أحدث الأخبار
الخميس 25 نيسان/أبريل 2024
قيادي قبلي يهدد بعودة الحرب لشرق السودان… و«الحرية والتغيير» تتهمه باختطاف قرار الإقليم!!
بقلم : ميعاد مبارك ... 03.01.2023

الخرطوم ـ أثارت تهديدات الزعيم الأهلي، وناظر قبيلة الهدندوة، محمد الأمين ترك، وهو يحمل سلاحاً، بإعادة إقليم شرق السودان لمربع الحرب، في حال عدم الاستجابة لمطالبه، انتقادات من قبل قوى “الحرية والتغيير”، التي اعتبر أحد قيادييها، أمس الإثنين، كلام ترك “محاولة لاختطاف قرار الإقليم”.
وكان ترك قد أعلن، الأحد، رفضه للاتفاق الإطاري، الموقع بين عدد من القوى السياسية المدنية والعسكر في 4 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، مطالبا بـ”طاولة مستديرة تضم كل السودانيين لحل الأزمة الراهنة في البلاد”، على حد قوله، فضلا عن إلغاء مسار شرق السودان في اتفاق السلام الموقع في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، وإنشاء منبر تفاوضي خاص بالإقليم، مهدداً بعودة الحرب في حال عدم تحقيق ذلك.
«أمر غير مقبول»
واعتبر القيادي في “الحرية والتغيير”، شهاب إبراهيم، تهديدات ترك “أمرا غير مقبول”، مشيرا إلى أن “مهمة القادة الأهليين هي الحفاظ على السلم المجتمعي والحفاظ على الأرواح، وليس العكس”.
وأضاف لـ”القدس العربي” أن الاتفاق الإطاري، الموقع في 4 ديسمبر/ كانون الأول الماضي هو “اتفاق سياسي أطرافه معلومة، ولم توقع عليه مجموعات أهلية، حتى يكون ترك ضمنها”، مضيفا: “الاتفاق لن يُفتح لترك أو لغيره، ولكن ستكون هناك منابر ستطرح القضايا الاستراتيجية الخمس للنقاش، التي نص عليها الاتفاق والتي تشمل قضية الشرق والإصلاح الأمني والعسكري والعدالة الانتقالية وتعديل اتفاق السلام وتفكيك النظام السابق”.
تحديات تنموية
ولفت إلى “إدراك الحرية والتغيير للتحديات التنموية التي يواجهها شرق السودان، على الرغم من أهميته الاستراتيجية والإيرادات التي يدخلها إلى خزينة الدولة”، مشيرا إلى أن “مثل هذه التهديدات لا علاقة لها بقضايا الشرق، بقدر ما هي محاولة لاختطاف القرار في الإقليم”.
واتهم إبراهيم، ترك بـ”استخدام قضايا شرق السودان، لدعم الانقلاب وتقويض الحكومة الانتقالية، عبر إغلاق شرق السودان والميناء الرئيسي في عاصمته بورتسودان، في سبتمبر/ أيلول 2021 “، مشددا على أنهم لن يسمحوا بتكرار ذلك مرة أخرى.
ولفت إلى أن “الحرية والتغيير على اتصال بأطراف عديدة من شرق السودان للعمل على حل القضايا الاستراتيجية هناك”.
دعم النظام السابق
في الموازاة، قلل والي كسلا السابق، في عهد الحكومة الانتقالية، صالح عمار، من حجم تهديدات ترك، مؤكدا أنها “لا تمثل موقف مواطني إقليم شرق السودان”، متهما إياه، بدعم أجندة النظام السابق.
وأكد لـ”القدس العربي” أن “سكان الشرق مع وحدة السودان”، مشيراً إلى أن “معظم قيادات الشرق أكدت على ذلك، فيما أعلنت قيادات أهلية عديدة دعم الاتفاق الإطاري”
وأوضح أن “الشرق جزء من السودان، ومهما تعرض للتهميش، لن يفكر السكان هناك بمسألة الانفصال لأي سبب من الأسباب”، لافتا إلى أن أهل الشرق “يناضلون مع بقية السودانيين لتحسين الأوضاع وللحصول على حقوقهم ضمن نضال سلمي”.
وحول تصريحات ترك التي لوح فيها بالعودة إلى الحرب، قال إن “ترك ناظر (قيادي قبلي) وله حق التعبير، لكنه غير مفوض للحديث باسم شرق السودان الذي توجد فيه ثلاث ولايات، البحر الأحمر، كسلا، القضارف، و6 ملايين نسمة، وهو جزء منهم وليست له سلطة للحديث باسمهم أو اختطاف قرار مواطن الإقليم”.
وزاد: “ترك حتى داخل قبيلته غير مجمع عليه”، مشيرا إلى “وجود قيادات وشباب داخل قبيلته لا يتبنون الخط الذي يتخذه”.
«الدولة قوية»
فضلا عن أن “كل نظار شرق السودان في المجلس الأعلى للإدارات الأهلية في شرق السودان (مجلس الـ17 ناظرا) ضد خطه، وأعلنوا ذلك مرارا وتكرارا”، تبعاً لعمار، الذي شدد على أن “ترك لا يملك القدرة على فصل شرق السودان، لأنه لا يحظى بدعم شعب شرق السودان، فضلا عن أن الدولة في شرق السودان قوية، خاصة في ولاية البحر الأحمر، هناك أسلحة رئيسية للجيش وهناك قاعدة عسكرية في جبيت. جميع مناطق البحر الأحمر محاطة بوجود ضخم للدولة”.
إضافة إلى ذلك “شعب الشرق لا يساند ترك، وبالتالي الأخير لا يستطيع فعل شيء إلا بدعم جهاز الدولة”.
