أحدث الأخبار
السبت 23 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
القبيحات هن الجميلات !!
بقلم : لمياء المقدم * ... 09.10.2014

المرأة التي تدافع عن حقوقها إنما تفعل ذلك حبا في الرجل وليس العكس، ولولا حبها له وحرصها عليه لما تطوعت وضحت بأنوثتها.
ترتبط النسوية، أو أي محاولات للمطالبة بحقوق المرأة وبالمساواة بين الجنسين، بكره الرجل ومعاداته، وكأن المرأة التي تطالب بحقوقها تطالب في الوقت نفسه بإهانة الرجل وتحقيره، والحقيقة أن كثيرا من الرجال يصفون المدافعات عن حقوق المرأة بـ”المسترجلات” و”القبيحات” وغيرها من النعوت المبنية على افتراض أن تلك النسوة “القويات” لا يتمتعن بالأنوثة والنعومة والليونة التي من المفترض أن تتحلى بها المرأة، لتجذب إليها الرجل، أو ربما اعتقادا منهم بأنها تعاديهم وتكسر سلطتهم وهيبتهم، فيهاجمونها.
لكن المرأة التي تدافع عن حقوقها، إنما تفعل ذلك حبا في الرجل، وليس العكس، ولولا حبها له وحرصها عليه لما “تطوعت” و”ضحت” بأنوثتها، لمساعدته على التخلي عن بعض سلوكياته وممارساته التي لا ترقى إلى مستوى تطلعاتها ونظرتها إليه، فهي تتوق إلى معاملة صحية، مبنية على التفاهم والاحترام لتحبه أكثر، ولتتواصل معه بشكل أفقي مباشر، ولتكسر الحواجز التي وضعتها الموروثات بينهما فيسهل التقارب، وليس لفرض سلطتها عليه، كما يعتقد كثيرون.
وبالرغم من أن هناك من يصنف هؤلاء النسوة، ولنسميهن الناشطات في مجال المرأة، على أنهن “كارهات” للرجل انطلاقا من افتراض الأسوأ وهو “محاربتهن” لسلطته الذكورية، إلا أنهن، في رأيي، الأكثر حبا فيه وفهما لطبيعته، فـ”الذكورية” التي يخشى صديقنا الرجل من فقدانها، غشاء وهمي حساس يشبه غشاء البكارة عند المرأة، وإذا سلمنا بأن شرف المرأة في بكارتها، فإن شرف الرجل في ذكوريته، وكلها مفاهيم خاطئة، حان وقت التصدي لها ومحاربتها.
هؤلاء النسوة “المسترجلات” يتخذن بعض “صفات” الرجل من باب “التلقيح” بالمرض للوقاية منه، يعرفن أنه ضحية تربية وثقافة وموروث معين، استوجب منه التحلي بصفات معينة، ويحتاج، بالتالي، إلى مساعدة للتخلي عن سلوكيات ترسخت فيه على مدى مئات العقود، فيتطوعن لمساعدته باللغة التي يفهمها، أي باتخاذ موقف التحدي، أو الدفاع المشوب بنوع من التحدي، لأنه تربى على المواجهة والحرب والقتال، إنه دفاع بطابع “هجومي” يستوجب التحلي بجرعة “ذكورية”، من بين مكوناتها “القوة” و”الجلد” و”الخشونة” سواء في الشكل أو السلوك. هؤلاء النسوة، أُسميهن “المنتحرات” لأنهن يضطررن إلى اتخاذ مواصفات دفاعية غير متأصلة و”كاموفلاج” غير مبرر طبيعيا، من أجل الوصول إلى أهداف تستفيد منها بنات جنسهن بشكل عام.
ولأننا نفترض أن الأصل في المرأة الضعف، فإننا ننفر من القوية التي اكتسبت صفات “ذكورية” غير أصيلة، والصحيح هو أن ننفر من “ذكورية” الرجل التي أنتجت “ذكورية” مضادة لدى كائن رقيق وحساس، وبعيد كل البعد عن القتال، هو المرأة.

*شاعرة من تونس ..المصدر : العرب
1