أحدث الأخبار
الثلاثاء 01 تشرين أول/أكتوبر 2024
1108 109 110 111 112 113 1147631
75 ألفاُ نزحوا من جنوب غزة خلال أيام… وشهادات مؤلمة !!
12.08.2024

بدأت عمليات نزوح مهولة من المناطق الشرقية والشمالية والوسطى لمدينة خان يونس، جنوبي قطاع غزة، بعدما أصدر جيش الاحتلال أوامره للنازحين بضرورة التوجه غربًا إلى ما سماها “المنطقة الإنسانية المعدلة” على طول الشريط الساحلي شمالي القطاع بين مواصي خان يونس ودير البلح، مبرراً سلسلة التهجير القسري للمدنيين برغبته في شن عملية عسكرية في المنطقة.وغادر آلاف النازحين أحياء شرق خان يونس “عبسان الصغيرة، عبسان الكبيرة، وبني سهيلا، خزاعة، الفخاري” إضافة إلى منطقة مدينة حمد، التي عادوا إليها مؤخرًا، بعد أن أسقط جيش الاحتلال منشورات تطلب منهم الرحيل، بالإضافة إلى إرسال رسائل نصية على هواتف البعض منهم.ووفق وكالة “الأونروا” تم تهجير أكثر من 75 ألف شخص في جنوب غزة خلال الأيام الماضية، وذكرت أن الاحتلال يصدر أوامر لإجبار المزيد على الفرار.وكتب المفوض العام فيليب لازاريني منشورا على منصة “إكس” قال فيه إن “النزوح الجماعي للشعب الفلسطيني لا يزال مستمرا بلا نهاية”.وأضاف “في الأيام القليلة الماضية فقط، نزح أكثر من 75 ألف شخص في جنوب غرب غزة، وأصدرت السلطات الإسرائيلية، الليلة الماضية (السبت)، أوامر إضافية لإجبار المزيد من الناس على النزوح مرات أخرى”.وأشار إلى أن بعض النازحين “قادرون فقط على حمل أطفالهم معهم، وبعضهم يحملون حياتهم كلها في حقيبة صغيرة واحدة”.وقال إنهم ويقصد النازحين “ذاهبون إلى ملاجئ مكتظة بالعائلات، دون تحديد مكان معين، وأنهم فقدوا كل شيء ويحتاجون إلى كل شيء”.وسلك عشرات الآلاف من النازحين طرقاً وعرة وغير ممهدة إلى مناطق غرب خان يونس، حيث اضطر بعضهم إلى قضاء ليلته في الشارع، بعد أن تركوا أمتعتهم وراءهم، وقطعوا أكثر من 6 كيلومترات مشياً على الأقدام، تحت نيران القصف، فيما نجح القليل منهم في تدبير سيارات أو عربات تجرها الدواب، لحمل خيامهم وبعض حمل الوسائد والفرش والأغطية.لم يجد يوسف البريم، النازح من منطقة الشيخ ناصر، وسيلة مواصلات تنقله وعائلته إلى منطقة المواصي، بعد تلقيه منشوراً من جيش الاحتلال بضرورة مغادرة المنطقة الواقعة جنوب شرق خان يونس.يقول لـ”القدس العربي”: “قطعنا نحو 5 كيلومترات سيراً على الأقدام، لأننا لم نجد أي وسيلة مواصلات، فحملنا بعض الملابس الخفيفة ودلاء المياه، وبتنا ليلتنا في الشارع تحت نيران القصف المدفعي والجوي”.ولا يدري المواطن الأربعيني أين سيقيم، فهو عائد لتوه إلى منزله المدمر في منطقة الشيخ ناصر، قبل أن يصدر جيش الاحتلال أوامره الجديدة بالإخلاء.ويضيف: “لم يمض على عودتنا أكثر من يومين فقط. هذه لعبة حاوريني يا تيتا. الاحتلال يتلاعب بنا. هذه ثالث مرة أعود إلى بيتي ثم أنزح منه. ومش عارف وين رايح؟ أينما ستضعني قدمي في الشارع سأجلس”.أما أمين القصاص فقد نزح بين مناطق خان يونس ورفح، جنوبي قطاع غزة، نحو 10 مرات، ويوضح النازح من منطقة حمد: “هذه تقريباً المرة العاشرة التي تُجبر فيها عائلتي على النزوح القسري. لدي والدي ووالدتي كبار في السن، عانوا كثيراً خلال رحلة النزوح مشياً على الأقدام”.ولم يجد المواطن الثلاثيني خيمة أو شقة سكنية فارغة في منطقة المواصي للإقامة فيها.ويوضح لـ”القدس العربي”: “سنضطر للمبيت في الشارع. هذه المنطقة الإنسانية المزعومة من قبل الاحتلال غير كافية ولا آمنة لحوالي مليوني نازح. قطاع غزة بأكمله قد تحول إلى كتلة كبيرة مظلمة من الركام، تتوسطها مساحة صغيرة مكتظة بالسكان غير قادرة على استيعاب أعداد جديدة وغير صالحة للعيش الآدمي”.
