أحدث الأخبار
الأربعاء 27 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1130 131 132 133 134 135 1361135
الجوزية سلطانة الحلوى الرمضانية في الجزائر!!
28.04.2021

الجزائر - تحرص العائلات الجزائرية خلال شهر رمضان وعيد الفطر على تحضير العديد من الحلويات التقليدية العريقة التي يزخز بها الموروث الثقافي الجزائري تبعا لكل منطقة؛ ففي قسنطينة تزخر عروس الشرق الجزائري بالعديد من الحلويات التقليدية ومن أبرزها الحلويات التراثية التي تسمى “الجُوزِية”، والتي اشتهرت عائلات معروفة بصناعتها وبيعها في الأسواق.وتلقب الجوزية بـ”الحلوى الملكية” و”سلطانة” السهرات الرمضانية.
وتشتهر حلوى الجوزية في محافظة قسنطينة التي تعدّ مهد صناعتها، على الرغم من أنها أصبحت في السنوات الأخيرة متوفّرة في محافظات أخرى.
وتوارثها سكان قسنطينة أبًا عن جد، ولا تزال إلى اليوم من أشهر الحلويات التي تزين مائدة السهرات في رمضان، وفي المناسبات تقدَّم هديةً للضيوف والأصدقاء والأقارب.
كما تخطى صيت الجوزية حدود قسنطينة والجزائر، حيث أصبحت لا تفارق حقائب زوار البلاد من أبناء الجالية الجزائرية في الخارج والسواح.
وتنافس الجوزية خلال رمضان بالجزائر حلويات عريقة مختلفة، مثل البقلاوة وقلب اللوز والزلابية والمقروظ وغيرها، ويقبل عليها الصائمون بصورة لافتة خلال شهر الصيام وعلى مدار السنة، لطعمها المميز.
والجوزية اسم مشتق من ثمرة الجوز الذي يشكل عنصراً أساسياً في صنعها وتزيينها، إضافة إلى مكوّنات أخرى منها العسل والبيض.
ويقر مختصون وحرفيون يمتهنون صناعة الجوزية بأنّ تاريخها ضارب في القدم، حيث كانت تلقب بـ”الحلوى الملكية” لكونها مخصصة لقصر الباي وليس للعامة.
يقول خالد أحمد، صاحب متجر جوزية “أحمد باي” الذي افتتح عام 2003، إن أقدم محلات بيع الجوزية في المدينة العتيقة بقسنطينة هو محل الحاج صيد خلفه.
ويشير إلى أن “هناك حلويات أخرى، إلى جانب الجوزية، مثل حلوى ‘روح الباي’ التي كان يأكلها الباي إذا غضب، فتخفف عنه التوتّر حسب الروايات المتوارثة”.
ويضيف “كانت الجوزية مخصصة لقصر الباي ولم تكن للعامة، إذ كانت تعد آنذاك حلوى ملكية”.
ويلفت إلى أنّ “العائلات الأولى التي اشتهرت في قسنطينة بصناعة الجوزية هي عائلة بن تشاقر، وخلفة صيد، وبن شوالا، ثم بدأت هذه الحلوى تنتشر مع مرور السنوات”، مضيفا أن كل عائلة تحتفظ بأسرار خلطة الجوزية فلا تبوح بها إلا لمن يتوارثها من العائلة.
ويوضح أحمد أن تلك العائلات “كانت تصنع الجوزية داخل المنازل، ثم توسعت إلى المحلات، لكن عائلات قليلة فقط حافظت على المهنة، مثل عائلة خلفة صيد التي توارث أبناؤها الحرفة ولا يزالون إلى اليوم يمارسونها في قلب المدينة العتيقة”.
ويشير إلى أنه “في تسعينات القرن الماضي أخذت صناعة الجوزية تتوسع وبدأت العلامات التجارية تنتشر، خصوصاً عام 2015 في إطار قسنطينة عاصمة الثقافة العربية”.
ويضيف “وغدت الجوزية اليوم غاية تجارية بدل حرفة أصيلة عند الكثيرين، الذين يُعدّون ويصنعون جوزية مقلدة وليست أصلية”.
وتصنع الجوزية من الجوز وبياض البيض والعسل الصافي، “مع وجود سر يكمن في طريقة طبخها وتحضيرها، لا يمكن الكشف عنه”، بحسب أحمد.
وفي النهاية تصفّ وتقطع إلى قطع مربعة تعلوها حبة الجوز أو مستطيلة ممزوجة بمكسرات الجوز، ثم تغلّف بنايلون شفاف.
بدوره يقول خلفة عبدالكريم، الذي يدير محل “جوزية سيرتا” ابن الحاج خلفة صيد، أعرق العائلات القسنطينية التي تصنع الجوزية، إن “شهرتها تخطت المدينة إلى العالم، والطلب عليها طوال السنة، ولدينا زبائن من أميركا والصين ودول كثيرة”.
ويشير عبدالكريم، الذي ورث الحرفة عن والده منذ 27 سنة، إلى أنّ “جودة وسر طبخ الجوزية يكمنان في خلطتها، إضافة إلى استحضار النية في إعدادها، وإلاّ لما نجحت الوصفة”.
ويعود عبدالكريم إلى إرث والده وبداياته مع “الحلوى الملكية”، فيقول إنّه فتح محل “جوزية سيرتا” في أربعينات القرن الماضي، ويعد من الأوائل، فبدأ بجوزية تعتمد في مكوناتها على السكر.
من جهته يرى عبدالوهاب شري، رفيق درب الحاج خلفة صيد، أنّ “بدايات عائلة صيد مع الجوزية كانت يدوية وبوسائل بسيطة”، لافتاً إلى أن إنجاز الصينية الواحدة منها كان يستغرق 3 ساعات.
ويقول إن “خلفة صيد كان من يشرف عليها بنفسه، ويختار الجوز السليم غير المكسر، وعسل النحل، وبياض البيض ويقوم بخلطته السحرية، على طاولة من رخام”.
ويشير شريط إلى أن “الحاج صيد بدأ بحلوى النوقة التي تشبه الجوزية، ثم حلوى الحلقوم والفوندا، ثم جوزية العسل الطبيعي التي يشتهر بها المحل”، مضيفا “خلال الحقبة العثمانية كانت الجوزية تعتمد في مكوناتها على السكر، ثم تطورت مع مرور الزمن إلى جوزية أساسها العسل الطبيعي”.
ويقول أحمد شفيق الذي أتى إلى المحل مع ابنته أمينة إنّه “يقصد محل الحاج صيد كلما سنحت له الفرصة لشراء الجوزية المميزة”.
ويشير إلى أنه يشتري الجوزية للعائلة خصوصاً في رمضان، وفي مناسبات مختلفة، كما يهديها للأصدقاء والأقارب.
ويأسف الحاج خلفة على “الانتشار الواسع للجوزية المقلدة في قسنطينة وغيرها من المناطق، حيث يتم الاعتماد في إعدادها على جوز ذي نوعية رديئة، مع الاعتماد على عسل السكر بدل العسل الحر، وهو ما يسيء إلى هذا التراث ويهدد الجوزية الأصلية في استمرارها لأن التقليدية ذات سعر أقل بكثير”.
ويتحدد سعر الجوزية بحجم العلبة وعدد القطع داخلها، وتختلف من محل إلى آخر، وعموما يتراوح سعرها بين 3 دولارات و20 دولارا.

1