أحدث الأخبار
الأربعاء 30 تشرين أول/أكتوبر 2024
1 2 3 41133
المزارعون الهنود يبحثون عن قمح يتحمل التقلبات المناخية!!
05.07.2024

رامبا (الهند) - يعرف ساتفير سينغ أن عائلته ستدبر أمورها إذا كان بحوزتها كيس من دقيق القمح لصنع الروتيس (وجبة ساخنة ومحشوة بشرائح البصل) عندما يفشل كل شيء آخر في مكافحة الجوع.وتستطيع الأسرة اليوم تغطية البعض من احتياجاتها بفضل الحصص الغذائية التي تتلقاها من برنامج حكومي يوزع الغذاء على 800 مليون شخص في جميع أنحاء الهند. وقال سينغ "هذا لا يكفي، فالقمح يساعد في يوم سيء عندما يكون المال شحيحا".وأضاف وهو يفكر في موعد أخذ الحبوب لطحنها إن إمدادات البرنامج الحكومي ليست منتظمة دائما. وتقرر قبل عام أو عامين استبدال حصة القمح للعائلة جزئيا بالأرز، وهو بديل ضعيف.وشهدت سنة 2022 وصول الطقس الحار مبكرا إلى مناطق زراعة القمح الرئيسية في الهند، مما قلص المحاصيل ودفع الحكومة إلى حظر صادرات القمح وخفض حصص الحبوب في إطار برنامج توزيع الأغذية لحماية المخزون المحلي.وأعاد التاريخ نفسه بعد سنة، وتتوقع هيئة صناعية رائدة أن محصول هذا العام سيكون أقل بنسبة 6.25 في المئة من تقديرات الحكومة البالغة 112 مليون طن، مما يمهد الطريق أمام البلاد للاستيراد لأول مرة منذ ست سنوات.وتشكل آثار تغير المناخ (الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات) تهديدا رئيسيا ناشئا للأمن الغذائي في الهند وغيرها من الدول، مما يسرع الجهود المتنوعة لإدخال محاصيل أكثر قدرة على تحمل التغيرات المناخية.ويتسابق العلماء في معاهد البحوث الحكومية والجامعات في الهند، التي تعدّ ثاني أكبر منتج للقمح في العالم، لتطوير وتوزيع مجموعة واسعة من أصناف القمح المقاومة لتغير المناخ والتي يمكن أن تكون حيوية لدعم الأمن الغذائي لسكان البلاد البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة.وركزت برامج تربية المحاصيل في العادة على زيادة الإنتاج، "لكن هذا وحده لم يعد كافيا"، حسب تصريحات أديتي موخيرجي، مديرة التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره في المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية، وهي شراكة بحثية عالمية تركز على الأمن الغذائي.وأضافت "أصبحنا الآن بحاجة إلى بذور يمكنها تحمل درجات حرارة أعلى ومقاومة للجفاف، أو تلك التي تتضمن العديد من الميزات المقاومة لتغير المناخ".ولم تتمكن إمدادات البذور الجديدة الأكثر صلابة من الوصول بسرعة كافية إلى المزارعين مثل سوخا سينغ، الذي يزرع القمح على قطعة أرض مساحتها 20 فدانا (8 هكتارات) في قرية رامبا في ولاية هاريانا الشمالية، بعد الخسائر الفادحة المرتبطة بالمناخ في السنوات الأخيرة.خسر سوخا سينغ أكثر من 30 في المئة من محصوله من القمح بسبب موجة الحر التي شهدها حزام القمح في شمال الهند في هاريانا وولاية البنجاب المجاورة خلال مارس 2022، قبل الموسم الحار العادي بين أبريل ويونيو. وقال من مزرعته إن "القمح هو محصولي الرئيسي. وتسلّط أي صدمة في الحصاد ضغطا على دخلي يستغرق التعافي منه سنتين على الأقل".وأبرزت الدراسات أن الزيادات في درجات الحرارة المرتبطة بتغير المناخ قد تقلل من محاصيل القمح العالمية بنسبة تصل إلى 30 في المئة بحلول منتصف القرن، مما قد يخفض الصادرات من المنتجين الرئيسيين مثل الهند ويرفع أسعار المواد الغذائية العالمية.وأشار تقييم حكومي إلى أن المحاصيل يمكن أن تنخفض في الهند بأكثر من 8 في المئة بحلول 2035 بسبب ارتفاع درجات الحرارة القصوى وانخفاض هطول الأمطار. وقد يصل الانخفاض إلى 20 في المئة بحلول نهاية القرن.
وطوّر المعهد الهندي الحكومي لأبحاث القمح والشعير الصنف الجديد الذي يعتبرونه ضد تقلبات درجات الحرارة والأمطار المفاجئة، ووعد مطوروه بأنه قادر على رفع المحاصيل.
وأحصى المزارعون الآخرون في هاريانا خسائر الحصاد المرتبطة بالمناخ للعام الثاني على التوالي في 2023، لكن القمح الذي حصده سوخا سينغ بلغ 25 قنطارا (2.5 طن) لكل فدان، بما يتماشى مع متوسطه على المدى الطويل. وترجع النتائج إلى الصنف الجديد. واعتبر المعهد لذلك "البذور خط الدفاع الأول" عن الأمن الغذائي للبلاد ودخل الملايين من المزارعين.
يتواصل تطوير أكثر من 70 نوعا من القمح المقاوم لتغير المناخ، ويتوفر بعضها بالفعل في السوق في الهند لتلبية مجموعة واسعة ومتنوعة من الظروف الجوية والتربة في البلاد.وقال مدير المعهد جيانيندرابراتاب سينغ إن "هذه الأصناف تنقذ محاصيل القمح من الحرارة والجفاف وجرف المياه والأمراض السائدة". وأكد تطوير جلها بتهجين جينات البذور الأصلية، وتعتمد 20 في المئة مواد وراثية قدمتها منظمات دولية.وقال عالم زراعي حكومي يعمل على تطوير القمح المقاوم لتغير المناخ إن تطوير صنف واحد يستغرق من ثلاث إلى أربع سنوات، وسنتين أو ثلاث سنوات أخرى للاختبار، وثلاث إلى أربع سنوات أخرى للتوزيع على نطاق واسع.وأضاف بالفيندر سينغ، تاجر البذور في رامبا التي اشترى سوخا سينغ منها بذوره المقاومة للمناخ، إن هذا يعني أن العملية قد تستغرق ما يصل إلى 10 سنوات كاملة حتى يصل صنف جديد من البذور إلى جميع المزارعين في البلاد. وقال العلماء إن التحدي الكبير التالي يكمن في إتاحتها للمزيد من المزارعين، وبسرعة أكبر، من خلال اعتماد أنظمة توزيع مبتكرة.

1