ويتمنى أن ينتهي العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والمستمر للشهر الحادي العاشر على التوالي، في ظل رغبة الشعب الفلسطيني في العيش بسلام: “نحن لا نريد هذه الحرب، نريد الإقامة في بيوتنا آمنين سالمين. لا بد أن تتوقف سياسة القتل والإبادة الجماعية والتهجير، التي يتبناها الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة”.ويحمل علي أبو جزر الهم نفسه، فهو أيضاً نازح من منطقة وسط خان يونس، ولا يدري “إلى أين يذهب؟: يقول: “اختفى الأمان من كل مناطق قطاع غزة. ألقى جيش الاحتلال مناشير الإخلاء في الساعة الثانية عشرة صباحاً، وأعقبها مباشرة بقصف صاروخي، لم يترك لنا حتى فرصة للإخلاء. وسيفعل ذلك أيضًا في المنطقة التي سننزح إليها أيضًا، حيث سنقيم في الشارع بلا سقف خيمة حتى يظلنا”.ويصف النازح الستيني معاناة النزوح سيراً على الأقدام خلال حديثه لـ “القدس العربي”. فيقول: “كنا جميعًا كبارًا وصغارًا ومقعدين على كراس طبية نتحرك دون وسيلة مواصلات ومن خلفنا الصواريخ تنهمر كالمطر، نشاهد البيوت التي كانت شبه قائمة على بعض الأسقف والأعمدة تتحول إلى ركامٍ ويتم تسويتها بالأرض. كانت رحلة نزوح فظيعة، ستتفاقم فظاعتها بعد أن أصبحنا في الشارع بلا مأوى”.وعلى مقربة من أبو جزر، وقف نازح من منطقة عبسان الصغيرة، يبكي بعد رحلة نزوح ليلية محفوفة بالقذائف التحف فيها الأرض وتغطى بالسماء، ويقول بصوت يحمل نبرة استنكار: “أنا لا أبكي على تدمير بيوتنا واستشهاد أبنائنا – ألف رحمة ونور عليهم- بل أبكي على من خذلنا وصمت أمام الاحتلال على تشريد هذا الشعب وإذلال هذا الشعب”، في إشارة منه إلى تخاذل العديد من الدول العربية عن نصرة قطاع غزة.ويحكي المواطن الفلسطيني، الذي فضل أن نناديه أبو حسن خلال حديثه لـ”القدس العربي” عن الويلات التي عاناها مئات النازحين على الطريق من عبسان إلى مواصي خان يونس، ويقول: “كان الناس يمشون مهرولين قلقين. كانت الأمهات تشد الأطفال الصغار من أيديهم، وتجبرهم على المشي سريعًا. كان الأطفال يبكون، وكانت مشاعر الغضب والضيق والحزن تعلو الوجوه، لكن على الجميع المشي سريعًا بينما تحيط بهم أصوات القصف من جميع الجهات”.ويتمسك بالأمل رغم شكواه من النزوح والحرب، التي أقترب أمدها لأن يصل إلى عام كامل متحديًا العدو الصهيوني بأنه لن يستطيع تفريغ الأراضي الفلسطينية من شعبها.ويؤكد: “نحن باقون على هذه الأرض إلى ما لا نهاية، سواء توقفت الحرب أو لم تتوقف لا تتوقف. لن نترك أرضنا للاحتلال رغم ما نعانيه من إبادة جماعية على مرأى ومسمع من العالم أجمع"ويرى ناهض سعد، وهو مسن فلسطيني، أن رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو يسعى إلى إطالة أمد الحرب على غزة، من أجل الحفاظ على كرسيه كرئيس لحكومة الاحتلال: “أي لحظة ستتوقف فيها، سيذهب نتنياهو إلى الجحيم، لأنه ملاحق بقضايا فساد من شعبه، ومتهم بالتقصير الاستخباراتي في هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول”.
