أحدث الأخبار
الأربعاء 27 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 47739
المواطنة نجية بني عودة: نعيش في الخيام ونطهو على الحطب، لكننا لن نرحل!!
10.09.2020

كتب علي سمودي- تخوض المواطنة نجية عبد الله حافظ بني عودة، وزوجها المزارع يوسف بشارات، معركة صمود وثبات دفاعا عن الأرض في خربة "المكحول"، وسط ظروف بائسة وحياة قاسية، تفتقر لأدنى متطلبات المعيشة، في ظل حملات الاحتلال الذي لم يتوقف عن ملاحقتهم وطردهم وتشريدهم من موقع إلى آخر، عبر هدم المساكن والبركسات خاصتهم والحرمان من ابسط مقومات البقاء.ورغم ذلك، تقول بني عودة "تهديدات وممارسات الاحتلال الذي يحاصرنا بلقمة عيشنا وشرابنا لا ترهبنا، صحيح أننا نعيش في الخيام وننام بالظلمة ونطهو على الحطب، لكننا لن نغادر ولن نتخلى عن مصدر رزقنا وأرضنا. هم يملكون الدبابات والجرافات التي تهدم وتخرب، ونحن نملك الارض والحق والارادة، وسنبقى هنا ولن نرحل ".
*واقع الحياة
منذ عقود طويلة، استقرت عائلة بني عودة وبشارات التي تنحدر من بلدة طمون، في منطقة تسمى "الرواق"، الواقعة شرق بلدة طمون في الاغوار بمحاذاة معسكر "حمدات" المقام على اراضي طمون وطوباس، وعاشت كما تروي نجية (أم حسين)، حياة مستقرة وجميلة وهادئة وسط ظروف معيشية مناسبة من خيرات الارض التي رواها السكان من كفاحهم وكدحهم وعرقهم، وتقول: "أصبحت الأرض كل حياتنا، وتعاون الجميع، الرجال والنساء في رعايتها وزراعتها ، حيث كانت الزراعة مصدر عيشنا الاول، واشتهرت المنطقة بزراعة القمح والشعير والبيكا، فيما ساعد توفر المراعي الخصبة والواسعة في تربية وتجارة الثروة الحيوانية، وكنا منها نقوم بصناعة الألبان والاجبان التي نسوقها في طوباس ونابلس".
*كابوس الاحتلال
هذا الواقع، أثار غضب واستنفار الاحتلال الذي يسعى لالغاء الوجود الفلسطيني عن خارطة الأغوار، حيث بدأ باستهداف المنطقة والتضييق على سكانها ، وتقول: "عشنا في المنطقة رغم الحياة الصعبة التي لم يتوفر لنا فيها سوى القليل من الاحتياجات، قيود الاحتلال التي تمنعنا من البناء، ارغمتنا على العيش في الخيام على قناديل الكاز نتيجة حرماننا من الكهرباء، وكنا نجهز الطعام على الحطب الذي نجمعه من الجبال المجاورة، لكن الاحتلال لم يتركنا بحالنا، حيث تكررت عمليات هدم الخيام وطردنا وتخريب خزانات وبراميل المياه التي نشرب منها ونروي الماشية، وفي كل مرة، نعاود البناء والاعمار لنحافظ على أرضنا وحياتنا ".
*التحدي والتعاون
وقفت أم حسين كغيرها من نساء المنطقة، إلى جانب رفيق دربها في كافة المحطات، في الدفاع والتصدي والبناء والزراعة وحتى رعاية الماشية، وتقول: "لم يكن يمر في حياتنا دون منغصات وتهديدات واخطارات بالترحيل عن الارض التي أصبحت كالدم تسري في عروقنا، وتشكل حياتنا وأرواحنا ".وتضيف: " لقد شطبنا من قاموس حياتنا كلما الخوف أو الرعب وأدنى تفكير بالرحيل. ككل نساء الأغوار، فاننا نعمل في الارض ورعايتها وزراعتها وقطف محاصيلها مع أزواجنا وأُسرنا، وليل نهار ندافع عن أرضنا ونحميها ونقاوم من أجل مصدر رزقنا ومعيشتنا".وتكمل: "أنا وزوجي وأبنائنا الثمانية بما فيهم الاطفال، بقينا نقارع الاحتلال 15 عاماً، زرعت وقمت برعاية الماشية لنبقى في الارض رغم الألم والمرارة والماسي التي نواجهها" .
