أحدث الأخبار
الجمعة 05 كانون أول/ديسمبر 2025
1 2 3 41158
نجار البحر يعيد الحياة لقوارب غزة المدمرة!! .
05.12.2025

غزة - بين أنقاض الحرب الإسرائيلية وأثر الدمار الذي لحق بقطاع الصيد في قطاع غزة، يبرز نجار فلسطيني كرمز للأمل والصمود، يعيد الحياة لقوارب الصيادين المدمرة.وبمهارته وصبره، يحول الخشب المكسور والألواح المهترئة إلى قوارب صالحة للإبحار والصيد في سواحل القطاع المحاصرة، ليعيد للبحر جزءًا من حياته ويمنح الصيادين فرصة لمواصلة رزقهم.
وقصة هذا الحرفي ليست مجرد عمل يدوي، بل شهادة على الإصرار الفلسطيني على مواجهة التحديات اليومية، وعلى قدرة الفرد على تحويل الدمار إلى أمل جديد.وفي قلب ميناء مدينة غزة، حيث كانت الأمواج تُداعب مراكب الصيادين الفلسطينيين قبل أن تحولها الصواريخ الإسرائيلية خلال الحرب إلى دمار وخراب، يقف الشاب عطية مقداد، محدّقا في الأفق بعينين لا تعرفان الاستسلام.
وعطية ليس مجرد صناعيّ عادي، بل نجّار “الألياف الزجاجية”، حيث يعمل بخبرة ويدٍ ماهرة في ظل ندرة المواد وشح الأدوات وحاجة الصيادين إلى صيانة مراكبهم المدمرة ليلتقطوا أرزاقهم من بين أمواج البحر المتلاطمة.ويقول في حديث مع وكالة الأناضول، وهو جالس على أحد المراكب المتضررة بفعل القصف الإسرائيلي داخل ميناء غزة، “اليوم نعمل بعد أن دمر الاحتلال تقريبًا كل مراكب الصيادين، ولم يبق إلا قلة قليلة”.
الحرفي الشاب عطية مقداد أخذ على عاتقه إصلاح المراكب من مواد تكاد تكون معدومة حتى يستأنف الصيادون نشاطهم قريباوهذا الدمار الكبير في مراكب الصيادين يدفع عطية إلى الاستيقاظ كل صباح، ليس للربح، بل على أمل أن يساهم أحد القوارب التي عمل على صيانتها في حمل الصيادين نحو البحر مرة أخرى.ويبدأ عطية يومه بجولة في مكان مليء ببقايا المراكب المحطّمة هنا وهناك، وأبواب منازل مدمّرة، وخشب قديم، كل ذلك يجمعه بعناية لاستخدامه في صيانة المراكب.ويقول وفي يده مجدافٌ مصنوع من خشب أبواب مدمرة “هذه الأبواب المدمرة نستخدمها في أعمال صيانة القوارب وتصنيع المجاديف، نصنع كل شيء هنا من تحت الصفر”.والمواد التي يحتاجها لترميم القوارب أصبحت نادرةً وغالية، فالألياف الزجاجية التي تعد المادة الأساسية لعمله، تباع بسعر باهظ يصل الكيلوغرام الواحد منها إلى 150 شيكلًا (46 دولارا) إنّ توفرت، بينما كان السعر قبل الحرب لا يتجاوز 40 شيكلًا (12 دولارا).ومع هذا الغلاء، يجمع عطية القطع المدمّرة من مراكب الصيادين، ويعيد تجميعها قطعة تلو الأخرى، كما لو كان يحيي ذكريات الصيد التي فقدها قطاع غزة بأكمله.
وحتى المجاديف يصنعها بيديه، يقصّ الخشب بعناية، ينحته، ينقّيه، يركّب المجداف كأنه يبني أملا جديدا، رغم أنها قطع خشبية أعيد استخدامها من بقايا المنازل المدمرة، وفق قوله.ويوضح عطية صعوبة العمل قائلا “عملنا كله من خشب قديم، فصيانة القارب المجداف تصل إلى 30 ألف شيكل (9 آلاف دولار)”.
وبخصوص تحديات توفر الطاقة اللازمة لعمله، يقول “لا كهرباء ثابتة، لكننا نستخدم الطاقة الشمسية في أوقات الذروة لتشغيل بعض الأدوات والمعدات الكهربائية البسيطة التي تساعدنا على إنجاز أعمالنا”.ويضيف، وجبينه يتصبب عرقا، “نعمل من العدم”، مطالبا بتأسيس مؤسسة خاصة لدعم الصيادين وتوفير مواد الصيانة اللازمة لمراكبهم المدمرة والأدوات والتمويل والدعم اللازم لعودتهم إلى الصيد بعدما أنهكتهم حرب الإبادة الجماعية على مدار عامين متواصلين.وشدد على أن “الصيادين لا يحتاجون فقط إلى قوارب، بل إلى كرامة وأمل”.
واستيقظ الصيادون في غزة على حجم الخسائر التي خلفتها الحرب الإسرائيلية على القطاع بعد أن انعكست آثارها الثقيلة مباشرة على أعمالهم، وسط محاولات مضنية لتفكيك العقبات الكبيرة تدريجيا بعد اتفاق وقف العدوان لمواصلة نشاطهم.ومنذ بداية االعدوان العسكري الإسرائيلي في أكتوبر 2023 بعد إطلاق حركة حماس طوفان الأقصى، تعرض قطاع الصيد البحري في غزة لدمار شبه كامل، مما أدى إلى انهيار هذا القطاع الحيوي الذي كان يشكل مصدر رزق لأكثر من 20 ألف شخص.وقال نقيب الصيادين في غزة نزار عياش إن “الخسائر التي لحقت بهذا المجال نتيجة الحرب الإسرائيلية تجاوزت 75 مليون دولار”، محذرا من انهيار هذا القطاع الحيوي الذي يعد مصدر الدخل الرئيسي للآلاف من العائلات.وأوضح عياش في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الألمانية أواخر الشهر الماضي، أن “القصف الإسرائيلي أدى إلى تدمير شامل للبنية التحتية للموانئ”.
وتشير التقديرات إلى أن إسرائيل دمرت نحو 95 في المئة من مراكب الصيادين في قطاع غزة نتيجة القصف المستمر، بينما فقد أكثر من 4500 صياد مصدر رزقهم، مع تدمير غرف التخزين ومراسي الميناء.ووفقا لتقرير أصدرته شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية (بي.أن.جي.أو) في سبتمبر 2024، فقد لقي 150 صيادا مصرعهم، وتعرضت 87 في المئة من قوارب الصيد للتدمير أو الأضرار، بما في ذلك 96 قاربا مزودا بمحركات و900 قارب غير مزود بمحرك.كما تم تدمير ميناء غزة والبنية التحتية الرئيسية لقطاع الصيد، مما أدى إلى خسائر غير مباشرة تقدر بحوالي 7 ملايين دولار شهريا.

1