أحدث الأخبار
الأربعاء 27 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 47739
خربة الفارسية.. حياةٌ قاسيةٌ في ظل سياسات الاحتلال الاقتلاعية والعواصف والفيضانات!!
25.01.2021

كتب علي سمودي– تزداد الاوضاع المعيشية لسكان خربة "الفارسية" سوءاً خلال موسم الشتاء، وسط معاناتهم التي لا تتوقف في ظل الهجمات المستمرة للاحتلال الذي يعتبر المنطقة عسكرية مغلقة ويجري فيها مناورات لا تتوقف، تُؤدي إلى ترحيل الأهالي لعدة أيام عن أماكن سكناهم، ورغم ذلك ما زالوا صامدين ويرفضون الرحيل وترك أراضيهم.تقع خربة الفارسية في الأغوار الشمالية في الجزء الشرقي من محافظة طوباس التي تبعد عنها 20 كيلو متراً، وتمتد أراضيها من عين الحلوة حتى نهر الأردن شرقاً، ويحدها من الشمال قرية عين البيضاء،و من الجنوب منطقة عين الحلوة، ومن الشرق مستوطنة روتن التي أُقيمت فوق ما صودر من أراضيها ومن الغرب معسكر لجيش الاحتلال.
*التدريبات والترحيل..
ويوضح ممثل الخربة في مجلس قروي وادي المالح لؤي أبو محسن أن الاحتلال يستهدف المنطقة منذ عقود طويلة، وأمام فشل سياساته في تمرير مخطط الترحيل والتهجير القسري، استخدم أسلوب اعتبار المنطقة مغلقة عسكرياً وأصبح يستخدم أراضيها كمسرح للمناورات والتدريبات العسكرية بحيث لا يمر أسبوع دون تنفيذ المناورات. ويضيف " لا يوجد استقرار وأمان في حياتنا، ففي كل أسبوع يقوم الاحتلال بترحيل الأهالي وإرغامهم على ترك أماكن سكناهم لمدة يوم أو 12 ساعة متواصلة دون مراعاة وجود نساء وأطفال حتى تنتهي التدريبات العسكرية. بشكل مستمر نواجه الصعاب والويلات ونعيش معاناة كبيرة حتى في ظل برد الشتاء القارس مع أطفالنا نضطر للتنقل من مكان الى آخر لتفادي المخاطر، فالاحتلال يضيق الخناق علينا لترحيلنا، لكننا لن نرحل".
*الاستهداف الإسرائيلي..
لا يمر يوم في حياة أهالي خربة الفارسية دون هجمات وممارسات تعسفية من الاحتلال والمستوطنين.
ويقول أبو محسن: "المستوطنات تتوفر فيها كل مقومات الحياة والبنية التحتية، ومناطقنا محرومة من كل شيء، فنحن نعيش في بيوت بلاستيكية وسط ظروف غير إنسانية، ورغم ذلك، يواصل الاحتلال ملاحقتنا وهدم البركسات التي تؤوينا اضافة لحظائر وبركسات الأغنام، علماً أن البناء والتطوير ممنوع. كل يوم نعيش دوامة قلق من عمليات هدم وتشريد جديدة يرافقها حصارنا حتى في مقومات معيشتنا الزراعية وتربية الثروة الحيوانية. الاحتلال صادر الأراضي الرعوية حتى أصبح المزارع الفلسطيني الذي ليس له مصدر دخل سوى الثروة الحيوانية غير قادر على استخدام المراعي والأحراش الطبيعية، فأين يذهب هذا المواطن الذي يسكن ويعيش على أرضه؟ بينما المستوطنون يسرحون في الارض ويرعون أغنامهم وأبقارهم مع توفير الكهرباء والماء وكافة احتياجات الحياة من قبل الاحتلال. إلى متى سنبقى نتحمل هذا المحتل الذي يفعل مايشاء في أرضنا ووطننا؟ أين المؤسسات الحقوقية والإنسانية والدولية والقوانين والأعراف، وإلى متى الصمت على جرائم الاحتلال بحقنا في الفارسية وكافة المناطق في الاغوار الشمالية؟".
*واقع حياة..
وسط هذا الواقع، يعيش سكان خربة الفارسية التي كان يبلغ تعدادهم قبل نكسة حزيران عام 1967 ألف نسمة، اعتمدوا في معيشتهم بشكل أساسي على الزراعة الحقلية وتربية المواشي، لكن اليوم يبلغ تعدادهم 100 نسمة، منعهم الاحتلال من البناء ولا يزالون يعيشون حتى اليوم في بيوت بلاستيكية "شوادر" لتقيهم من المطر والعواصف الرعدية.
