أحدث الأخبار
الثلاثاء 26 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
1101 102 103 104 105 106 1071135
رحلة البحث عن الدفء المفقود تتجدد كل شتاء!!
01.01.2022

**لكل فصل معاناته، هذا نصيب النازحين في مخيمات شمال غرب سوريا، ففي الصيف يعانون من حرارة الطقس ونقص المياه، أما في الشتاء فتزداد معاناتهم مع رحلة البحث عن وسائل التدفئة من حطب وكرتون وبلاستيك، وتزداد المهمة صعوبة مع هطول الأمطار الغزيرة فتغرق خيامهم، ويبقى الجزع سيد كل الفصول.
كفر عروق (سوريا) - في مخيّم للنازحين في شمال غرب سوريا، تعجز أم رغد عن توفير الملابس الشتوية أو أي وسيلة لتدفئة أطفالها الثلاثة الذين يضطرون صبيحة كل يوم للبحث عن بقايا نفايات وبلاستيك لإشعالها علّها تقيهم البرد.
وتقول أم رغد من أحد مخيمات كفر عروق في ريف إدلب الشمالي “أستيقظ صباحاً ولا أجد أطفالي قربي لأنهم يخرجون لجمع النايلون والنفايات من الشوارع كالأكياس والأحذية” من أجل إشعالها.
وتضيف بغصّة بينما تغطي وجهها بشال من الصوف “لا أملك ثمن المدفئة ولا أقدر أن أطعمهم كبقية الناس، فالشتاء قاس جداً علينا والأولاد يعانون من البرد ولا يوجد لديهم ألبسة أو أحذية مناسبة” تقيهم برد الشتاء.
3آلاف و742 عائلة على الأقل تضررت من الأمطار فيما غمرت المياه خيام ألفين و145 عائلة
يُجدّد فصل الشتاء في كل عام معاناة الآلاف من العائلات في إدلب ومحيطها، حيث يقيم ثلاثة ملايين شخص نصفهم نازحون فروا من مناطق أخرى على وقع تقدم المعارك خلال سنوات النزاع الذي أودى بحياة قرابة نصف مليون شخص.
ومع بدء هطول الأمطار الغزيرة، تتحوّل الطرق الترابية الفاصلة بين الخيام إلى ممرات موحلة، تتسرب منها المياه إلى داخل الخيام التي يحاول سكانها تمتينها عبر أحجار كبيرة تزنّرها.
وأصبحت الكثير من العائلات بلا مأوى، فيما انشغلت باقي العائلات بتقوية أعمدة خيامها حتى لا تلقى المصير نفسه.
وأشار أحمد محمد وهو نازح آخر في مخيم “زفير” إلى أنه لا تتوفر لديهم وسيلة لحماية خيامهم من الأمطار، وأن “50 عائلة في المخيم تريد الخلاص من هذا الوضع المزري والعودة إلى منازلها وتأمين الحد الأدنى لمتطلبات العيش”.
و دعا محمد “إلى تأسيس بنية تحتية للمخيم الذي يعاني من ظروف قاسية حيث أن الناس لا ينامون في الليالي الماطرة بسبب تدفق المياه إلى خيامهم”.
وقبل ثلاث سنوات نزحت أم رغد، التي قتل زوجها بقصف طال منزلهم، إلى المخيم حيث تقطن اليوم مع أطفالها الثلاثة. وتتكرر معاناتهم سنوياً مع بدء الشتاء بينما تعجز عن توفير مستلزمات عائلتها الأساسية من ثياب وتدفئة.
وتوضح أن أطفالها يحضرون ما يجمعونه من أشياء قابلة للاشتعال إلى جارتها أم رائد، التي تملك مدفأة تستخدمها من أجل إعداد الطعام وتدفئة الأطفال. وتقول “يقضي الأطفال يومهم قرب المدفئة ويعودون إلى خيمتنا للنوم عند المغرب”.
وغالباً ما توفّر منظمات الإغاثة خيماً عازلة وبطانيات وملابس للعائلات النازحة، إلا أن الجهات المانحة تكافح لمواكبة الطلب المتزايد.
