**مشروع زراعي يعمل على توفير التدريبات والمهارات المتعلقة بالتقنيات الزراعية الحديثة من أجل تنمية المجتمعات الريفية اقتصاديا والتخفيف من نسب الفقر والبطالة.
عجلون (الأردن) - “إذا كانت الحاجة أم الاختراع فعدم الرضا هو أبو التقدم”، مقولة للملياردير الأميركي الراحل ديفيد روكفلر تنطبق على الشاب الأردني أحمد الربابعة.
الربابعة اختار أن يترجم عدم رضاه إلى وسيلة تمكنه من مقاومة الظروف الاقتصادية الصعبة في بلاده وارتفاع نسبة البطالة، وذلك عبر مشروع ريادي خاص يصنع فيه لنفسه وعدد من أصدقائه فرص عمل ويحقق من خلاله دخلا يوفر له حياة كريمة.
في محافظة عجلون شمالي الأردن، والتي تتميز بطبيعة جبلية وتضاريس خلابة، اختار الربابعة (28 عاما) الذي يحمل شهادة الماجستير في إدارة الموارد البشرية أن يحول نفسه إلى فرد منتج في المجتمع.
وراح يعمل على استصلاح أراضي مدينته ذات الطبيعة الصخرية ويحولها إلى مساحة خضراء، بأقل التكاليف وبطريقة تضمن له استغلالا أمثل للمياه، في وقت تعاني منه المملكة من أزمة مائية حادة.
وقال الربابعة “إذا كانت الأرض متصحرة بالكامل فسيضطر الناس إلى المغادرة والعثور على منطقة زراعية جديدة. الزراعة المحلية في المملكة تواجه العديد من الصعوبات، أبرزها نقص المياه اللازمة للري وبالتالي فإن تطوير الزراعة المستدامة يعني أيضًا حماية بيوتنا الخضراء”.
وتواجه الزراعة المحلية في المملكة العديد من الصعوبات، أبرزها نقص المياه اللازمة للري، خاصة أن الأردن من أكثر البلدان التي تعاني من ندرة المياه على مستوى العالم، بحسب الربابعة.
إلى جانب ذلك -وبحسب بيان صدر مؤخرًا عن وزارة المياه والري الأردنية- سجل موسم الأمطار الأخير في الأردن، والذي امتد من أكتوبر الماضي حتى نهاية أبريل، أقل من 60 في المئة من متوسط هطول الأمطار السنوي، مما يشير إلى حدوث جفاف شديد هذا الصيف.
من خلال التحري والبحث عن طريقة تساعده في إنجاح فكرة مبادرته ومشروعه استطاع الربابعة أن يصل إلى مواطن هولندي يدعى مايكل، يقيم في الأردن برفقة زوجته، وحصل على براءة اختراع في تصنيع أحواض خاصة للزراعة يطلق عليها اسم “غروسيس”.
تلك التقنية عبارة عن صندوق مصنوع من مواد عضوية يتيح زراعة الأشتال والأشجار المختلفة داخلها في حفرة من التراب، بحيث تتم تعبئته بـ15 لترا من الماء، لتقوم من خلال خيط في أسفله بري جذور النبتة عبر الترشيح، وذلك لمدة تكفي 6 أشهر دون الحاجة إلى استخدام الطرق التقليدية، وهو ما يضمن نموها مهما كانت نوعية التربة الموجودة فيها.
أنشأ الربابعة بمشاركة 17 شابا وشابة -يحمل معظمهم الشهادات الجامعية- بيوتا بلاستيكية زرعوا فيها نبتة الزعتر التي تشتهر بها محافظتهم، لتكون بذلك باكورة الانطلاق نحو حياة عملية فاعلة.
وأراد الربابعة من خلال مشروعه أن يثبت أن الشاب الأردني قادر على الإنتاج مهما كانت الظروف، إذا امتلك الإرادة الجادة. وأوضح أن الهدف من مشروعه هو “إيجاد فرص عمل في ظل ارتفاع نسبة البطالة التي وصلت إلى 50 بالمئة في صفوف الشباب”.
وقال الربابعة “نواجه كل عام التحدي المحتمل المتمثل في ارتفاع مستويات التصحر والجفاف، الأمر الذي دفعنا كشباب إلى استنباط أفكار إبداعية والبحث عن الأساليب الحديثة في الري والزراعة”.
وأضاف”إذا كانت الأرض متصحرة بالكامل فسيضطر الناس إلى المغادرة والعثور على منطقة زراعية جديدة. وبالتالي فإن تطوير الزراعة المستدامة يعني أيضًا حماية بيوتنا الخضراء”.
وبلغت نسبة البطالة بين حملة الشهادات الجامعية (الأفراد العاطلين ممن يحملون شهادة بكالوريوس فأعلى) نحو 27.8 بالمئة.
يتزامن ارتفاع البطالة مع استمرار تضرر الكثير من القطاعات الاقتصادية في المملكة بسبب تداعيات تفشي جائحة كورونا، أبرزها قطاعا السياحة والخدمات.
وأشار الربابعة إلى أن “المشروع يستهدف تحويل جيوب الفقر إلى مجتمعات خضراء، خاصة الأراضي المهمشة وغير المستعملة”.
وتابع “تنمية المجتمعات الريفية اقتصاديا والتخفيف من نسب الفقر والبطالة يتطلبان تحركا من الجميع، وتقديم استجابة طارئة للفئات الأكثر حاجة على نحو يتناسب مع ظروفها”.
وقال إن الواقع يتطلب من الجميع التحرك نحو تقديم تدخلات تساهم في تحسين حياة المجتمعات الريفية نحو الأفضل”.
وأوضح أن المشروع يطلق عليه اسم “سفراء الريف”، وهو مبادرة لمشروع يعمل على توفير التدريبات والمهارات المتعلقة بالتقنيات الزراعية الحديثة للشباب والشابات وربات الأسر في المناطق الأكثر تأثرا في المجتمعات الريفية، وبناء قدراتهم في الزراعة المائية.
ولفت الربابعة إلى أن الأردن من أكثر دول العالم افتقارا إلى المياه، “لذلك فإن التقنية التي نستخدمها في الزراعة تساعد بشكل كبير على ترشيد استهلاك المياه، وبالتالي تحقيق مردود زراعي، دون الحاجة إلى كميات كبيرة من المياه”.
وتخشى وزارة المياه الأردنية من حدوث جفاف محتمل العام الجاري، في ظل تراجع واضح في منسوب الهطول المطري.
وأوضح الربابعة أن المبادرة تقام بدعم من مشروع “مبادرون” الذي تنفذه ثلاث مؤسسات، هي “بلان انترناشونال” و”رواد التنمية” و”مؤسسة الفنار” (جميعها مستقلة)، وبتمويل من الاتحاد الأوروبي.
سفراء الريف" يحولون أراضي الأردن القاحلة إلى مروج خضراء!!
13.07.2021