلى مثل هذه الأعمال الإنتقامية ، وتُعفيه من مهمة الإجابة على الأسئلة الصحيحة ، لا سيما عندما نتبرع في الإجابة على الأسئلة الخاطئة بالإدانة أو تبني العملية .
قيادةٌ حقيقيةٌ لا تُقَدِّمُ إداناتٍ حسب الطلب ، ولا تتبنى عملاً لأنه يحظى بتأييد شعبي ويستجيب لمشاعر الانتقام . قيادةٌ حقيقية تتخذ المواقف الصعبة التي لا تحظى بالضرورة لا بتأييد دولي ولا شعبي محلي ، وإنما تشير إلى الطريق . الطريق لا يقل أهمية من الهدف أخلاقياً وسياسياً. الواقع أغنى واكثر تركيباً من القوالب الجاهزة ، ما بين مُؤيد ومُتبني لقتل المصلين ومعارض له ومُدين.
أنا أنتمي لحركة وطنية فلسطينية أنَّبَتْ أعضاءَها ، حتى داخل السجون ، بل وعاقبتهم في بعض الأحيان ، حين استخدموا في نقاشاتهم الداخلية كلمة " يهودي " بدلاً من " صهيوني " ، ولا انتمي لقيادة ترى بكنيس يهودي " غرفة عمليات " وبالمصلين " كوماندو " !!

*أسير سياسي..فلسطين– سجن جلبوع
1