وفي خيمة أم رائد المكسوة بقماش عازل للمياه، يتجمع العشرات حول مدفأة بدائية بينما تتساقط الأمطار في الخارج وتنخفض درجات الحرارة.
وقدّمت مجموعة من المتبرعين العام الماضي المدفأة الى أم رائد لمساعدتها على تدفئة أطفالها الثمانية، ثلاثة منهم من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وباعتبار أنها غير قادرة على توفير الحطب أو الفحم لإبقاء النيران مشتعلة، تعتمد أم رائد (45 عاماً) على ما يحضره أطفال جيرانها وبينهم أولاد أم رغد من قصاصات وكرتون وخشب ومواد بلاستيكية بعد بحث مضن لساعات. وتقول “يتجمع الجيران عندي لننعم بالدفء”، مضيفة أن “خيمتها تزدحم بنحو 15 شخصاً، نأكل ونشرب ونتدفأ معاً”.
والشهر الماضي، نبّهت منظمة “أطباء بلا حدود” التي توفر دعماً لعشرات المخيمات في شمال غرب سوريا، إلى أن أساليب التدفئة غير الآمنة تزيد من خطر الإصابة بأمراض تنفسية ومضاعفات جراء تنشّق الدخان.
وأوردت أنّ “أمراض الجهاز التنفسي هي على الدوام من بين أول ثلاثة أمراض يتم الإبلاغ عنها في مرافقنا في شمال غرب سوريا”.
ويموت سنوياً عدد من الأشخاص والأطفال جراء الحرائق التي تندلع في الخيم القماشية مع اللجوء إلى وسائل تدفئة غير آمنة.
فقبل تسع سنوات، نزحت أم محمّد مع أطفالها الثلاثة من مدينة حلب إلى إدلب، لتتكرر معاناتها سنوياً في توفير وسائل التدفئة في مخيمات عشوائية عدّة تنقلت بينها.
ورغم أنّها تُعد من المحظوظين لامتلاكها مدفأة، لكن عدم تمكنها من إحضار الحطب يجعلها تعتمد على أغصان الزيتون التي لم تيبس تماماً، والتي ينبعث منها دخان كثيف يثير سعالها بشكل متكرر.
وتقول “لورق الزيتون رائحة قوية ودخان. شعرت بألم في صدري أمس ولم أتمكن من زيارة طبيب” بسبب عدم قدرتها على تحمّل الكلفة.
و بعد أمتار، يراقب أبوحسين (40 عاماً) مجموعة من الأطفال تحلّقت حول نيران مشتعلة جراء حرق أكياس بلاستيكية وبعض الحطب. ويقول “عندما نشعل النار داخل الخيمة وثمّة زحمة أطفال فيها قد يتسبّب الدخان في الاختناق”.
وقبل أربعة أعوام، نزح أبوحسين مع عائلته من محافظة حماة، وفي كل شتاء يقول إن الوضع يزداد سوءاً وبالكاد يستطيع شراء حطب الزيتون للتدفئة أو الأدوية لأطفاله الذين يصابون بالزكام وأمراض تنفسية جراء الصقيع.
ويوضح “سعر أقل دواء بين 50 و60 ليرة تركية، وهنا لا عمل لديّ ولا نتلقى مساعدات”.
ويبذل الرجل قصارى جهده للحؤول دون تسرب مياه الأمطار إلى خيمته. ويشرح “في بعض الأحيان، نسهر طيلة الليل لنضع أكياساً من النايلون نسدّ بها تسرب الأمطار إلى الأولاد”.
وقال محمد حلاج مدير “منسقو الاستجابة لحالات الطوارئ” (جمعية محلية تعمل شمالي سوريا)، إن “الطرق إلى 104 مخيمات قد أغلقت بفعل الأمطار الغزيرة، فيما هدمت 500 خيمة”.
وأضاف حلاج أن “3 آلاف و742 عائلة على الأقل تضررت من الأمطار فيما غمرت المياه خيام ألفين و145 عائلة”.

1