ويؤكد النازح من منطقة أصداء لـ “القدس العربي”، “سياسة التهجير التي يتبعها الاحتلال الهدف منها كسر راية وإرادة المواطن الفلسطيني”، فهو يعتبرها “محاولة للي ذراع المواطن الصابر الصامد في أرضه، عن طريق النزوح عدة مرات”.وأشار إلى أن إعادة الاحتلال اجتياح المناطق التي دخلها مسبقًا سواء في شمال غزة أو جنوب ووسط القطاع “يدل على الروح الانهزامية للحكومة الصهيونية وجيش الاحتلال، بعد أن فشلوا في تحقيق هدف الحرب بالقضاء على حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وتحرير الأسرى الإسرائيليين، فلجأوا إلى تعذيب المدنيين من الشعب الفلسطيني”.ويوجّه المسن الفلسطيني رسالة إلى الاحتلال الإسرائيلي: “نحن صامدون. ما بترهبنا يا صهيون.. لا بتقلع كل العيون.. ما بيسقط منّا مليون. بعد الليل بيجي نها. الشعب صامد، طريق الحرية والوصول إلى القدس ورفع علمنا ليس رخيصًا، غالي الثمن، لكنه ليس أغلى من وطننا وأرضنا”.وليلة السبت – الأحد، وسعت قوات الاحتلال أوامر الإخلاء القسري في خان يونس لتشمل المناطق الشمالية والوسطى من المدينة الواقعة جنوبي قطاع غزة، وبينها مناطق الجلاء، والقرارة، وحمد، تمهيداً لشن عملية عسكرية فيها.
ورصدت “القدس العربي” حركة نزوح كبيرة من منطقة الجلاء في مدينة حمد، شمال مدينة خان يونس، والذي يسكنه أكثر من 100 ألف مواطن ونازح غزي، إذ اضطر النازحون إلى ترك خيامهم وأمتعتهم، وهربوا سيراً على الأقدام، تحت وابل من النيران والقصف الجوي والمدفعي الاسرائيلي.وتلقى يوسف أبو مرزوق رسالة هاتفية من الاحتلال بضرورة ترك مدينة حمد، ليلة السبت – الأحد، فبدأ بتجهيز أغراضه من ملابس وبعض الأثاث، استعداداً للمغادرة، لكنه فوجئ، صباح أمس الأحد، بقصف صاروخي ومدفعي يستهدف منطقة أبراج حمد التي تقع خيمته بالقرب منها، فاصطحب عائلته وفر قبل أن تطاله القذائف الحربية.اضطر النازح الخمسيني إلى المشي سيراً على الأقدام باتجاه مواصي خان يونس، مصطحبًا زوجته وثلاثة من الأطفال.يقول لـ “القدس العربي”: “ليلة أمس جهزنا حقائب الملابس ووضعنا الوسائد والفرش والأغطية والأواني في أجولة، ومع ظهور شمس الصباح بدأت في فك أخشاب الخيمة، وبينما أنا على هذه الحالة، رأيت صاروخًا موجهًا من مقاتلة حربية صهيونية يستهدف الأبراج في الجهة المقابلة من الخيمة، فجرجرت أولادي وفررت، ونحن الآن في الطريق إلى مواصي مشياً بعد أن فشلنا في إيجاد أي وسيلة مواصلات”.وعن لحظة القصف، يوضح: “طالت شظايا الصاروخ بعض الخيام المجاورة لخيمتي وأحرقتها، وأصيب عدد من النازحين، الذين اضطروا أيضاً إلى الهروب مصابين بالملابس التي يرتدونها، كما تواصل القصف من ورائنا. كانت لحظات صعبة ظننت فيها أننا قد نموت في تلك الغارة”.وأبدى تعجبه من أن الاحتلال لا يترك للنازحين الوقت الكافي لمغادرة المناطق التي يطلب إخلاءها، متسائلًا: “كيف يعني يستهدفونا بعد أقل من ساعتين على أمر الإخلاء؟”.
*تقرير بهاء طباسي.. **المصدر : القدس العربي

1