أحدث الأخبار
الخميس 28 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1163 164 165 166 167 168 1691135
حرفيون يحافظون على التراث الفلسطيني بأياد مرتعشة!!
28.08.2020

**أصحاب الحرف التقليدية في غزة يطالبون بدعم رسمي لعملهم كي لا يندثر وضرورة التوعية بجودة ما ينتجونه وأهميتها حفاظا على لون تراثي يمتد عمره لعقود.
غزة- لم يتخل المسن الفلسطيني من غزة أبوحنفي الصواف عن مهنته التقليدية في صناعة الصوف والبساط رغم تراجع الإقبال على منتجاته.
ويواصل الصواف، وهو في العقد السابع من عمره، عمله اليومي داخل ورشته الصغيرة منذ نعومة أظفاره في وقت شاخت يداه ومعها كل ملامحه في كنف مهنته التي ورثها عن والده.
يقول الصواف إن عائلته ارتبطت بهذه المهنة منذ المئات من السنوات حتى اكتسبت اسمها منها، وإن والده ورث المهنة عن أجداده ونقلها إليه، ورغم ما شهدته صناعة الصوف من حداثة وتقنيات صناعية، فإنه سعى للإبقاء على طابعها التقليدي كتراث فلسطيني خاص.
وخلال عمله يركز الصواف حواسه الخمس وتظل حركاته وانفعالاته الجسدية منصبة على آلة النول اليدوي لإنتاج أنواع متعددة من البساط بألوان الربيع.
يرجع التفكير بصناعة تلك الحلويات ذات المكونات البسيطة، وطرحها بالسوق المحلي كنوع جديد من المنتجات لإثراء السوق الاقتصادي منذ العهد العثماني
وداخل الورشة يتصدر المشهد مذياع قديم قل نظيره اليوم، ومعدات بدائية تجعل من المكان المتواري في أحد أزقة غزة وكأنه بوابة إلى الماضي. لكنّ جيلا شابا من العائلة يتعلم الحرفة ليتسلم راية إبقائها قائمة.
يقول حنفي الصواف وهو في مطلع الثلاثينات من عمره، إنه اكتسب هو الآخر المهنة من والده سعيا للحفاظ عليها. ويشير الصواف الابن إلى أن تراجعا كبيرا طرأ على عمل ورشات منتجات الصوف والبساط في قطاع غزة على مدار العقود الأخيرة، لكنه مقتنع بأهمية منع اندثارها.
وفي جانب صغير من الورشة تتجمع أصناف عديدة من البساط والسجاد تواجه صعوبات في تسويقها بسبب تراجع الإقبال عليها، لكن حتى وإن ضاق الحال فإن التحول عن مهنة الأجداد ليس خيارا لدى المسن الصواف.
ويقول عن ذلك “منذ أن وعيت في الدنيا وأنا منخرط في هذه المهنة وأريد حتى مماتي الحفاظ عليها بدافع الحب لها وضرورة الحفاظ على التراث الشعبي القديم”.
وكغيرها من الحرف التقليدية في غزة يأمل أصحابها في دعم رسمي لعملهم كي لا تندثر مهنتهم، فضلا عن ضرورة التوعية بجودة ما ينتجونه من مشغولات وأهميتها حفاظا على لون تراثي يمتد عمره لعقود عديدة.
ينطبق الأمر ذاته على أبومحمود حمدان، وهو في نهاية العقد الخامس من عمره، والذي يعمل إسكافيا داخل ورشة قديمة في سوق الزاوية الشعبي التراثي في غزة. ويقول حمدان إن حرفة الإسكافي تواجه اندثارا كبيرا بعد أن كانت وسيلة تسعف الفقراء ممن يعجزون عن شراء أحذية جديدة فيلجأون إليه من أجل تجديدها لهم.
ويضيف أن خيوط وجلود ورشته باتت شبه مهملة بفعل اقتحام الأحذية المستوردة أسواق قطاع غزة وبأسعار رخيصة تغني السكان عن تصليح القديم لديهم. ومع ذلك يشير حمدان إلى أنه ورث مهنته عن والده وأجداده ولم يتعلم سواها طوال حياته ما يجعله مصرا على الاستمرار فيها وعدم هجر ورشته.
واقع مماثل يعيشه الحرفي محمد صبحي (58 عاما) الذي يفخر بأنه آخر من تبقى من النحاسين القدماء والأكثر شهرة على مستوى قطاع غزة.
على مدار ساعات النهار يحمل صبحي مطرقته التي تنهال على النحاس اللين بعد وضعه في النار لسهولة التعامل معه، لينتج أنواعا مميزة متعددة الأشكال والأحجام من مصنوعات النحاس.
يقول صبحي إنه ورث مهنته عن والده منذ أربعين عاما ويمارسها من خلال صنع الأواني المنزلية مثل القدور والسكاكين والصحون النحاسية، لكن هذه المهنة مهددة بالانقراض بسبب قلة الإقبال عليها في الأسواق المحلية، وتداعيات الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ منتصف عام 2007.
تراجع كبير طرأ على عمل ورشات منتجات الصوف والبساط في قطاع غزة على مدار العقود الأخيرة
نفس الصعوبات يعانيها أبوحسن صوان صاحب مصنع مقام منذ خمسين عاما في شارع الفواخير التراثي في غزة لإنتاج الحلويات التي تحمل الجودة الفلسطينية محلية الصنع، إذ أن الإقبال على منتجات صوان تراجع بشدة في السنوات الأخيرة وعانت كسادا ملحوظا لصالح البضائع والحلويات المستوردة رخيصة الثمن.
ويشتكى صوان من أن الفستقية والسمسمية وحلاوة جوز الهند والملبس، لم تعد رائجة لدى الجيل الجديد من السكان ولا يطلبها غالبا سوى كبار السن.
ويضيف أن منتجاته تقاوم الانقراض الكلي بعد أن أصبحت غير متعارف عليها بين الأجيال الجديدة، لصالح الشكولاتة والسكاكر التي أصبح الزبون يفضلها أكثر من الحلويات المحلية.
ويرجع التفكير بصناعة تلك الحلويات ذات المكونات البسيطة، وطرحها بالسوق المحلي كنوع جديد من المنتجات لإثراء السوق الاقتصادي منذ العهد العثماني.
أما في ورشة خيري عطاالله المختص في صناعة الفخار في غزة فإن الآلاف من القطع المتراصة يتم عرضها في الباحة الأمامية من دون أن تجد لها مشتريا. يقول عطاالله إنه في السابق كان يشغّل في ورشته أكثر من 50 عاملا لكنه الآن يكتفي بثلاثة فقط بسبب انخفاض الطلب على منتجاته.
ويوضح عطاالله أنه لا يستطيع الآن تصدير منتجاته إلى الضفة الغربية وإسرائيل بعدما كانت هذه الأسواق تستوعب ما يصل إلى 90 في المئة من منتجاته الفخارية قبل فرض الحصار الإسرائيلي.
ويضيف أن ما زاد من مصاعب عمله تراجع الإقبال المحلي على منتجات الفخار رغم ما يمثله من أهمية في التراث الفلسطيني القديم، لكنه يبقى متمسكا بمهنته ويأمل ألا تواجه الاندثار

1