أحدث الأخبار
الاثنين 25 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 41135
فلسطين: راعي الأنتيكة في نابلس يقتنص الفرص بصبر أيوب !!
15.03.2016

وجدت تجارة الأنتيكة طريقها إلى السوق الفلسطيني بعد أن ازداد الاهتمام بديكورات البيت خاصة لدى العائلات الغنية، لكن هذه التجارة بدأت تشهد انتكاسات في ظل الأوضاع الاقتصادية وندرة التحف الفنية والأثرية في السوق الفلسطيني.
يجلس الستيني سمير اللفداوي أمام دكانه الذي يقضي فيه جل وقته، لكثرة عشقه لما يحتويه من قطع قديمة نادرة “الأنتيكة”، فهي هوايته منذ منتصف تسعينات القرن الماضي.وفي دكان اللفداوي الذي يقع بين أزقة البلدة القديمة في نابلس تناثرت قطع الأنتيكة وبعض الآلات الموسيقية القديمة على شاكلة مقطوعة موسيقية تعزف لحن الخلود على جدران تاهت بين الحضارات التي تعاقبت على البلدة القديمة.
ويرتب اللفداوي القطع النادرة التي تنتشر هنا وهناك، ويجلس بعدها على كرسيه تحت ضوء خافت يشعل سيجارته وينظر إلى تحفه، ويتناول صندوقا امتلأ بالأحجار الكريمة وهو يعمل على ترتيبها وتنظيفها.ويضيف لوكالة الأنباء الفلسطينية “وفا” “كنت في الأصل صانعا للصابون، فهي مهنتي، وكانت لديّ صبانة وأغلقتها مع بداية استيراد الصابون ومواد التنظيف الرخيصة، ولكن هوايتي منذ القدم هي جمع القطع النادرة والمحافظة عليها”.
ويتابع “مع بداية الثمانينات أصبح لديّ محلا لبيع الخشب الأنتيكة، ومع الوقت زاد اهتمامي بجمع التحف والقطع النادرة والتراثية بشكل جدي، ولكن شيئا فشيئا ابتعدت عن مهنتي الأصلية وهي صنع الصابون”.ويشير اللفداوي إلى أن ما يقارب من تسعين بالمئة من القطع التي يحضرها أصلية وخاصة، موضحا أنه لا يتعامل بالقطع الأثرية بل بالقطع التراثية. ويقول “قبل أربعين عاما لم يكن هناك اهتمام بهذه القطع لعدم معرفة قيمتها لدى البعض، لكن حاليا بدأ الوعي لدى الناس بالحفاظ على المقتنيات القديمة”.ويوضح أن تفكير الشخص في صنع زاوية شرقية تحتوي على التراثيات والأنتيكة، يشير إلى حالة من الرخاء المادي والوعي الفكري، فالإنسان بطبيعة تكوينه يفكر في الأكل واللباس والمسكن، وعندما تتوفر لديه كل هذه المقومات يبدأ بالتفكير في الأشياء الجميلة.
ويحصل اللفداوي على القطع من أماكن كثيرة من جميع أنحاء فلسطين، وفي بعض الأحيان يبحث عمن يملك هذه القطع ليشتريها منه.رشيد الابن الأكبر للفداوي يقول “في بعض الأحيان، كنت أرافق والدي وهو يجمع التحف والنثريات وقطع الأنتيكة من مختلف المناطق”. ويضيف “عندما كنا صغارا لم ندرك تماما ما يقوم به والدنا، لكن كنا نرى السعادة على وجهه عندما يحصل على قطعة نادرة ويحتفظ بها داخل منزلنا”.
ويتابع رشيد أن الحظ لم يسعفه بأن يتعلم هذه المهنة لأنه ليس لديه ما يكفي من الوقت لمتابعة ما يقوم به والده، ومع هذا فإن طفله جاد يشارك جده في حبه للأنتيكة والتراث القديم، وهو دائم المرافقة لجده. ويضيف “رغم قلة خبرتي في هذا العمل إلا أنني أظل على الدوام محتفظا بمقولة أبي التي تقول ‘ليس كل ما يلمع ذهبا’، فهناك قطع ليست أصلية رغم أنها تبدو قديمة، ولكنها صنعت هكذا”.
وفي البلدة القديمة من نابلس، ما زالت العديد من المحال تحتفظ ببعض المقتنيات الثمينة والتراثية. وفي شارع رفيديا يشرف عزام إسماعيل على محل للقطع الأثرية وتحف فنية وعملات قديمة ورقية ومعدنية مختلفة وساعات سويسرية وسجاد حرير وصوف ونحاسيات وفضة وأوان وكتب قديمة وتوابع خيول وغيرها.
ويقول عزام إن أغلب رواد المحل هم من العائلات الثرية إضافة إلى المهندسين والفنانين والهواة، كما يرتاد محله زبائن من فلسطين 48”.وبدأت رحلة عزام من خلال شراء كل ما تقع عليه عيناه من قطع وأشياء فريدة وغريبة يضعها جميعها في المحل، حيث تجد مجسّما لأبي الهول وتحفا فرعونية وخشبيات لفنون أفريقية وقوارير من الفخار وبكارج قهوة نحاسية وتحفا مزخرفة.
ولفت عزام إلى معاناة تجار الأنتيكة في جمع التحف والأنتيكات، خاصة بعد ما تفطن الأهالي إلى قيمة هذه التحف التي أصبحوا يفضلونها ديكورا لبيوتهم بدل بيعها.
ويؤكد عزام أن هذه التجارة تعتمد كثيرا على الحظ الذي قد يحالف تاجر الأنتيكة فيعثر على بعض الأشياء القيّمة في بيت ما، “فهناك العديد من الأسر الفلسطينية التي مازالت تحتفظ بمخلفات الآباء والأجداد، وقد لا تثير هذه المقتنيات أذواق الأجيال الجديدة فيرغب في التخلص منها، فيحصل التاجر على لوحة أو تمثال يمكن أن يعوضه عن خسارة عام كامل، لأن تجارة الأنتيكة تحتاج إلى الصبر والفطنة والتمرس”. ويتابع عزام “أن المبيعات الحالية قليلة جدا بالنسبة إلى الفترات السابقة بسبب الوضع الاقتصادي السيء واعتمادنا أكثر في البيع على بعض زبائننا القدامى”.

1