في الفولكلور الشعبي القروي في ريفنا المصري، يشاهدُ الفلاحُ عفريتًا يداهم الحقل، فيسارع الفلاحُ بغرس مسلّة (إبرة التنجيد الطويلة) في خصر العفريت. فيتحول العفريتُ من فوره إلى حمار يحمل فوق ظهره السماد، أو بقرة يربطها في الساقية لتروي له الحقل، أو حتى طائر أبي قردان ينقي له الدود. وعند المغرب، ينزع المسلّة من خصر العفريت، فيتبخر.
ترى، كم رجلا يتعامل مع امرأته مثلما يتعامل الفلاح مع العفريت؟! ربما تجيب هذه القصيدة:
**
غرَسَ الشوكةَ في خِصرِها
فتحوّلتْ إلى هيأة الجواري:
تجلبُ الماءَ من البئرْ،
وتعدُّ قهوةَ الصُّبحِ
ثم تسوِّكُ أسنانَه من بقايا الفطورِ،
والنساءْ.
تِكْ تِكْ،
يصَفِّقُ،
فتنبسطُ له أرضًا
تُنبِتُ القمحَ والشعيرَ والنارنجْ.
تِكْ تِكْ
فتنتفضُ، كصليبٍ مُشرع وسطَ الحقلْ،
خيالَ مآتة
تُفزِّعُ الطيرَ وتهشُّ الألسنيّينَ واللصوصْ،
ثم تُنقّي ماءَ البِركةِ من الدَنَس
كي تغسلَ أصابَعها المبتورةَ بسيفِ الخوارجْ
وتُشهِرَ قميصَه فوق صدرِها
ليجفَّ من الدمْ.
تِكْ
فتغدو ناعورةً
تروي أرضَه
وترسمُ فوق صفحةِ القنايةِ
دوائرَ وظلالاً
لزومَ اكتمالِ اللوحةْ.
عند الظهرِ
يصفّقُ من جديد
فتنقلبُ أبا قردان
يلقطُ الدودَ من التربة
ويُنقّي خطوطَ القطنِ من اللُطعِ،
ثُم سمكةً
تجمعُ الطميَ في بطنِها
لتفرغَهُ في حوضِ الورد الشماليّ.
تِكْ تِكْ تِكْ تِكْ
فتحولّتْ على إثرِها مُهْرةً
امتطاها
ليتفقّدَ بساتينَه الواسعة
وفي يمينِه سوطُ نيتشه:
شيخِ البلد.
الفلاحُ الأشهبُ
تعلّمَ حكمةَ القرويين وطقوسَهم،
روّضَ المرأةَ بقانون العِفريتِ،
ثم اضطجعَ على حافةِ الترعةِ في استراحةِ القيلولة
حدّقَ في عينيها برهةً
فاستوتْ له صبيةً
ضاجعَها
واستولدها طفلةً شهباءَ،
قتلَها.
جميلةً كانت
ولذا
شخبطَ على وجهِها في التصاويرْ
بطبشورٍ أسودَ
إذ ملاحتُها
تكشفُ قبحَ الرفاقْ.
قبل الغروبِ
جفَّ حلْقُه
فتكوّرتْ له عِلكةً
لاكَها
ثم
بصقَها،
فتمطّتْ على الرملِ
وتحورّتْ حواءَ،
ولما اكتملتْ أنوثتُها
نامتْ على رجاءِ القيامةِ.
عند المغرب
انتزعَ الشوكةَ من لحمِها
فتبخرّتْ.
***
المرأةُ العفريت!!
بقلم : فاطمة ناعوت ... 05.05.2014
* من ديوان "قارورة الصمغ" دار ميريت 2007 | فاطمة ناعوت