أحدث الأخبار
الاثنين 25 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
176 77 78 79 80 81 821135
شهبندر تجار الفستق في طهران يُورّث المهنة لابنته!!
28.06.2022

*تعاني النساء من التمييز في الوظائف الحكومية وحتى في القطاع الخاص في إيران المحافظة التي لا تقبل الاختلاط بين الجنسين، لذلك ستكون الخطوة التي اتخذها أكبر تاجر فستق في طهران والذي قرر تسليم مهام محله إلى ابنته الصغرى بعد أن تتعلم أسرار المهنة بمثابة الثورة الصغيرة في بازار سيطر عليه الرجال.
طهران - يعدّ أقدم تاجر فستق بالجملة في سوق البازار الشهير في طهران العدّة بهدوء لتسليم صغرى بناته الأربع مسؤولية متجره، وهي خطوة قد تكون بمثابة ثورة صغيرة، إذ درجت العادة في الجمهورية الإسلامية المحافظة على أن تكون هذه المهنة حكراً على الرجال.
ويقصد هذا التاجر البالغ 88 عاماً كل صباح متجره “شمس للجوز المحمّص” وفي رصيده “أكثر من قرن من الخبرة” بحسب الشعار الإعلاني المطبوع على أكياسه.
ولا يعرف التاجر عباس إمامي بالضبط التاريخ الذي اتخذت عائلته هذه المهنة. ويتذكر قائلاً “عمل والدي في متجر الجوز الذي كان يملكه جدي لأمي، ثم انفصل عنه ليفتح متجره الخاص. كنت في الخامسة عشرة عندما طلب مني الحضور لمساعدته”.
جائحة كورونا كانت الدافع الذي حدا بعباس إمامي إلى حسم أمره واتخاذ القرار بتسليم الابنة الصغرى مقاليد المتجر
ويضيف “كنت أساعد والدي نهاراً وأخصص المساء للدراسة. واحتجت إلى عشر سنوات لأتعلّم كل أسرار المهنة وأتمكن من نقلها تدريجاً إلى ابنتي”.
وكان عباس إمامي في البداية يساعد والده مع أشقائه الأربعة، لكنّ هؤلاء تركوا المهنة تدريجاً. وفي العام 1975، سلّمه والده الشركة.
ويحتفل في السادس والعشرين من من فبراير من كل عام، باليوم العالم للفستق ويسمى الـ“پسته” في إيران، أو «عيد الفستق» كما يحلو لعشاقه، و ُعتقد أن الإنسان قد أكل الفستق منذ تسعة آلاف عام على الأقل، كما تشير الدراسات لفوائده الصحية، فتناول كميات معتدلة من الفستق يمكن أن يساعد في الحفاظ على صحة القلب.
وتقول الأسطورة إن ملكة سبأ حرّمت تناول الفستق في البلاط الملكي، ونهت عامة الناس عن زراعته.
ويروي إمامي أن “الفستق كان في ذلك الوقت للأثرياء فحسب”. ويقول “خلال مرحلة مراهقتي، لم يكن يوجد سوى أربعة تجار جملة. أما اليوم، فازداد عددهم بعشرة أضعاف”.
ويلاحظ إمامي الذي كان واقفا تحت صورة لوالده بالأبيض والأسود في غرفة جانبية من المتجر، أن شعبية الفستق الإيراني (ويعرف كذلك باسم الفستق الحلبي) اتسعت “في خمسينات القرن العشرين”، فقد “بات قسم من السكان أكثر ثراءً وزاد بالتالي عدد الزبائن، وما زال لدي إلى اليوم نحو مئة زبون”.
هل هو أقدم تاجر فستق؟ هذا ما يقوله منافسوه الذين توجب الاستفسار من عدد منهم للاستدلال على متجره الواقع بين محل للأحذية وآخر للأحزمة في حي أهنغران.
يُزرع الفستق الحلبي بشكل رئيسي في دامغان وكرمان في شرق إيران. كل شهرين أو ثلاثة أشهر، يجري الوكلاء التجاريون للمزارعين جولات لأخذ الطلبيات.
ويقول إمامي، “نشتري خمسة أنواع من الفستق، تختلف في المظهر والطعم والحجم والجودة وبالتالي السعر”.
ويرى أن “الأفضل من حيث المذاق هو ذاك الذي يُسمّى أحمد آقايي، ويبلغ سعر الكيلوغرام الواحد منه 495 ألف تومان (16 دولاراً).
وتأتي إيران، بعد تركيا والصين، في طليعة الدول المستهلكة لهذه الفاكهة المجففة التي تقدم خلال المناسبات، وخصوصاً في عيد نوروز. ويستهلك كل إيراني ما معدله 330 غراماً من الفستق سنوياً، وفقاً لجمعية منتجيه.
ويعلّم إمامي ابنته مرجان (50 عاماً) أسرار المهنة. وشدد على أن “شراء الفستق في الوقت المناسب مهمّ، على أن توضع البضاعة في ثلاجات للحؤول دون تلفها”.
وفيما يفضل إمامي إبقاء سرّ المهنة لنفسه، يستعين التجار الآخرون بمحامص. وعلى بعد شوارع قليلة، تتراكم أكياس من الفستق النيء الخام زنة كل منها 80 كيلوغراماً.
ويشرح ماجد إبراهيمي (31 عاماً) الذي يتولى معالجة طنّين من الفستق يومياً، “بمجرد تنظيف الحلة بالملح الخشن، يُحمص الفستق قبل خلطه في الخلاط بالماء المملح أو الزعفران ثم تجفيفه”.
وتشير إحصاءات وزارة الزراعة إلى أن محصول أكتوبر الماضي بلغ 280 ألف طن. وصُدّرَ نصف هذه الكمية البالغة قيمتها 900 مليون دولار إلى 75 دولة، في حين خُصص النصف الآخر للاستهلاك المحلي، بحسب جمعية المنتجين.
وكانت جائحة كورونا الدافع الذي حدا بمرجان ووالدها إلى حسم أمرهما واتخاذ القرار بتسليم الابنة الصغرى مقاليد المتجر.
ويقول بائع الجملة “لم أكن أستطيع الحضور إلى المحل نظراً لتقدمي في السن وأعاني مشاكل في القلب، فحلّت ابنتي مكاني”.
وتواجه النساء الإيرانيات الحواجز القانونية والاجتماعية التي لا تقيّد حياتهن فحسب بل مصادر رزقهن.
وتقرّ مرجان بأن “العمل في المتجر بالغ الصعوبة، لكنه أفضل من البقاء في المنزل. فلم يعد والدي يستطيع الحضور بعد تفشي فايروس كورونا، وخلال عطلة النوروز توليت مهمة المتجر عنه مع ابنتيَّ”.
وتلاحظ أن “العثور على بضائع بسعر جيد ليس سهلاً. ينبغي كذلك مراقبة المعالجة والنظافة والتخزين”.
ويتجنب إمامي الإفصاح عن موعد تسليم ابنته المسؤولية كلياً. ويقول بابتسامة ذكية “يجب أولاً إتقان المهنة”.

1