أحدث الأخبار
الجمعة 22 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1 2 3 41134
فرسان مغاربة يسترجعون انتصارات الأجداد وأمجادهم بـ"التبوريدة"!!
26.08.2014

محاميد الغزلان (المغرب) التبوريدة أو الفانتازيا أوالباردية هي أسماء تطلق على عروض فروسية تحاكي هجمات عسكرية تمارس في بلدان المغرب العربي، في مختلف مناطقها، العربية والأمازيغية والصحراوية، لما تتميز به من جاذبية قوية بسبب قدرتها على إبهار المشاهدين بفضل صبغة الغموض والأساطير التاريخية القديمة التي تجعلها تضفي تأثيرا وسحرا خاصين على محبي تلك المشاهد.ترتسم الابتسامة على وجه الحسن الدويلي، قائد فرقة الخيالة أو الفرسان المعروف باسم “العلام”، كلما نجح أعضاء مجموعته في تسديد طلقات في وقت واحد، تارة نحو “عدو” توهموه موجودا على الأرض، وتارة أخرى في اتجاه السماء، لتحدث دويا كبيرا، يسعد الحاضرين في جنبات “ساحة الوغــى”.وبالمقابل، فإن كل فشل لدى فرسان الفرقة في تسديد الطلقات دفعة واحدة يجعل وجه “العلام” عابسا، مثلما يغضب الجمهور الذي يأتي إلى المكان من أجل الاستمتاع بعروض تذكره ببطولات الآباء والأجداد.
هذه الهواية تعرف بـ”التبوريدة”، وتجسد المعارك التي خاضها فرسان المغرب في مختلف القرون، ويقول عنها الدويلي: “نحن ورثنا “التبوريدة” عن أجدادنا، فجهادهم ضد المستعمر ودفاعهم عن القبيلة كانوا يخوضوهما كرا وفرا من على صهوات خيولهم وببنادق مثل التي نحملها معنا”، متابعا: “الفروسية تسري في عروقنا وما تركه لنا الأجداد لا نستطيع التفريط فيه”.وكان فرسان فرقة الدويلي قاموا بعدة تدريبات في نفس الساحة بشكل فردي وثنائي وثلاثي ورباعي، يختبرون فيها خيولهم ومدى قدرتهم على التحكم كل على حدة بجواده وسط ساحة من تراب قبل أن يبدأ العرض.وحالما عبر جميع الفرسان عن جاهزيتهم، أصدر “العلام” تعليماته لمساعدي الفرسان من أجل إحضار البارود لحشو البنادق، لتنطلق هجمات الفرقة وطلقاتها الجماعية التي تمتع المتفرجين رغم دوي البارود المفزع.“نقوم بتدريبات مستمرة، لكن لابد من تدريب سريع نكتشف من خلاله خصوصية الأرض التي سنقوم بالكر والفر فوقها”. يشرح الدويلي، الذي قدم صحبة فرسان فرقته من قرية “خميس أركا” بإقليم آسفي (غرب وسط المغرب)، ليحلوا ضيوفا على قبيلة النواجي بمحاميد الغزلان (أقصى جنوب شرقي المغرب)، ويمارسون هوايتهم أمام جمع من المتفرجين.
وتنتشر “التبوريدة” في معظم أنحاء البلاد، وتجسد المعارك التي كان يخوضها الفرسان في مختلف الحروب التي عرفها البلد في العقود والقرون الماضية، حين كان حمل البندقية وركوب الفرس فعلا ضروريا لخوض المعركة.هذه الهواية، التي تجسد الكر والفر اللذين كانت تعرفهما الحروب بالاعتماد على ركوب الخيل وتسديد الطلقات ببنادق، أضحت تقليدا يفتخر به أعيان كل قبيلة وأبناؤهم، لتخلق أجواء من الاستمتاع والنشوة لدى جمهور يروقه دائما أن يتذكر من خلالها أمجاد الأجداد وبطولاتهم. يذكر أن ألعاب الفروسية و”التبوريدة” عرفت انتعاشة كبيرة في المنطقة المغاربية، حيث ارتقت إلى صنف رياضي معتمد في المغرب، بمعايير فنية وتنافسية محددة، كما عرفت سنوات 2000 بروز العديد من المواسم والمهراجانات، ذات التغطية الإعلامية والشعبية الكبيرة، على غرار مهرجان الفرس في الجديدة، وعرفت امتداد هذا النوع الفرجوي، الذي كان حكرا على الرجال، إلى النساء أيضا، بظهور مجموعة من “السربات” النسوية النشيطة.وكانت ألعاب الفروسية الشعبية في المغرب مصدر إلهام عدد كبير من الفنانين، على رأسهم الفرنسي دولاكروا، الذي كانت لوحاته الشهيرة سببا في تعريف هذه الألعاب وذيوع صيتها.

1