أحدث الأخبار
الخميس 21 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
شرعنة الحرام!!
بقلم : رائدة زقوت  ... 01.02.2014

الموضوع شائك جداً و خطورته كبيرة وعميقة، لم أكن أنوي الكتابة عن هذا الموضوع لحساسيته المفرطة ولكن الكتابة أمانة ومن هذا الباب سأتطرق للموضوع محاولة أن ألم بالكثير من التفاصيل حتى تصل الفكرة والغاية من الكتابة.
قبل الاستشهاد بالعديد من الحالات التي وردتني لا بد من الإشارة إلى أن العديد منا يستهين في تطبيق الشرائع جهاراً نهاراً وتحت وسمع وبصر الناس جميعاً، لا يخفى على أحد أن من يسب الله علانية لا قيمة للشرائع السماوية عنده، ومن يفطر على رؤوس الأشهاد في رمضان دون عذر أو سبب، لا تمثل له الشريعة بعداً روحياً أو ضابطاً أخلاقياً يلزمه بالتصرف السليم والصحيح.
أول ما يخطر لي دائما حالة إحدى السيدات التي نفذت طلقاتها وحُرّمت على زوجها، ولحل هذه المعظلة قام أهلها وأهل الزوج بالالتفاف على الشرع عبر عقد قرانها على مختل عقلياً عقداً صورياً... ! طلقها بعد العقد بيوم وفور انتهاء العدة المفترضة ولزوم إتمام المسرحية لتبدو متوافقة مع الشرع عادت لزوجها الأول، دون أن تمس من قبل " المحلِل " أي بمعنى يتوافق مع الشريعة دون أن يطأها الزوج الثاني الافتراضي !!
حدثت هذه الحادثة منذ سنوات ولا أزال أستعيدها مع كل حالة طلاق جديدة أسمع فيها أو أعرف تفاصيلها.
من يتحمل مسؤولية الأولاد الذين جاؤوا من هذا الزواج المحرم؟؟ هذا السؤال متروك لكم لتحديد الإجابة عنه حسب رغبتكم إن شئتم !
القصة التي دفعتني للبحث عن الموضوع لا تقلُّ سوءاً عن سابقتها، ولكن بطريقة أسرع ودون الحاجة " لمحلل " خوفاً من استحقاقات مؤخر الصَّداق وتبعاته، كنت عند صديقة عندما حضرت هذه المرأة باكيةٌ تنتحب وتطلب المشورة في قصتها الأتية: تلفظ زوجي بكلمة طالق أول مرة منذ خمس سنوات، وكررها قبل سنة وذهب لأحد الشيوخ وأخرج فتوى بأنها كانت في لحظة غضب رغم أن هذا كان كذبا وهو يعرف ، قبل عدة أشهر كنت وهو في جلسة هادئة ولا نقاش مستفزاً بيننا ولا خلافات، لم أفطن له إلا وهو يقول مكرراً الكلمة ثلاث مرات، أنت طالق ... أنت طالق... أنت طالق، تركت البيت لحرمة أن أبقى مع رجل أصبح أجنبياً وفق الشرع عني، استشرت محامي فقال هذا طلاق بائن بينونة كبرى ولا يحق له أن يعيدك لعصمته، ذهبت للمحكمة وسجلت قضية حتى أحفظ حقي الشرعي وحقوقي المالية، بعد أكثر من ثلاثة شهور وفي جلسة المحكمة حلف يميناً كاذباً وصدر الحكم لصالحه و لم تحتسب الطلقة، وأنا ربة بيت لا معيل لي ولا قريب هنا ولا يوجد من ألجأ له، وهذا دفعني للعودة صاغرة لزوجٍ أعرف أنه بات محرماً عليَّ شرعاً، وأنه حلف اليمين ليتخلص من دفع مستحقاتي المالية الشرعية!!
هذا غيض من فيض من قصص تعج فيها المحاكم، يخرج منها الزوج منتصراً بيمين لا يعني له غير النصر المؤزر على الزوجة مسلوبة الرأي والإرادة لتعود لبيت طليقها طائعة وهي تعلم أنه أصبح محرَّماً عليها ولا يحق له الاختلاء بها.
