قدّم صندوق هند رجب اليوم الثلاثاء دعوى قضائية جديدة ضد جندي إسرائيلي يقضي عطلة سياحية في الأرجنتين التي تربطها علاقات وثيقة بإسرائيل، سبق أن توّجها الرئيس خافيير ميلي بزيارته إلى القدس المحتلة وإعلانه نقل سفارة بلاده من تل أبيب إليها في فبراير/ شباط الماضي، وذلك تعبيراً عن تأييده الحرب التي تخوضها دولة الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.
وفي الدعوى الجديدة المرفوعة، ذكر صندوق "هند رجب" أن بحوزته أدلة عبارة عن مقاطع مصوّرة تثبت التقاط الجندي ورفاق آخرين له في لواء "جفعاتي" صوراً مع فلسطيني مغطى العينيين واستخدامه كـ"درع بشري"، وأخرى تثبت سرقته ثياباً من بيوت الفلسطينيين، فضلاً عن مشاركته في تدمير البنية التحتية المدنية، من ضمنها حرق بيوت الفلسطينيين، وإعطاؤه أمراً بتدمير بيوت احتمى فيها فلسطينيون. ولفت الصندوق إلى أن الجندي حاول محو الأدلة عن صفحته لدى علمه بتقديم الدعوى.
الاحتلال يحرّض على صندوق هند رجب
وفي محاولة منها للتغطية على الجرائم التي يرتكبها جنودها، وإحباط الدعاوى القضائية التي تُعدُ جزءاً أساسياً في مسار تراجع مكانتها العالمية، خصوصاً على إثر إصدار المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي أوامر اعتقال دولية بحق رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن السابق يوآف غالانت، شرعت السلطات الإسرائيلية في سلسلة من الخطوات، بينها محاولة وصم صندوق "هند رجب" بـ"الإرهاب"، إذا أفردت مواقع إسرائيلية عدّة، في مقدمتها موقع شومريم (الحُرّاس) للتحقيقات الاستقصائية، والمعروف بانتهاجه خطاً انتقادياً ضد السياسات الداخلية للحكومة الإسرائيلية، تقارير مطوّلة حول مؤسسي الصندوق، وهما دياب أبو جهجه وكريم حسّون، اللذان يحملان جنسية مزدوجة (لبنانية، وبلجيكية).
هجوم إسرائيلي على أبو جهجه وحسون
وسائل الإعلام العبرية زعمت على مدار أيام أن أبو جهجه "إسلامي متشدد"، مدعيةً أنه "عنصر في حزب الله"، وذلك بالاستناد إلى مقابلة سابقة له مع إحدى الصحف الأميركية، قال فيها إنه "في بداية الألفيّة الحالية تلقى تدريباً عسكرياً"، لينكر في وقت لاحق بأن له صلة بالحزب أساساً، مع العلم أنه يعيش خارج لبنان منذ أكثر من عقد ونصف. وعلى الرغم من أن أبو جهجه، وهو أحد مؤسسي حركة 30 مارس، أعلن مراراً وتكراراً وقوفه ضد حزب الله، وخصوصاً ضد سياسته الداخلية، استمرت وسائل الإعلام العبرية في اتهامه بـ"الإرهاب"، مستندة كذلك إلى منشورات في صفحته الشخصية عبّر فيها عن تأييده لمقاومة الاحتلال.
ودأب الاحتلال الإسرائيلي على اتهام كل من يناهضه ويكشف جرائم جنوده ويعمل على ملاحقتهم بـ"معاداة السامية" وبـ"الإرهاب"؛ وكذلك الحال بالنسبة لحسون، الذي ينشط هو الآخر ضد الاحتلال في بلجيكا تحديداً؛ إذ اعتبرته "إرهابياً" بالاستناد إلى مشاركته صورة عبّر فيها عن تضامنه مع عميد الأسرى اللبنانيين الذي اغتالته إسرائيل في دمشق سمير القنطار، والذي حُرّر قبل ذلك بصفقة تبادل بين إسرائيل وحزب الله، وإلى منشور آخر ربما كتبه حسون على سبيل التهكّم من السؤال الذي كان يوجهه الإعلاميون الغربيون لضيوفهم على الشاشات "do you condemn Hamas؟"؛ وأولّهم المذيع الشهير بيرس مورغان.
هذه الحملة التي تهدف إلى تشويه من يلاحقون جرائم إسرائيل تكشف توتّر دولة الاحتلال بسبب تراجع مكانتها الدولية على خلفية جرائمها المتواصلة ضد الفلسطينيين. وبدل أن تلجأ دولة الاحتلال إلى فتح تحقيق داخلي، كما كانت تعمد سابقاً لتضليل العالم عبر الزعم باستقلاليّة قضائها، تُقيم اليوم دورات إرشادية لجنودها، إذ تطالبهم بعدم تحميل جرائمهم على الإنترنت، بما يؤكد أنه لا مشكلة لدى سلطات الاحتلال في مواصلة الإبادة، وأن المشكل ألا يصبح توثيق الجنود دليلاً أمام القضاء الدولي.
إلى ذلك، تحوّل صندوق "هند رجب"، الذي أُسس وفاءً لذكرى الطفلة ذات السنوات الست، والتي قتلها الاحتلال مع أفراد عائلتها بعد محاصرتهم بدباباته بينما كانوا في سيارة، ومنع الإسعاف من الوصول إليهم لإنقاذهم، مصدّراً لقلق الاحتلال، خصوصاً بعد تقديمه أدلة إلى المحكمة الجنائية الدوليّة توثّق ارتكاب أكثر من ألفي جندي جرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة، الذي يرزح تحت إبادة متواصلة منذ أكثر من عام. فالصندوق، وفقاً لما ذكرته صحيفة يسرائيل هيوم، اليوم الثلاثاء، قدّم 28 دعوى على الأقل ضد جنود الاحتلال، لمحاكم ثماني دول مختلفة في أنحاء العالم.
ويقدم صندوق "هند رجب" الأدلة لتورط جنود الاحتلال من خلال ما ينشره مرتكبو تلك الجرائم بأنفسهم على شبكات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى مؤيديهم في قنوات على تليغرام.
صندوق هند رجب يواصل مطاردة جنود الاحتلال: شكوى في الأرجنتين!!
بقلم : بيروت حمود ... 07.01.2025
*المصدر : العربي الجديد