أحدث الأخبار
الثلاثاء 23 نيسان/أبريل 2024
القس متري الراهب : وثيقة “نختار الحياة” تصلح أن تكون مرجعية لتصويب أوضاع المسيحيين!!
بقلم : نجيب فراج ... 06.10.2021

اعتبر الدكتور القس متري الراهب اطلاق وثيقة “نختار الحياة” من قبل نحو 11 شخصية عربية من عدة دول عربية من لاهوتيات ولاهوتيين من الشرق الأوسط، وخبيرات وخبراء في العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة والجيو-سياسيّة، في لبنان الاسبوع الماضي، وهي وثيقة مرجعيّة تتناول أوضاع المسيحيّين في المنطقة من الناحية اللاهوتيّة والجيوسياسيّة والفكريّة *
*اللاهوت السياقي
وقال الراهب وهو رجل دين ومفكر فلسطيني عمل على تأسيس وترأس مجموعة ديار، وجامعة دار الكلمة الجامعية للفنون والثقافة في بيت لحم وله مؤلفات عديدة في حديث لـ “القدس” ان الوثيقة بمثابة موقف فكري عميق بروح اللاهوت السياقي” اي من النواحي الجيوساسية والاجتماعية لوضع المسيحيين في الشرق الاوسط لتجيب بماذا يفكر المسيحي في هذه المنطقة الحساسة، مشيرا الى انه احد الذين اعدوا وشاركوا باطلاق الوثيقة من بين 11 مفكرا ومفكرة من لبنان وسوريا وفلسطين والاردن ومصر والعراق من بينهم القسيسة نجلاء قصاب رئسة مجموعة الكنائس الانجيلية حول العالم والتي ينضوي تحت مظلتها 70 مليون من اتباعها اضافة الى البرفسور اسعد قطان وبحضور السفير البابوي جوزيف سبتيتري .
واوضح ان اعداد الوثيقة استغرق نحو عامين وعرضت على مجموعة من المفكرين المسلمين ايضا اضافة الى مفكرين مسيحيين، وقال ” ان عنوان نختار الحياة، له دليل واضح وهو التمسك بثقافة الحياة وضرورة معالجة كافة القضايا بصبر وتأني وعلمية وبالتالي العمل على تقديس حقوق الانسان والدفاع عنها والوقوف امام اية جهة لتقويضها ووضع العراقيل في مسار هذا الخيار.
*المسيحيون ليسوا اقلية
وشدد على ان الوثيقة ارادت ان تقول باننا نرفض فكرة ان المسيحيين اقلية بل نحن جزء اصيل من اكثرية عربية لها تاريخ ودور وانجازات واسهامات عميقة في مجتمعاتهم فمفهوم الاكثرية والاقلية هو صنيعة من صنائع الاستعمار الذي اراد ان يرسخ هذا المفهوم، كما اننا نرفض رفضا قاطعا فكرة ان المسيحيين يحتاجون لحماية خارجية فهم يعملون الى جانب شعوبهم على حماية مجتمعاتهم وتصليبها وهذا ما يقوله الواقع بكل المجالات الفكرية والعملية والاقتصادية والبنائية، والحماية الخارجية تعني بوضوح استعمار من نوع اخر سيبقي اعنقانا بين يديه، كما شددت الوثيقة على فكرة المواطنة الفاعلة وان تكون الدولة دولة مجتمعاتها تحافظ وتصون التعددية الدينية والاثنية وتديرها بحكمة شديدة وبشكل ايجابي وان تحسن ادارة هذا التنوع.
*انتقادات للاصلاح
كما اشار الراهب ان الوثيقة انتقدت الكنائس التي تحتمي بالديكتاتوريات خوفا على مصالحها وللاسف هناك قيادات في الكنيسة تعيش حالة من الترهل والفساد كما مارست الكنيسة ظلما للمراة في كثير من الاحيان، ولذا فاننا نطالب بقانون مدني للاحوال الشخصية وعلى الدولة اية دولة ان تكون على حياد في موضوع الدين، كما تطرقت الوثيقة الى دور الشباب في مجتمعاتهم حيث ان دورهم مغيب بطريقة مريبة ولا بد من مقاربة جدية لاشراك الشباب في صناعة القرار وان يكون دورهم مؤثرا، والدعوة ايضا لنبذ العنف سواءا القادم من جماعات الاسلام السياسي او السلطة العلمانية.
*مواجهة تشظي التواجد المسيحي
وجاء في الوثيقة ان الوضع الجيوسياسي في الشرق الاوسط بالغ التعقيد، وفي خضم ما يدور فيه من احداث يواجه وجود المسيحيين تشظيا على المستويات كافة من انحسارهم الديموغرافي وصولا الى ضمور حضورهم وشهادتهم، وقد حتم علينا كموقعين على الوثيقة هذا الوضع، البدء ببحث معمق في اوضاع المسيحيين في هذه المنطقة من باب قراءة نقدية هادئة تستند الى رؤيا لاهوتية نيرة ومناهج علمية دقيقة.
*مساحة للتفاعل
وتضمنت الوثيقة ايضا انه ولكون التنوع يشكل مصدر غنى ومساحة تفاعل ونهج تلاقي في منظومة القيم المشتركة والمصالح العامة الا انه وعلى مر التاريخ بالقدر ذاته مصدر تعقيدات اتخذت احيانا شكل صراعات وحروب والحق ان الاستعمار باشكاله المختلفة الذي تعرضت له منطقة الشرق الاوسط خصوصا بعد الحرب العالمية الاولى وانهيار السلطنة العثمانية غالبا ما اخفق في خلق الاطر التي تتيح لمجتمعات هذه المنطقة ادارة تنوعها الديني والاثني بالاستناد الى مفهوم الدولة المدنية التي يسودها القانون، والسير بشكل طبيعي نحو بناء هويات وطنية متوازنة، فكرس هذا الاستعمار مسار الحمايات وامعن في اللجوء الى معادلة فرق تسد الخبيثة، وفرض قيام دولة اسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني عبر مسار دموي تهجيري مقيت، ومع ظهور الثورة النفطية ظهر توجه اقتصادي واستثماري ذو طابع ريعي همش فكرة الانتاجية واوقع منطقتنا في نسق استهلاكي طال في تداعياته نطاق انتاج المعرفة.
*محاولة لقرع جدران الخزان
الدكتور الراهب قال ان الوثيقة هي محاولة لقرع جدران الخزان على امل ان تتحول الى حوار مع المجتمع المدني في الدول العربية المختلفة ومع السلطات والكنائس والمؤسسات الدينية الاسلامية لتطوير فكرة الدولة المدنية والفكر المدني مشيرا الى انه وخلال الايام القادمة سوف تعقد في الاراضي الفلسطيني ندوة لتدارس هذه الوثيقة وتقييمها.

*المصدر : “القدس” دوت كوم
1