تجددت الاحتجاجات في محافظة البصرة العراقية، أمس الثلاثاء، قرب مبنى الحكومة المحلية، وفيما شيع المحتجون جثمان أحد المتظاهرين الذي سقط على يد قوات الأمن، مساء أمس الأول، قتل متظاهران أثنان أمس الثلاثاء.وإزدادت خلال اليومين الماضيين، حدّة الحراك الاحتجاجي الدائر منذ أكثر من شهر، في محافظة البصرة، على خلفية تلوث مياه الشرب، وإنعدام الخدمات وفرص التعيين في المدينة الغنيّة بالنفط.مصادر متطابقة (صحافية وشهود عيان) أفادت أن المئات من المتظاهرين شيعوا صباح أمس، جثمان ياسر مكي الذي قتل أمس الأول، على يد القوات الأمنية العراقية.وتوجه المشيّعون والمتظاهرون إلى مبنى الحكومة المحلية، بعد الانتهاء من مراسم التشييع، إجراءات مشددة فرضتها القوات الأمنية حيث عززت الأخيرة تواجدها في محيط المبنى، وقطعت بعض الطرق المحيطة به لمنع وصول المتظاهرين إلى مقر المحافظة.ووقعت اشتباكات، مساء أمس الأول، بين المحتجين وقوات الأمن في التقاطع السوري في شارع السعدي، وسط البصرة، أسفرت عن مقتل أحد المتظاهرين.عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان (تابعة للبرلمان)، علي البياتي قال لـ«القدس العربي»، إن «البصرة ما تزال تشهد تصعيدا كبيرا في موجة الاحتجاجات أمام مبنى الحكومة المحلية، وكافة تقاطعات المحافظة»، عازياً ارتفاع حدّة التظاهرات إلى «استخدام الجيش وقوات سوات للقوة المفرطة والرصاص الحي».وأضاف أن «حصيلة احتجاجات أمس الأول، هي قتيل واحد، وهو مكي ياسر مكي الكعبي (21 عاماً)، إضافة إلى 6 مصابين و15 معتقلاً»، مشيرا إلى أن القتيل والمصابين سقطوا «جراء إطلاق نار وتعذيب بالصعقات».كذلك، طالبت المفوضية، بفتح تحقيق فوري بمقتل متظاهر في البصرة على يد القوات الأمنية.وقال مدير مكتب المفوضية في محافظة البصرة، مهدي التميمي، في بيان، «نطالب القضاء العراقي بفتح تحقيق فوري وعاجل بحادثة مقتل متظاهر في البصرة، الذي تعرض إلى الصعقات الكهربائية وإطلاق نار من قبل القوات الأمنية».وأضاف: «يجب إحالة المتسببين بمقتل المتظاهر إلى القضاء»، لافتاً إلى أن «ذلك التعامل مع المتظاهرين يخالف كل قواعد فض اشتباكات التظاهرات».وأكد أن «المتظاهر فارق الحياة إثر التعذيب والعنف المفرط، وتعرضه إلى إطلاق نار من قبل القوات الأمنية التي فضت التظاهرات». وبعد بضع ساعات من تصريح التميمي، أصدر المفوضية بيانا أكدت فيه أن «قائد عمليات البصرة جميل الشمري استجاب لطلب المفوضية العليا لحقوق الانسان وشكل لجنة تحقيق حول مقتل المتظاهر مكي الكعبي خلال التظاهرات التي حصلت خلال اليومين الماضيين في محافظة البصرة».في الأثناء، اتهم المرصد «الأورومتوسطي» لحقوق الإنسان، الحكومة العراقية، بممارسة عمليات «قمع مهينة» للاحتجاجات الشعبية السلمية في محافظات وسط وجنوب العراق.