تنتشر ثقافة نصب كاميرات المراقبة في المنازل والعمارات السكنية والمحال التجارية في مختلف مدن العراق، وسط تشجيع أجهزة الأمن التي تريد التضييق على مرتكبي أعمال الجريمة المنظمة، وحتى تلك الإرهابية.وتزدهر أعمال مكاتب بيع وتركيب وصيانة كاميرات المراقبة في بغداد ومختلف المدن، حتى باتت تنافس محلات تصليح باقي الأجهزة المنزلية، بحسب ما يخبر عقيد في وزارة الداخلية العراقية رفض كشف اسمه ، مشيراً إلى أن "كاميرات المراقبة التي يملكها أشخاص في منازلهم ومتاجرهم كشفت خلال العام المنصرم أكثر من 7 آلاف جريمة تنوعت بين سرقة واعتداء مسلح وخطف وجرائم جنائية أخرى في مختلف المحافظات".بالطبع تستخدم أجهزة وزارة الداخلية كاميرات لمراقبة التقاطعات العامة والمناطق الحساسة وأماكن تجمع المواطنين التي تكتظ بالسكان عادة، لكن عدد هذه الكاميرات أقل كثيراً من تلك التي يملكها السكان الذين يضعونها أمام أبواب منازلهم، وتغطي زوايا كثيرة.ويسمح القانون بأن تطالب السلطات الأمنية الأهالي بمراجعة ما التقطته الكاميرات إذا حدثت جريمة في منطقة منصوبة فيها، لكن الأهالي يعتبرون أن هذه الكاميرات لا تهدف فقط إلى حماية منازلهم عبر إخافة اللصوص والمعتدين من احتمال كشف هوياتهم، بل إلى بث شعور الأمان في المنطقة عموماً.ويوضح العقيد في وزارة الداخلية أن أسعار الكاميرات باتت في متناول العائلات، وليست غالية، مشيراً إلى أن السلطات "تحث الناس على نصب كاميرات ذات صور واضحة يمكن أن تقرّب المشاهد وتدقق في الوجوه، وتعمل ليلاً نهاراً بسعات تخزين عالية".وتبلغ الكلفة المتوسطة لكاميرا مراقبة في العراق 130 دولاراً. ويتولى المكتب الذي يبيعها عادة عملية تركيبها وتعليم أفراد الأسرة على طريقة تشغيلها وإدارتها عبر شاشات توضع داخل المنزل. ويرى خبراء أمنيون أنه من المهم أن تبقى أسعار الكاميرات رخيصة وألا تتعرض لابتزاز من التجار بسبب حاجة الناس إليها، ويرجحون أن تتدخل وزارة الداخلية في تحديد أسعارها كي تبقى دائماً في متناول أيدي المواطنين، خاصة تلك التي تعمل بعد انقطاع الكهرباء عن المنازل باستخدام بطارية احتياطية.
وأخيراً، حررت شرطة شرقي بغداد مخطوفاً بعدما راجعت محتوى كاميرات المراقبة في منزل مواطن، والذي حدد نوع ولوحة أرقام السيارة التي استخدمت في خطف الضحية بهدف مطالبة عائلته بدفع فدية مالية. وتكثر هذه الجرائم في العراق حالياً، وترتكبها عصابات وشبكات للجريمة المنظمة.يقول محمد عباس، الذي يملك متجراً لبيع كاميرات المراقبة في شارع الصناعة ببغداد، لـ"العربي الجديد"، إن "ثقافة كاميرات المراقبة في بلد مثل العراق يجب أن تنتشر وتصل إلى كل حي سكني، فهي تشبه شرطياً يراقب موقعاً محدداً طوال النهار، وساهمت فعلاً في انحسار الجرائم وكشفت عدداً منها".يضيف: "أبيع 300 كاميرا على الأقل شهرياً، وزبائني مواطنون وأصحاب محلات تجارية ومجمعات طبية ومراكز خدماتية مختلفة باتوا يحمون أنفسهم عبر وضع كاميرات داخل مراكزهم ومحلاتهم، بسبب تعرضهم لاعتداءات من مراجعين وزبائن أو لعمليات سرقة وسطو، أو أحياناً لمحاولات احتيال من مواطنين تستخدم الكاميرات في كشفها".
ويعتقد عباس بأن نحو 200 ألف كاميرا مراقبة موجودة في بغداد وحدها، غالبيتها في محلات ومجمعات تجارية ومنازل تغطي مساحة مهمة من تحركات المواطنين وتوفر لهم الشعور بالأمان.وفي وقت سابق، أثنى المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن على "استجابة المواطنين لطلب نصب كاميرات مراقبة، وأشار إلى أن وزارة الداخلية أقامت ورش عمل بإشراف خبراء أمنيين لشرائح من المجتمع، مع التركيز على أصحاب الشركات والبنايات وغيرها"، وأكد "وجود كاميرات حكومية مرتبطة بمركز مراقبة متطور سمح بكشف جرائم كثيرة، لكن نصب المواطنين كاميرات خاصة يعتبر أمراً مهماً، لذا نشدد على أهمية تعاون المواطنين مع أجهزتنا حين نحتاج إلى مشاهدة لقطات من كاميراتهم خلال التحقيق في حادث معين". من جهته، يقول النقيب في شرطة مدينة الموصل، شمالي العراق، علي الحديدي، لـ"العربي الجديد": "لا نكتفي بتشجيع المواطنين على نصب كاميرات مراقبة، بل نطلب منهم ذلك مباشرة، خصوصاً أصحاب المتاجر الموجودة في الأسواق، فالمدينة يسكنها مليونا شخص، ومعرضة للجرائم والإرهاب، ما يجعل الكاميرات سلاحاً فعالاً ينجح في مرات كثيرة في الإيقاع بمجرمين ومطلوبين بارتكاب عمليات إرهابية".
ويقول سلام مشكور، الذي يسكن في بغداد، : "أملك ثلاث كاميرات مراقبة في منزلي ومحلي لبيع الأثاث في شارع حيفا. وأهل الشارع الذي أسكن فيه يملكون أيضاً كاميرات مراقبة، والشخص الذي يدخل المكان مرصود من كل الاتجاهات، ويمكن أن نشاهد أطفالنا يلعبون بأمان في الحي والشارع أيضاً".ويرى أن كاميرات المراقبة لا تضمن الأمن فقط، بل الحقوق، إذ يستطيع صاحب المحل رؤية ومراجعة من دخل محله والتأكد من مشاكل معاملات الدفع والاستلام وغيرها".
كاميرات العراقيين تدعم الأمن!!
18.03.2022