كشفت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في تقرير نشرته اليوم الخميس، عن إخفاء قوات الجيش والأمن العراقية عشرات الأشخاص، أغلبهم من الذكور السُّنة العرب، منهم أطفال بسنِّ التاسعة؛ في إطار عمليات مكافحة الإرهاب.التقرير ، الصادر في 76 صفحة، والذي اعتمد على بحوث نشرتها المنظمة الحقوقية الدولية عن الاختفاء القسري في العراق منذ 2014، عندما شنت القوات العراقية عملياتها على تنظيم داعش، يوثّق إخفاء 74 رجلاً و4 أطفال آخرين، كانوا محتجزين لدى الجيش والقوى الأمنية العراقية بين أبريل 2014 وأكتوبر 2017 ثم أُخفوا قسراً.وقالت لُما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة: "رغم البحث والطلبات المقدَّمة (من ذوي المحتجَزين) إلى السلطات العراقية على مدار سنوات، لم تقدّم الحكومة أي جواب يتعلق بمكانهم، أو إذا ما كانوا لا يزالون أحياء"."رايتس ووتش" تقول إن اللجنة الدولية للمفقودين، التي تعمل بالشراكة مع الحكومة العراقية لمساعدة الأخيرة على التعافي وتحديد المفقودين، تقدِّر عدد المفقودين في العراق بما يتراوح بين 250 ألفاً ومليون، مشيرة إلى أن معلومات اللجنة الدولية للصليب الأحمر تفيد بأن لدى العراق أعلى عدد من المفقودين في العالم. وتضيف المنظمة أنها اعتمدت في تقريرها على بحوث نشرتها عن الإخفاءات القسرية منذ 2014، وأجرت مقابلات إضافية بين أوائل 2016 ومارس 2018 مع الأُسر ومحامين وممثلين عن المجتمعات المحلية لـ78 شخصاً، يُعتبرون مخفيِّين قسراً، بالإضافة إلى 3 أشخاص كانوا مخفيِّين قسراً ثم أُفرج عنهم. وراجع الباحثون وثائق المحاكم ووثائق رسمية أخرى متعلقة بالإخفاءات.ويعرّف القانون الدولي "الإخفاء القسري" بأنه توقيف شخص ما على يد مسؤولين في الدولة، أو وكلاء للدولة، أو على يد أشخاص أو مجموعات تعمل بإذن من السلطات أو دعمها أو قبولها غير المعلن، وعدم الاعتراف بالتوقيف أو الإفصاح عن مكان الشخص أو حالته. ويستتبع هذا الحظر واجب التحقيق في قضايا الإخفاء القسري المزعومة ومحاسبة المسؤولين.وبحسب تقرير "هيومن رايتس ووتش"، فإن "الإخفاءات القسرية الموثقة كانت من تنفيذ مجموعة كبيرة من الجيش والجهات الأمنية، غير أن العدد الأكبر (36) تمّ على يد مجموعات منضوية تحت قوات الحشد الشعبي، التي تعمل تحت إمرة رئيس الوزراء، عند نقاط التفتيش بجميع أنحاء العراق. قال شهود عيان إن 28 حالة على الأقل قامت بها كتائب حزب الله".تقرير المنظمة نقل عن زوجة "حردان" (42 عاماً)، التي أُوقف زوجها في 2014، قولها إن وزارة الدفاع، حيث كان يعمل زوجها، تدفع لها نصف راتبه فقط؛ بما أنها لا تستطيع أن تقدِّم شهادة وفاة أو أي إثبات بأنه قيد الاحتجاز. وهي تكافح لتأمين مصاريف المعيشة وتربية أطفالها.زوجة "حردان" قالت متألمةً: إن "الحياة دون أب حياة لا معنى لها (...)، الأطفال يتمرّدون، ومن الصعب تربيتهم (...)، ما ذنب هؤلاء الأطفال كي يُحرموا من الأب 4 سنوات؟!".المنظمة أشارت إلى أنها أرسلت، يوم 18 سبتمبر، إلى كل من مستشار حقوق الإنسان في اللجنة الاستشارية لرئيس الوزراء ببغداد، والمسؤول في حكومة إقليم كردستان عن التواصل مع المنظمات الدولية، أسئلة عن القضايا الموثقة، ولائحة بأسماء المخفيِّين والأماكن والتواريخ التقريبية حيث تمت رؤيتهم آخر مرة.وقالت: إن "حكومة إقليم كردستان ردَّت بإرسال معلومات عن عدد المعتقلين لانتمائهم إلى داعش، وإجراءات التوقيف التي تتبعها"، لكنها "لم تردَّ على أيٍّ من أسئلة (هيومن رايتس ووتش) المحددة، ومنها الأسئلة عن مكان الأشخاص الواردين في التقرير"، بحسب ما ذكرته المنظمة، التي أكدت أيضاً أن بغداد بدورها لم تقدم أي جواب عن أسئلتها. وتؤكد، في سياق متصل، أنها "لا تزال تتلقى تقارير عن حدوث إخفاءات في مختلف أنحاء العراق".وتابعت بالقول: "في 3 قضايا أخرى، أُفرج عن المحتجزين والمخفيِّين في 2014 و2015، الذين أشاروا إلى أنهم كانوا بعهدة الحشد الشعبي أو جهاز الأمن الوطني، في مواقع احتجاز غير رسمية، وقالوا جميعاً إنهم ضُربوا على امتداد فترة احتجازهم". المنظمة العالمية أكدت أنه "في أغلب حالات التوقيفات (...)، لم تعطِ القوى الأمنيةُ الأسرَ أي سبب للتوقيف، لكن الأُسر تعتقد أن السبب يتعلق بكون المحتجزين من العرب السُّنة".وأضافت: "طلبتْ 38 أسرة من تلك التي أُجريت معها مقابلاتٌ معلوماتٍ من السلطات العراقية عن أقاربهم المفقودين، لكن دون جدوى، في حين امتنعت أُسر أخرى عن السؤال؛ خوفاً من تعريض حياة أقاربها للخطر".بموجب "قانون أصول المحاكمات الجزائية" العراقي، تقول المنظمة، بإمكان الشرطة أن تحتجز المشتبه فيهم، فقط بموجب مذكرة توقيف صادرة عن المحكمة، على أن يمثل المشتبه فيه أمام قاضي التحقيق في غضون 24 ساعة كي يصرّح بتمديد فترة الاحتجاز.وتابعت: "قالت الأُسر وشهود، في القضايا الموثقة، إن عناصر الأمن لم يقدِّموا أي مذكرة توقيف أو تفتيش. لا تعرف أيٌّ من الأسر إذا ما كان أقاربها قد مثلوا أمام قاضي التحقيق خلال الفترة القانونية أم لا".واستطردت: "زعم أفراد من الأسرة، في 3 قضايا، أن عناصر الأمن استخدموا القوة المفرطة، التي أدت في إحداها إلى موت أحد الأقارب".ووفقاً لما ذكرته لُما فقيه، فقد "صرف التحالف بقيادة الولايات المتحدة، ودول أخرى، مليارات الدولارات على الجيش والأجهزة الأمنية في العراق"، مذكِّرة بأن "من مسؤولية هذه الدول أن تصرَّ على أن توقف الحكومة العراقية الإخفاءات القسرية وتدعم أسر الضحايا".
لندن :"رايتس ووتش" تطالب بكشف مصير عراقيين اختفوا قسراً!!
28.09.2018