ووثق المرصد، وفق ما أعلن «استخدام السلطة للقوة المفرطة في التعامل مع المحتجين، وأنها (السلطات العراقية) اعتقلت المئات منهم تعسفا ومارست عمليات تعذيب وإخفاء قسري». أوضح أن «قوات الأمن العراقية قمعت المحتجين في ساحة عبد الكريم قاسم، وسط محافظة البصرة السبت الماضي، وذلك باستخدام الغازات المسيلة للدموع، كما أطلقت الأعيرة النارية في الهواء، واعتقلت عددا من المتظاهرين بعد ملاحقتهم. وكان هؤلاء المحتجون قد بدأوا في اعتصام مفتوح منذ 23 يوماً للمطالبة بتغيير الأوضاع في المحافظة وتحسين المعيشة».ولفت إلى أن «قوات الأمن العراقية استخدمت الرصاص الحي خلال قمعها للاحتجاجات المستمرة في كل من بغداد والبصرة والناصرية وميسان والسماوة وذي قار والنجف والديوانية وكربلاء وبابل، خلال الشهرين الماضيين، وهو ما أسفر عن مقتل 18 شخصاً على الأقل».كذلك، أدان قيام السلطات بـ«قطع الإنترنت والاتصالات عن عدد من المدن العراقية مع انطلاق الاحتجاجات فيها، في خرق لحرية التعبير والوصول للمعلومات وتناقلها»، حسب المرصد.واعتبرت المتحدثة باسم المرصد، سارة بريتشيت، تصرفات الحكومة العراقية «مستبدة، وتسعى لإخفاء الصورة ومنع النشطاء من تناقل المعلومات أو توثيق انتهاكات أجهزة الأمن».ونقل المرصد عن عدد من المتظاهرين الذين التقاهم أن «هدف التظاهرات هو الدعوة لمحاربة الفساد وتأمين مياه الشرب النقية، والكهرباء، ومحاربة البطالة في هذه المحافظات، وأبرزها البصرة».وانتقل ملف التظاهرات من محافظة البصرة إلى قبة مجلس النواب الجديد، في العاصمة بغداد، حيث حذّر نواب عن المحافظة من تداعيات الاعتداء على المتظاهرين، داعين إلى محاسبة ما وصفوهم «قتلة المتظاهر».وقال النائب عن محافظة البصرة عدي عواد، في مؤتمر صحافي عقده بمشاركة عدد من نواب المحافظة، إن «ما يحدث في محافظة البصرة لا يمكن لأي عاقل وصاحب ضمير السكوت عليه. إننا وأهلنا في البصرة نموت مرتين، مرة بالمياه الملوثة وإنعدام أبسط مقومات الحياة، ومرة على يد قائد عمليات البصرة». وحذّر النائب، عن كتلة «صادقون» بزعامة قيس الخزعلي، القوات الأمنية في البصرة من «مغبة الإعتداء على المتظاهرين السلميين مرة أخرى»، مبينا أن «يوم أمس الأول، استشهد مواطنان إثنان من المطالبين بحقوقهم في البصرة، وجرح عدد كبير على يد القوات الأمنية بأمر قائد عمليات البصرة». واشار إلى أن «أغلب القيادات والمنتسبين الذين يعتدون على المتظاهرين المطالبين بأبسط حقوقهم معروفين لدينا، وفي حال تجدد الإعتداء على المتظاهرين، فإننا في حركة العصائب سنتخذ كافة الاجراءات بحقهم».وطالب، القضاء العراقي بـ«فتح تحقيق عاجل لمحاسبة من قام بقتل المتظاهر الذي استشهد اثناء المطالبة بتوفير الخدمات»، لافتا إلى ان «هذا هو الإنذار الثاني لقائد عمليات البصرة بضرورة عدم تكرار الإعتداء على المتظاهرين السلميين في البصرة».وتابع: «حركة صادقون في البصرة وكلت عددا من المحامين للدفاع عن حقوق المتظاهرين، لأن ما يحصل من انتهاك للمتظاهرين السلميين أمر مرفوض، ولا بد من إتخاذ العقوبات القصوى من قبل القضاء العراقي بحق من قام بقتل المتظاهرين الذين استشهدوا أثناء المطالبة بالحقوق الشرعية في أغنى محافظة بالواردات، ويطالب اَهلها بأبسط سبل العيش اليومية وهي مياه الشرب الصالحة».
احتجاجات البصرة تتجدد بعد مقتل متظاهرين على يد قوات الأمن العراقية!!
05.09.2018