طبعاً بعض النساء يمتلكن القوة والإرادة والأهم دعم أسرتها لها ووقوفهم مع الحق والشرع فيرفضن العودة مقابل التنازل عن كافة حقوقها المؤجلة في حالة الطلاق، وتُسَاوم أيضاً وتجبر أحياناً كثيرة على التنازل عن حقها في حضانة الأولاد لتخلص من عبء العيش بالحرام.
السؤال الذي قد يتبادر لأذهان القراء لماذا تعود المرأة التي تعرف أنها محرمة على الرجل؟
هذا السؤال سألته لغير سيدة ممن عدن لبيت الزوجية مرغمات على الانصياع لحكم المحكمة أو لفتوى الشيخ الذي أخذ على عاتقه إصدارها حتى لا يتسبب بخراب بيت أسرة، مستنداً لحالة الزوج العصبية وقت الطلاق، وبقية الظروف من الزوج الذي هرع له لينقذه من ويلات الطلاق.
ضغط أسرة الزوجة عليها للعودة حتى لا يقعوا في مصيدة كلام الناس، ومحاولتهم الأخذ بالفتوى واليمين متحججين بأن الذنب على الزوج، مغفلين نعمة العقل ووجوب تطبيق شرع الله دون أن يكون هناك ضعف أو التباس في التنفيذ، فإذا كان أحد الأطراف مجنوناً فليكن الآخر عاقلاً وحكيما أو تقياً بما يكفي ليحل الحلال ويحرم الحرام!
السبب الثاني وهو الأقوى عدم وجود معيل للمرأة ولا عمل تعتاش منه في حالة تنازلت عن حقوقها المالية، فكثير من المطلقات العائدات عنوة للحرام المُشَرعن يعرفن أن الشارع لا يستر عورة وأن الطعام واللباس لا يتوفران إلا بالرضوخ لحكم اليمين الكاذب.
التهديد بالحرمان من الأبناء من أكبر المشكلات التي تواجه المطلقات، فالأهل من جهة يرفضون استقبال أولاد ابنتهم للعيش معهم، والزوج من جهة أخرى يهدد بحرمانها من رؤيتهم في حال صممت على الطلاق ولم تخضع للعودة الإجبارية، فتعود صاغرةً لبيت الزوجية وهي تعلم أن عودتها تحايلٌ على الشرع والقانون.
هذا ما يحدث في بيوت تتردد كلمة الطلاق فيها أكثر من أي كلمة أخرى، ويتم التعامل مع الأمر بمنتهى الاستخفاف، شرع الله بينٌ واضح بصورة لا تحتاج لمفتٍ ولا ليمين كاذب أو صادق، هذه الشرعنة للحرام تحتاج لوقفة منا جميعاً حتى لا يخرج لنا جيلٌ أقل ما يقال فيهم ليسوا أولاد حلال !!
وثقنا بالمرأة عاملة ومديرة دائرة و مربية أجيال ولا نزال في مسألة حياتها الزوجية نستبعدها ولا يكون لها إلا أن ترضخ لفتوى شيخ أو يمين زوج قد لا يعني له حكم الشرع فارقاً على مستوى عقائدي أو أخلاقي، لماذا لا يؤخذ رأي المرأة في قضيتها؟ لماذا تستبعد شهادتها إن كانت ثقة وتخشى أن تقع في الحرام ؟
لماذا لا يكون هناك آلية للتطبيق الحقيقي لحكم الله في موضوع الطلاق من خلال ضبط الموضوع عبر المحاكم أو القاضي في كل منطقة؟! لماذا ننتظر أن يكون حلف اليمين هو الفيصل في قضية كبيرة وشائكة؟ ولماذا يسمح الأشخاص أو تسمح الدولة لكل من عرف بعض أحكام الشرع أن يفتي في قضية مصيرية؟ هذه الأسئلة كلها برسم الإجابة ممن يهمهم الأمر من الغيورين على صلاح المجتمع والأسر !!

المصدر : مركز مساواة المرأه
1