شكّلت أزمة الخبز التي ما زال الشعب السوداني يعانى منها، محرّكًا أساسيًّا لثورة ديسمبر التي أسقطت حكم الرئيس السابق، عمر البشير العام الماضي، والتي اندلعت شرارتها الأولى في كانون الأول/ ديسمبر من عام 2018، بعد أن غاب الخبز عن مدينتي الدمازين وعطبرة لمدة أسبوع.وامتدت الاحتجاجات الشعبية من المدينتين إلى كل مدن السودان، وتكللت بالإطاحة بالبشير بعد ثلاثين عامًا من انفراده بالحكم، ومحاكمته، وعزل الجيش له في نيسان/ أبريل الماضي.وتُعتبر أزمة الخبز إحدى تجليات الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها السودان، والتي تفاقمت أكثر بعد انفصال جنوب السودان عام 2011، الأمر الذي أدى مباشرةً إلى حرمان السودان من الموارد النفطية التي كانت تساوي 80% من احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي.وقال رئيس الحكومة السودانية، عبد الله حمدوك، في تدوينة نشرها في حسابه الرسمي عبر موقع "فيسبوك"، إن "حكومة الفترة الانتقالية تدرك تمامًا حجم التحديات التي تمر بها البلاد، وتسعى لإيجاد حلول جذرية لها"، مضيفًا أن"تجاوز التحديات التي تمر بها البلاد يتطلب تكاتف الجميع".وتعاني الأسواق المحلية في السودان من تصاعد أزمة الخبز حتى بعد الثورة، وذلك بسبب عدم توفر النقد الأجنبي الكافي لاستيراد الكميات اللازمة من القمح، إلى جانب التلاعب في حصص بعض المحافظات، وتهريب القمح لأسواق دولية مجاورة بحسب ما صرح به مسؤولون.وبحسب إحصائيات حكومية، فإن استهلاك البلاد من القمح يُقدَّر بنحو 2.400 مليون طن، فيما لا يتجاوز الإنتاج المحلي منه 350 ألف طن، لذا تضطر الحكومة لاستيراد الكمية المتبقية بقيمة 1.144 مليار دولار سنويًا.ويُذكر أن مناخ السودان الحار غير ملائم لزراعة القمح إلا في شهور معينة من السنة، تكون فيها درجات الحرارة أقل ارتفاعًا، بالإضافة إلى تكلفة القمح الباهظة، ومحدودية عائداته، لا سيما بعد أن ألزمت الحكومة السودانية المزارعين ببيع المحصول لصالح المخزون الاستراتيجي، كل هذه العوامل مجتمعة أدت إلى عزوف المزارعين عن زراعته.وتدعم الحكومة السودانية الدقيق بقيمة 32 دولارا عن كل 50 كيلوغرام، وتعتمد في عملية طحنه على خمس مطاحن تتبع جميعها للقطاع الخاص.ويعاني المواطنون السودانيون في الآونة الأخيرة من شح في الخبز والوقود، تجلت في اصطفاف عدد كبير منهم أمام المخابز لساعات طويلة، فيما أغلقت مخابز كثيرة أبوابها بسبب عدم توفر الدقيق.وأعلن وزير الصناعة والتجارة السوداني، مدني عباس مدني، في مؤتمر صحافي عُقد الأربعاء الماضي، عن عدد من الإجراءات التي ستتخذها الحكومة لحل الأزمة الحالية، منها فرض العقوبات على الوكلاء الذين يوزعون الدقيق على المخابز، وكذلك على أصحاب المخابز الذين يستلمون حصة الدقيق ثم يسربونها إلى الأسواق غير الرسمية.وأضاف أن "الأسباب الرئيسية التي قادت البلاد إلى هذه الأزمة هي عدم توفر القمح، وضعف الرقابة على السلعة المدعومة الأمر الذي يسهل تسريبها خارج المنظومة".!!
الخرطوم :تفاقُم أزمة الخبز في السودان!!
18.02.2020