*الرحيل الأول
وتروي أم حسين، أنه وبعد فشل كافة الاساليب، شن الاحتلال هجمة شرسة وواسعة بحق سكان منطقة "الرواق" عام 1994، صادر خلالها بيوت الشعر التي يسكن فيها المزارعون، وسلم الجميع اخطارات بالرحيل.وتقول: "لم نقف مكتوفي الايدي، فقد توجهنا للمحكمة العليا ورفعنا قضية ضد القرار، وأعدنا بناء ما دمره الاحتلال الذي نفذ حملة ثانية عام 1997، هدم خلالها بيوت الشعر مجدداً ودمر خزانات المياه، لنبقى نعيش حالة ترقب".وتضيف: " لم يتوقف الاحتلال عن استخدام وسائل مختلفة لمنعنا من مواصلة العيش في المنطقة، واضافة للهدم المتكرر والاستيلاء على الصهاريج التي تزودنا بالمياه، عانينا الكثير من التدريبات العسكرية التي كنا نُرغم خلالها على الاخلاء والمغادرة لفترات قصيرة، حتى نرضخ للامر الواقع ونرحل، كما وعشنا الصدمة الكبيرة، عندما رفضت المحكمة اعتراضنا، وصادقت على قرار الاحتلال، وأُرغمنا على الرحيل عام 2003، حيث انتقلنا للاقامة في منطقة الحديدية، التي لم تكن ظروفها أفضل، فالاحتلال يستهدفها منذ سنوات، وقد عانينا مرة اخرى من حملات التفتيش والتدمير والهدم وممارسات المستوطنين، واضطررنا بعد عامين للرحيل مجدداً طلباً للاستقرار والامان والمعيشة والرزق".
*الرحيل الثاني
منذ 15 عاماَ ، تعيش عائلة أم حسين في خربة "المكحول"، تتعاون مع زوجها في رعاية الماشية التي تعتبر حالياً مصدر معيشتهم الوحيد، وتقول: "حياتنا تفتقر لادني متطلبات المعيشة، بسبب سياسات الاحتلال الذي يسعى لمنع وجودنا في المنطقة، حيث أجهز العجين والطعام على الحطب، ونشتري المياه لنا وللماشية باثمان باهظة، وفي ظل عدم توفر المراعي، فان احتياجات الاغنام تكلفنا مبالغ كبيرة".وتكمل: "إذا عملنا فإننا سنتمكن من توفير متطلباتنا اليومية، واذا لم نعمل لن نتمكن من ذلك، فكل شيء سعره مرتفع، ونتحسر على أوضاعنا السابقة التي حرمنا منها الاحتلال".وتقول: "لا توجد خدمات أو مراكز أو رعاية صحية هنا، واذا مرض أحدنا علينا السفر إلى طوباس للعلاج، فالمعاناة تلازمنا في كل شيء".
*صور أخرى
أم حسين التي لم تحظ بالتعليم ، تحرص كباقي أهالي الاغوار، على تعليم ابنائها، وتقول: "رغم بؤس الحياة والاحتلال وعقباته والمستوطنين وجرائمهم، وعدم توفر مدارس في مناطقنا، الا اننا نعتبر التعليم سلاحنا الاهم، فأبنائي يتعلمون في مدارس عين البيضاء كباقي أقرانهم، حيث وفرت وزارة التربية والتعليم حافلة لنقلهم حفاظاً على مسيرتهم التدريسية ومستقبلهم".

1