بدت المعارضة السورية المسلحة والسياسية متفقة على دعم العملية العسكرية في كانتون عفرين التي تنفذها قوات تركية مساندة لقوات تابعة لفصائل من الجيش السوري الحر بهدف إخراج المقاتلين الاكراد من المدينة.وأعلن الائتلاف السوري المعارض كممثل لفصائل الثورة المسلحة في بيان دعمه عملية «غصن الزيتون» التي أعلنت عنها تركيا السبت 20 كانون الثاني/يناير لاخراج مقاتلي وحدات الحماية الشعبية من مدينة عفرين السورية التي تمثل مركزا للكانتون الكردي الثالث في أقصى غرب سوريا.وتلتقي فصائل الثورة السورية على توصيف وحدات الحماية الشعبية بانها جزء من مشروع انفصالي يتعارض مع أهداف الثورة في الحفاظ على كامل التراب السوري، وان هذه الوحدات ساهمت في تشريد العرب من مناطق سيطرتهم وإرهابهم وإجبارهم على القتال إلى جانبهم من خلال فرض التجنيد الإجباري، وتتفهم تلك الفصائل المخاوف التركية على أمنها القومي كأحد مبررات عملية «غصن الزيتون». ومن وجهة نظر تركية مشتركة مع المعارضة السورية المسلحة فإن وحدات الحماية الشعبية هي جناح عسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الذي هو الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض قتالا مع الجيش التركي منذ عام 1984؛ كما يتشاركان في رؤيتهما لخطوة الحزب والتنظيمات المرتبطة به على وحدة الأراضي التركية والسورية.لكن الرئيس السوري بشار الأسد وصف العملية التركية بأنها «عدوان غاشم» خلال لقاء جمعه بدمشق مع رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية في إيران كمال خرازي الذي أكد على «وجوب بذل المزيد من الجهود لتطهير بقية الأراضي السورية من الإرهابيين».وترتبط تركيا مع سوريا باتفاقية أضنة التي تجيز للقوات التركية ملاحقة مقاتلي حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي السورية بعمق عدة كيلومترات بمحاذاة الشريط الحدودي، أي ان عملية عفرين تفسرها جهات حقوقية بانها تأتي في إطار اتفاقية أضنة وهي أيضا يجيزها القانون الدولي وفق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وهو ما صرحت به تركيا في الساعات الأولى لشن العملية العسكرية.ومن غير المستبعد ان يتفق أكراد عفرين مع الحكومة السورية لإعادة ارتباط الشمال السوري والمناطق ذات الكثافة السكانية الكردية بالعاصمة دمشق في إطار التسوية السياسية التي قد تعطي للأكراد إدارة ذاتية بصلاحيات محددة في المجالات غير السيادية على ان يكون ارتباطها بحكومة المركز في دمشق وتابعة له.ولا تجد تركيا أي غضاضة في عودة النظام السوري للسيطرة على الشريط والمدن الحدودية القريبة من تركيا إذا وجدت ان قوات النظام قادرة على حماية الحدود ومنع عمليات التسلل أو شن هجمات على المدن التركية، طالما ان الحكومة السورية هي الجهة السورية الوحيدة المعترف بها دوليا كممثلة لسوريا والشعب السوري، وهذا ما تتفهمه تركيا.وعلى صعيد الفصائل السورية، يشارك نحو 25 ألف مقاتل سوري في العملية العسكرية بعفرين إلى جانب قوات تركية مسنودة بقصف جوي وبري، وفقا لتصريحات ياسر عبد الرحيم أحد قيادات الفصائل السورية، غير ان واقع العمليات وحجم الاشتباكات وزخم الاندفاع في عمق مناطق سيطرة وحدات الحماية الشعبية لا يؤيد وجود مثل هذا العدد الكبير في معركة عفرين.ومع نفي جميع الأنباء التي تحدثت عن انسحاب مقاتلين من جبهات ريف إدلب أو حلب أو حماة لتعزيز مقاتلي جبهة عفرين، بدت حادثة سقوط مطار أبو الضهور في اليوم ذاته الذي بدأت فيه عملية عفرين مسوغا لعدد من قيادات وكوادر ناشطة في الفصائل المسلحة دعت لتشكيل غرفة عمليات لإيقاف استمرار زحف قوات النظام نحو مركز محافظة إدلب التي تواجه خطرا حقيقيا خاصة المناطق في ريف إدلب الشرقي من مطار وبلدة أبو الضهور وصولا إلى سراقب، وأهمية هذه الجبهة في الدفاع عن مدينة إدلب.وتنظر فصائل المعارضة السورية المسلحة إلى قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها وحدات حماية الشعب إلى ان هذه الوحدات منظمة «إرهابية» نكلت بالسوريين واعتقلت الكثير منهم، فيما قضى المئات تحت التعذيب أو عبر الاستهداف المباشر، كما جاء في بيان للائتلاف السوري؛ لذلك لا تبدو هناك حالة ود بين المقاتلين الأكراد وفصائل المعارضة السورية المسلحة التي تتناقض أهدافها في الخروج من الحرب الأهلية بسوريا موحدة مركزية فيما ترى هذه الفصائل ان الأكراد يريدون الخروج من الصراع بكيان سياسي مستقل أو شبه مستقل.حتى الآن، لا توجد أي إشارات على سعي كردي لإقامة دولة كردية مستقلة في شمال سوريا، كما ان الولايات المتحدة لا تسمح بأكثر من مناطق إدارة لا مركزية مرتبطة بالحكومة المركزية بدمشق، وهذه أيضا لا تخرج كثيرا عن رؤية الحكومة السورية التي أقرت بمنح الأكراد صلاحيات موسعة لإدارة مناطقهم في المجالات الخدمية البعيدة عن الأمن والدفاع والسياسة الخارجة والموازنة العامة.ولا تزال فصائل المعارضة السورية المسلحة تميز بين الأكراد كجزء من الشعب السوري ومقاتلي وحدات الحماية الشعبية الذين يشكلون العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية التي تضم مقاتلين أكرادا وعربا وقوميات أخرى. ومع ان مقاتلي وحدات الحماية الشعبية أصبحوا في صدارة المشهد، لكن ثمة مواقف أخرى تعارض توجهاتها المرتبطة كلية بسياسات حزب العمال الكردستاني التي لا تتفق مصالحه مع مصالح الشعب السوري بمن فيهم أكراد سوريا.ويرى كثير من الأكراد السوريين غير المرتبطين بالأحزاب السياسية ان وحدات الحماية الشعبية تنفذ أجندات خارجية تابعة لحزب العمال الكردستاني التركي المنشأ أو تابعة لسياسات الولايات المتحدة بعيدا عن مصالح الأكراد في سوريا والدفاع عنهم، مستدلين بذلك على عدم نقل قوات سوريا الديمقراطية مقاتليها من الرقة ودير الزور إلى جبهة عفرين لحماية الأكراد هناك أو الدفاع عنهم وعن مدينتهم.!!
سوريا : «غصن الزيتون»: إجماع الفصائل السورية على الحملة وتوافق مع رؤى النظام
28.01.2018