وواصل: “خطاب ترك، الذي ظللنا نسمعه طوال السنوات الثلاث الماضية، ليست لديه علاقة بقضايا المنطقة، وإنسان المنطقة، وإنما يعبر في المقام الأول عن أجندة النظام البائد والحركة الإسلامية”، مشيراً إلى أن “ترك لا يبذل أي مجهود لإظهار الفرق بين خطابه، وما بين خطاب الحركة الإسلامية”.
واتهم عمار، ترك بـ”محاولة تزوير التاريخ”، مشيرا إلى إنه “طوال فترة الحراك المسلح في شرق السودان الممتد من عام 1994 وحتى عام 2006، تاريخ توقيع اتفاق السلام في شرق السودان في العاصمة الاريترية أسمرا، ظل (ترك) مساندا بقوة لنظام الرئيس المعزول عمر البشير، وكانت لديه ميليشيا محلية لمساعدة الاسلاميين ضد الحراك المسلح الذي قاده مؤتمر البجا والتجمع الوطني الديمقراطي”.
«تزوير التاريخ»
وزاد: “هو يمارس أكبر تزوير للتاريخ مستغلاً ضعف الذاكرة والتوثيق للتاريخ، مع أن هذه الأحداث لم تجر في زمان بعيد، وإنما جرت قبل أقل من 20 عاماً”.
ومع دخول العام الجديد، لا تزال الأوضاع في شرق السودان متشابكة وتتجه إلى مزيد من التعقيد في ظل تعدد الفاعلين من جهة، وصراعهم مجتمعين مع الحكومة المركزية.
في خضم هذه الصورة المعقدة للصراع، وسط أزمات سياسية واقتصادية وأمنية تضرب البلاد، منذ انقلاب الجيش السوداني في عام 2021، هدد ترك، في أحدث تصريحات صحافية له، بالعودة إلى الحرب في شرق السودان، ما لم تلب الحكومة المركزية عدداً من شروطه.
وقال خلال مخاطبته جماعات أهلية في منطقة مويتا في ولاية كسلا، شرق السودان، إن “البلاد شهدت تراجعا”، بتوقيع الاتفاق الإطاري، الذي قال إنه “مصنوع خارجيا، ويمثل انتكاسة لاستقلال السودان”.
وشهدت منطقة مويتا الواقعة على الحدود السودانية الاريترية، معارك عديدة بين نظام الرئيس المخلوع عمر البشير والمجموعات المسلحة في شرق السودان في الفترة من عام 1994 وحتى 2006، حيث وقع الجانبان اتفاق سلام بوساطة إريترية.
«لسنا جزءاً منه»
وطالب ترك بضرورة الوصول إلى اتفاق يتوافق عليه جميع أبناء السودان، مضيفا: “الاتفاق الإطاري الثنائي، لسنا جزءاً منه، وأنا هنا أخاطب القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان والآلية الدولية الثلاثية التي تضم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وإيغاد، وليس الحرية والتغيير والأطراف التي وقعت أو دعمت الاتفاق”. وشدد على رفضه للاتفاق الإطاري، ومطالبته بمنبر منفصل لشرق السودان، فيما قال وهو يلوح بسلاح: “أنه إذا استجبتم لهذا المطلب فنحن مع السودان وقوة السودان ووحدة السودان، وإذا رفضتم حتما سنعود للقصف”، مضيفا: “فلينظر الجميع إلى هذه الأسلحة، إنها قنابل وأسلحة قصف جوي ودوشكات”. وأكمل: “نقول لمن وقعوا على الاتفاق الإطاري وقالوا إنهم ممثلو الشعب السوداني، أظهروا لنا مثل هذه الأشياء في مناطقكم”، في إشارة إلى قطع الأسلحة القديمة.
وقال: “نحن لم نفارق الحرب منذ عهد الرومان وحتى اتفاق أسمرا”. ولفت إلى أن “أهل هذه المناطق الحدودية صمدوا، لا يوجد من يصمد في وجه القصف الجوي والمدفعي. الآن، نحن ناس شرق السودان لن نكثر الشكوى، ولكن هناك العديد من الضحايا ممن فقدوا أطرافهم وأرواحهم خلال قصف الجيش والحركة الشعبية”.
وأضاف: “الآن، أين العالم والمجتمع الدولي من يقول بالحفاظ على حقوق الإنسان؟ وأين التعويضات لشرق السودان؟”.
وأشار أنه اختار منطقة مويتا للحديث منها، لأنها صمدت في وجه كل القصف، مؤكدا أنهم “يطرحون خيارين فقط، إما أن تعود هذه المنطقة إلى القصف ويعود الشرق إلى الصمود وبذل المزيد من الشهداء أو تتحقق مطالبه”.
وناشد ترك، البرهان بأن يدعم شعب شرق السودان.
وقال إن “أولئك الذين ليست لديهم وطنية، يقولون إن ترك يدعم الجيش ضد الديمقراطية، ولكن أين الديمقراطية التي يخدعون بها الناس؟”.
وأشار إلى “انفصال الجنوب”، وأن “دارفور عانت ما عانت، وجنوب كردفان والنيل الأزرق كذلك”، مضيفا: “الآن يئن الشرق والشمال والوسط وكردفان، ولذلك سنقود تحالفا واسعا لنحقق سودان واحدا موحدا وكونفدرالية حقيقية وحكما ذاتيا”.
وختم: “بعد 66 عاما من استقلال السودان، إن كان هناك من يريد أن يحكمنا من الخرطوم، فهو واهم، لن يحدث ذلك”.

*المصدر: القدس العربي
1