جاءت حملة "أمي أردنية وجنسيتها حق لي " لتوقظ الألاف من النساء الأردنيات المتزوجات من غير أردنيين من سبات عميق ليخرجن الى الشارع ويقفن على الرصيف مطالبات بحق مشروع بالعيش الكريم مع أبناءهن في وطنهم الأردن بكرامة وبدون تمييز أو تضييق مثلما هو حادث الآن ؛ ومنذ بداية تأسيس المملكة التي لم تعترف في يوم من الأيام بأي حق للمرأة الأردنية المتزوجة من غير أردني اسوة بالرجل الأردني الذي حصل على كل الحقوق وحسب الدستور الذي ساوى في المادة السادسة منه بين الأردنيون وان اختلفو في العرق أو اللون أو الدين ...
الرجل الأردني يحق له الزواج من أربع نساء غير أردنيات ومنحهن الجنسية الأردنية والتمتع هن وأبناءهن بكل حقوق المواطن الأردني بينما حرام ذلك على المرأة الأردنية المتزوجة من غير أردني والتي تقابل أينما ذهبت بعبارة ( ما حدا قلك تتزوجي غير أردني !! روحي عيشي مع أبناءك في بلد أبوهم ) وكأن الأردن حلال لرجالها حرام على نساءها اللاتي هن نصف المجتمع لا وبل كل المجتمع لأن المرأة هي من تربي النصف الآخر ولتكون غربة ثانية لتلك المرأة التي فرض عليها القدر والنصيب الغربة داخل وطنها وبين أهلها بسبب تجاهل الحكومة التام لحقها وتهميشها والنظرة الذكورية لمجتمع لايريد أن يعترف بها ...
كان الوقوف على الرصيف للاحتجاج على ما يحدث والمطالبة بالحق المسروق أمام الديوان الملكي , رئاسة الوزراء , مجلس النواب وحتى وزارة الداخلية ولساعات طويلة قد تتجاوز الثلاث ساعات أحيانا هو من ضمن الفعاليات للوصول الى الحق بتمكين المرأة الأردنية المتزوجة من غير أردني نقل جنسيتها لأبناءها أسوة بالرجل الأردني المتزوج من غير أردنية ووفقا للدستور الأردني المهمش بالنسبة لهذا الموضوع ...
ساعات طويلة كانت تمر والأمهات الأردنيات يقفن على الرصيف سعيدات بما يفعلن , فخورات لأنهن قادرات على الوقوف بوجه الظلم المسلط علىهن , رغم الظروف الجوية الصعبة ( الشمس . المطر. العواصف الرملية والثلجية , الرياح العاتية ) ؛ ورغم كبر السن والمرض وعدم القدرة على الوقوف لمثل هذا الوقت , ؛ وكان الرصيف نعم الصديق لمن أتعبها الوقوف أو أرقها الهم ؛ كن يسارعن الى الجلوس عليه غير أبهات لمئات السيارات المارة من الشارع الرئيس والتي كان ركابها ينظرون لهن بعين العطف والتأييد أحيانا ؛او بمحاولة الاعتداء عليهن والانحراف نحوالرصيف لمضايقتهن أحيانا أخرى ؛ وقد وصل الحد بالبعض لالقاء الكلام البذيء والجارح مطلقا العنان لأنانيته وعنصريته دون رادع من ضمير أو أخلاق ... لحظات لاتنسى وأجملها كانت تلك اللحظات التي تختلط فيها ذرات الغبار المعلق في الجو بالمطر ؛ عندما تغطي ذرات الطين تلك الوجوه الصابرة الصامدة لتصبح مثل لون الأرض التي أحببنها ووقفن يدافعن عن حقهن المشروع في البقاء والعيش فيها ...
في كل مرة كان الرصيف يرقص ويتهلل فرحا لرؤيتهن , كان يستمع لكل لقصص والحكايا منصتا بفخر لوصايا الصبر التي كانت تتعلمها القادمات الجدد , كان يحفظ كل الأسماء والوجوه , ويرتجف خوفا عندما يرى تلك الهروات والعيون التي تختبأ تحت تلك الخوذ لتخفي حقيقة مشاعرها على الطرف المقابل من الرصيف ؛ والتي هي جاهزة للانقضاض عليهن عند أقل هفوة ؛ لكنه لم يكن يعرف أن الموت أقرب من تلك الهراوات وأن الهم قاتل صاحبه وأن الحملة ستفقد خمس مناضلات بسبب الموت ....
الرصيف كان نعم الصديق لتلك النسوة بينما نسيهم الأقربون وكان نعم السند عندما لم يساندهن أحد فلا تستعجبوا ان سمعتم في يوم من الأيام أو قرأتم أو رأيتم رصيفا يبكي بصوت عال حتى مات من الكمد كما ماتت كمدا خمس نساء من تلك النسوة ....
الموت على الرصيف!!
بقلم : نعمة حسين الحباشنة* ... 22.10.2014
* منسقة حملة / أمي أردنية وجنسيتها حق لي / عمان.. المصدر : مركز مساواة المراه