**تحيي مدينة نفطة، التي لقبت على مرّ التاريخ بالكوفة الصغيرة في الصحراء التونسية، تراثها الصوفي في مهرجان “روحانيات”، الذي يحمل في هذه الدورة عنوان “حنين”، تعبيرا عن الحنين للموسيقى الصوفية، بمشاركة فرق صوفية وفلكلورية إضافة إلى الشعر والندوات الفكرية وبحضور جماهيري أعاد إلى شوارع المدينة أياما من الفرح.
نفطة (تونس) ـ انطلقت في مدينة نفطة التابعة لمحافظة توزر بأقصى الجنوب الغربي لتونس الخميس الماضي، فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان “روحانيات” للموسيقى الصوفية، تحت عنوان “حنين”.وللفن الصوفي عشاقه خاصة من الشباب الذين قدموا بالطائرة أو وصلوا إلى نفطة عبر رحلة شيقة بالسيارات أو الحافلات، لاكتشاف المواقع الأثرية وزيارة المعالم والمقامات التي كانت منارات علم وأدب وفقه في المدينة على تخوم الصحراء.وافتتحت الفعاليات بعرض “خرجة روحانيات” شاركت فيه 20 فرقة صوفية وفلكلورية، حيث جابت شوارع المدينة معيدة الفرح والانشراح إلى الشارع، بعد غياب المهرجان العام الماضي بسبب ظروف جائحة كورونا.
وفي احترام تام للبرتوكول الصحي وضرورة الاستظهار بجواز التلقيح، يدعو المهرجان جمهوره إلى أيام من الصفاء الذهني والانتشاء الروحي في وصلات ورقصات على إيقاع الموسيقى الصوفية.
وبدأت الفعاليات منذ الصباح بالمعلم العتيق دار الوادي (فضاء تراثي بالمدينة العتيقة) بمحاضرات فكرية وأكاديمية.وفي تثمين للتراث اللامادي بالجهة، يقترح المهرجان على ضيوفه متعة تذوّق المأكولات التقليدية واكتشاف الصناعات الحرفية التي تميز شطّ الجريد.
وتلتقي الجماهير على مدى ثلاثة أيام من الرابع إلى السابع من نوفمبر مع ثلة من شعراء التصوف من تونس ومن دول أجنبية، وستنتظم حلقات لتفسير شعر جلال الدين الرومي، كما تقدم الكاتبة التونسية ألفة يوسف كتابها “وجه الله”.
وستنتظم خلال المهرجان عروض موسيقية بمشاركة كل من المطربة التونسية درصاف حمداني، وعرض “الدراويش للرقص الصوفي” من سوريا، ومن المغرب الفنان جواد الشاري، والمنشد المصري إيهاب يونس، وحضرة “رجال تونس”، و”الأخوة أبوشعر”.
ويستمتع ضيوف المهرجان بإيقاعات “السطنبالي” و”البنقة”، في عروض أبناء نفطة على غرار الفرقة العلوية والفرقة القادرية والحفوظية، كما سيحيي الفنان التونسي لطفي بوشناق سهرة في الإنشاد الصوفي والابتهالات.
وقال مدير مهرجان “روحانيات” حسن الزرقوني، إن “المهرجان ولد كبيرا، ومن يذكر التصوف والفن الصوفي يتذكر نفطة التي كانت قبلة أولياء الله الصالحين، حيث يوجد في المدينة أكثر من 100 ولي صالح وهو ما جعل كل مقومات النجاح متوفرة لتواصل المهرجان”.
وتعرف نفطة بالكُوفة الصغرى، واشتهرت بوفرة المجالس الدينية وانتشار أكثر من 60 مسجدا وجامعا وبها عدّة فرق صوفية، وكانت الجهة مقصدا لطلبة العلم والمعرفة لوفرة عدد الشيوخ والعلماء، وأنجبت نفطة أدباء مثل مصطفى خريف والميداني بن صالح والسيد التابعي وأبي الحسن إسماعيل القرشاني وعبدالرحمان بن الصائغ النفطي وأبوالعباس الدرجيني.
ولفت الزرقوني، إلى أن دخول قاعات العرض ومسرح الهواء الطلق مكان إقامة الحفلات والعروض، سيكون مشروطا بالاستظهار إما بشهادة التلقيح المضاد لفايروس كورونا، وإما بنتيجة سلبية لتحليل تقصي الفايروس، وسيعمم هذا الإجراء على جميع الأشخاص التونسيين والأجانب الذين تفوق أعمارهم 12 عاما.وأكد على تخصيص ألف مقعد فقط للمهرجان أي نصف طاقة استيعاب الفضاء، وذلك في إطار تطبيق شروط احترام البروتوكول الصحي.
وأضاف “شهدت المدينة توافد الكثيرين من مختلف أنحاء العالم ومن تونس، وحتى من الجالية اليهودية، وهو ما يدل على نجاح المهرجان وانتشاره عالميا”.
ولا يكتفي المهرجان بنفض الغبار عن تراث ثري منسي، بل يسعى إلى إنعاش السياحة ودفع عجلة الاقتصاد في محافظة توزر.
يقول مدير المهرجان “إن هذه المناسبة سيكون لها انعكاس إيجابي على الحركة التجارية والسياحية بالمدينة”.وأكد عدد من المواطنين الوافدين للمشاركة في المهرجان على حاجة المدينة لمثل هذه المناسبات، التي تؤمن حركة تجارية كبيرة بشرط أن يكون التنظيم أكثر إحكاما.
وشهدت تونس تنظيم أول دورة من “مهرجان الموسيقى الصوفية” بالمدينة من السادس والعشرين إلى التاسع والعشرين من نوفمبر 2016، واستمر تنظيمه بشكل دوري في السنوات التالية، إلا أن فعالياته ألغيت العام الماضي بسبب الجائحة.
"حنين" مهرجان للفن الصوفي في نفطة التونسية!!
08.11.2021