ويقول أبو محسن: "تتفاقم معاناتنا بشكل مأساوي ورهيب خلال فصل الشتاء. فبتاريخ 20/ 1/ 2021، تعرضت المنطقة لفيضانات مياه الأمطار التي اقتحمت بيوتنا، وأمضينا اليوم في العراء حتى تمكنّا من إعادة البناء مرةً أُخرى. الأمطار والفيضانات أدت أيضاً إلى هدم الخلايا الشمسية وحظائر الأغنام، وما زلنا بحاجة لدعم ومساندة عاجلة لتوفير أبسط المقومات لنستمر في الحياة وحماية أرضنا".
*الصمود والثبات..
كباقي أهالي خربة الفارسية، لا يزال أبو محسن صامداً في أرضه يعمل في الزراعة وتربية الماشية التي ورثها عن والده وأجداده، ويقول: "ولدت ونشأت في هذه الأرض الطيبة والمباركة التي لن نبرحها نهائياً، سنبقى فيها ونموت فوق ثراها ونفديها بأرواحنا. هنا تعلمت تربية الثروة الحيوانية من والدي حتى أصبحت أملك 400 رأس غنم، أسست وإخواني حياةً، وتزوجنا وما زلنا نعيش في بيوت الشعر ونصنع الألبان والأجبان ونسوقها في محافظة طوباس. كنا نملك 50 دونماً من الأرض نزرعها بالقمح والشعير، لكن الأرض صادرها الاحتلال وحرمنا منها، بالرغم من امتلاك كافة الأرواق الثبوتية ومنحها للمستوطنين الذين يستفيدون اليوم من خيراتها، وما زلنا ممنوعين من دخولها".
*التعليم في الفارسية..
بالرغم من واقعهم المأساوي ومنغصات الاحتلال، يُصر أهالي الفارسية على تعليم أبنائهم، وبحسب أبو محسن، فإن طلاب الخربة الـ20 يتلقون تعليمهم في مدرسة عين البيضاء، لكن الأهالي يعانون الكثير بسبب مضايقات الاحتلال والمستوطنين الذين يعترضون الأطفال ويحتجزونهم وينكلون بهم.
ويقول: "حتى التعليم يحاول الاحتلال منعه لتجهيل الجيل وتدمير مستقبله وحياته، وفي ظل الاعتداءات على طلابنا، يضطر الأهالي لمرافقة أبنائهم للوصول للشارع الرئيسي لينقلهم باص التربية والتعليم لمدارسهم بأمان ودون خوف. تتكرر العملية بعد نهاية اليوم الدراسي وينتظر الأهال طلابهم لحمايتهم وعودتهم لمنازلهم بسلام، لكن ممارسات الاحتلال والتدريبات العسكرية تؤثر على حياة ونفسية طلابنا وتشوش عليهم دراستهم وتركيزهم".
*آثار التدريبات العسكرية..
يتعمد الاحتلال تنفيذ المناورات والتدريبات العسكرية قرب منازل أهالي الخربة، ويقول أبو محسن: "إذا لم يطردنا الجنود من منازلنا، نعيش الرعب والخوف طوال الليل بسبب التفجيرات والقذائف وأصواتها الرهيبة والمزعجة التي تقض مضاجعنا وتحرمنا من النوم. فالتدريبات تنفذ على بعد نصف كيلو فقط من أماكن معيشتنا. كيف يمكن أن ننام ولطلابنا أن يركزوا في دراستهم ونحن تحت مرمى النار ساعات طويلة، عدا المخاطر على حياتنا وماشيتنا وكافة ظروف معيشتنا؟".
وبسبب التدريبات دفع العديد من المواطنين الثمن، فقد تعرض المواطن موسى عوض (25 عاماً)، وهو متزوج ولديه طفل، للإصابة برصاصة طائشة في كليته ولا يزال يعاني منها، كما أُصيب الشاب صخر برهان دراغمة (20 عاماً) بعيار ناري خلال رعايته ماشيته، ما أدى إلى استشهاده، فيما أُصيب المواطن قصي نمر (30 عاماً) بعيار ناري في كفه.
أنقذوا الأغوار..
بحزن وألم، يقول أبو محسن: "ما يحزننا ويؤلمنا إهمال وتهميش مناطقنا، وصمت العالم عما يرتكبه الاحتلال من جرائم يومية بحق أصحاب الأرض الذين يقفون عاجزين عن وضع حد لممارسات الاحتلال ومستوطنيه الذين يزداد عددهم بشكل مستمر وتتوسع مستوطناتهم على حساب أراضينا".
ويضيف: "أمام هذه الوقائع، ليس أمامنا سوى سلاح الصمود والتمسك بالأرض وحمايتها خوفاً من ضياع ما تبقى منها، لكن رسالتنا للجميع ضرورة التحرك ومساندتنا لإنقاذ الأغوار قبل فوات الأوان".
*المصدر : القدس دوت كوم

1