منذ وصولهم قبل سبع سنوات إلى الأراضي التركية وإقامتهم فيها لدى اندلاع الحرب في سوريا، أصبحت مسألة تأمين طريقة للعيش في تركيا شغل السوريين الشاغل والأمر الذي يرتبط به وجودهم في تركيا، فالقانون ينطبق على كل من فيها ينص على أن «من لا يعمل لا يأكل»، وهو ما جعل حياة السوريين في تركيا مرتبطة ارتباطاً كلياً بعملهم والأجور التي يتقاضونها.ربما موجات الغلاء والتدهور الذي أصاب الليرة التركية على مدار السنوات الأربع الأخيرة، دفع السوريين للبحث الدائم عن فرص عمل أفضل بهدف الحصول على أجور أفضل وتحسين المستوى المعيشي، إلا أن فئة من السوريين لجأت إلى أعمال وطريق غير شرعية لكسب الأموال عبر العمل في (التهريب وتجارة المخدرات وتعاطيها) وبمبرر ثابت دائماً ألا وهو (الحاجة للمال والأمان).في مدينة أنطاكيا الحدودية وعلى بعد 60 كيلومتراً من الحدود السورية، الحال من سيئ إلى أسوأ، في كل يوم يظهر شخص جديد سوري وقد يكون تركياً وهو يحمل سلاحاً حربياً (مسدس على أقل تقدير) وبخاصة في أحياء (منطقة الجبل القديمة) المتمثلة بثلاثة أحياء رئيسية هي (حبيب نجار وحجي عمر وأحياء القرباط)، هناك وخاصة في الليل ربما تنعدم جميع القوانين أو أن ما يجري في غفلة من الأجهزة الأمنية التي تكاد لا تفارق الشوارع في النهار وفي بعض ساعات الليل الأولى.يقول «سامر. ع» وهو أحد اللاجئين السوريين الذين تعرضوا للضرب المبرح على يد مجموعة من السوريين الآخرين في أنطاكيا دون أي مبرر لذلك في حديث لـ «القدس العربي»، إن «المشكلة حدثت قبل أيام في منطقة «حجي عمر» في مدينة أنطاكيا عندما كنت أسير في أحد الشوارع أثناء توجهي إلى منزلي حيث صادفت مجموعة شبان سوريين يتعاطون الحشيش في أحد الأزقة وكنت مضطراً للمرور من أمامهم لأن طريقي من هناك وعندما اقتربت منهم بدأوا ينادونني ويطلبون مني الاقتراب منهم وعندما تجاهلتهم بدأوا بشتمي وقام أحدهم باللحاق بي، ثم أمسك بي وأشهر مسدساً حربياً ووضعه في رأسي وقال لي (لما نصحلك بتجي متل الحيوان وبتقول حاضر) ثم قام بشدي إليهم وأنا لم أحرك ساكناً مخافة أن يلحقوا ضرراً بي».يضيف: «تم ضربي وشتمي وإهانتي ثم أجبروني على تذوق سيجارة الحشيش ومن ثم قاموا بسرقة هاتفي النقال وما أحمله من نقود تحت تهديد السكاكين والمسدسات ثم تركوني أذهب، وفي اليوم التالي رويت ما حدث لرب عملي التركي وأخبرته بتفاصيل ما جرى فأخبرني أن هؤلاء يتبعون لزعيم مافيا يدعى «س.خ» وهو تركي يتحدر من ريف أنطاكيا ولديه أعداد من الأشخاص الأتراك والسوريين يعمل غالبيتهم في البارات والملاهي الليلية كحراس شخصيين أو حراس للملاهي ومن بينها ملهى يملكه ذاته (س.خ).رغم تلك الأعمال التي امتهنها بعض السوريين في أنطاكيا، إلا أنهم برروا ذلك بحاجتهم للمال بالدرجة الاولى معتبرين أن الأجور القليلة هي ما دفعهم للعمل بمثل هذه الأمور، إضافة إلى أنهم في حاجة للأمان وأن هذه الأعمال توفر لهم حصانة بل وحماية من عصابات مماثلة قد تعترضهم في أي وقت وتلحق بهم الأذى وفي أحسن الأحوال يتم ترحيلهم إلى سوريا بسبب دخولهم في مشاجرة وفق تعبيرهم. «رامز المصطفى، شاب سوري انتسب لإحدى هذه الجماعات قال لـ «القدس العربي»، أن «عمله ليس مشيناً قياساً بالأعمال الأخرى التي تجري في تركيا وسوريا وفق تعبيره، وأن عمله يقتصر فقط على حماية بعض الزبائن الذين يرتادون أحد الملاهي الليلية لقاء مبالغ مالية معينة يتقاضاها، وذلك يتم عبر حمله للسلاح وتواجده بشكل دائم حول المطلوب منه حمايته»، مشيراً إلى أن عمله ليس حراً أي أن هناك شخصاً يسمى (الزعيم) هو من يديره ويدير أمثاله ممن يعملون في هذا المجال، إلا أنه رفض أي حديث عن سبب تعاطيه لمادة الحشيش أو حبوب الهلوسة معتبراً أن ذلك يندرج ضمن قائمة (الحريات الشخصية).وتعد مدينة أنطاكيا التركية المحاذية للحدود السورية من أبرز معاقل المهربين في تركيا سواء أكانوا سوريين أم أتراكاً، فهناك الكثير من السوريين يعملون في تهريب البشر ومواد أخرى كالأغذية والسجائر إضافة للحشيش تحت إمرة أشخاص أتراك هم في الغالب يجلسون في منازلهم ويديرون العمل عبر الهاتف، حيث تُقسّم الحدود السورية التركية من جهة المدينة إلى قطاعات يشرف كل قطاع منها (ريس/باشا) تركي يدير العمليات، فيما يتقاضى مبالغ طائلة على أي شخص سيستخدم قاطع التهريب الخاص به في وقت يمتهن فيه الريس أية مهنة للتغطية كـ»البيع في بقالة، افتتاح ورشة صغيرة، ملهى ليلي» وغيرها من الأساليب الأخرى المستخدمة في التمويه والتغطية، أما بالنسبة للحكومة التركية وقوات الأمن من (شرطة وجيش وحرس حدود /جندرما) فيبقى السؤال «أين هم من كل ما يجري؟!».<br />
*المصدر : القدس العربي
أنطاكيا: سوريون في أنطاكيا التركية ينضمون لـ «عصابات مافيا» ويمارسون «س
19.10.2018