شهدت مدينة جوبا، عاصمة جنوب السودان – أحدث دول العالم – مقتل نحو 300 شخص على الأقل في اشتباكات بين المعسكرين المتصارعين على السلطة، مع سماع دوي إطلاق نار كثيف قرب القصر الجمهوري وفي أجزاء عدة من المدينة. وألقى هذا التطور بظلال مأساوية كثيفة على الذكرى الخامسة (أول من أمس السبت) لاستقلال جنوب السودان عن شماله في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011. ودانت الأمم المتحدة هذا التطور، كما دان مجلس الأمن الدولي بشدة المواجهات المسلحة، ملمّحا بمزيد من العقوبات.واندلعت هذه المواجهات بعد يومين من اشتباكات أوقعت أكثر من 150 قتيلا في المدينة، كما قال المتمردون السابقون، عشية استقلال الدولة الفتية. ووقعت الاشتباكات يومي الخميس والجمعة بين قوات موالية للرئيس سيلفا كير وجنود مؤيدين لنائبه المتمرد عليه ريك مشار. وأذكى العنف مخاوف من أن يواجه جنوب السودان مزيدا من عدم الاستقرار بعدما خرج من حرب أهلية دامت لعامين منذ بدئها في ديسمبر / كانون الأول 2013 بإقالة كير لمشار من منصب نائب الرئيس.وساد الهدوء المتوتر جوبا السبت، لكن هذا الوضع تغير بعد سماع إطلاق نار في منطقتي جبل وجوديل قرب ثكنات للجيش تضم جنودا موالين لمشار. وشهد الصراع في جنوب السودان مواجهة على أساس عرقي بين قبيلة الدينكا التي ينتمي لها كيير وقبيلة النوير التي ينتمي لها مشار. ووضعت الحرب أوزارها بعد اتفاق سلام في أغسطس / آب الماضي، لكن القوات الموالية لكير ولمشار لم تندمج حتى الآن مع أن هذا بند أصيل في الاتفاق.وألقى متحدث باسم مشار مسؤولية هذه المعارك الجديدة على القوات الحكومية. وقال جيمس غاتيت داك: «قواتنا تعرضت لهجوم في قاعدة جبل وصدته»، مضيفا: «نأمل بعدم حدوث تصعيد».ومنذ كانون الأول / ديسمبر 2013، اسفرت المعارك بين القوات الموالية لكير وتلك الموالية لمشار عن عشرات آلاف القتلى في صراع تزيد من تعقيداته المعارك بين الإثنيات والصراعات على المستوى المحلي.
وقد نجمت عن ذلك أزمة إنسانية ارغمت نحو ثلاثة ملايين شخص على الهرب من منازلهم، ونحو خمسة ملايين، أي أكثر من ثلث السكان، على الاعتماد على مساعدة إنسانية عاجلة. أول من أمس أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون عن «القلق العميق إزاء وضع يؤكد مرة أخرى تراخي الالتزام الحقيقي للأطراف بعملية السلام، ويشكل خيانة جديدة لشعب جنوب السودان الذي تعرض لفظائع مخيفة منذ كانون الاول/ديسمبر 2013».ولم يستبعد بيان صادر عن مجلس الأمن، فجر أمس الأحد، إمكان «النظر في اتخاذ تدابير إضافية» (لم يوضحها) وفقا لقرار العقوبات رقم 2280 الذي تم اعتماده في 9 أبريل / نيسان الماضي، والذي يشمل تجميد أرصدة مالية وحظر سفر بعض الأفراد والمسؤولين في جنوب السودان.
وبدأ مجلس الأمن الدولي الساعة الرابعة والنصف من مساء أمس الأحد، جلسة طارئة لمناقشة الأوضاع المتدهورة في جوبا عاصمة جنوب السودان.وكان القتال بين القوات الحكومية بقيادة الرئيس سيلفا كير وقوات المعارضة بقيادة ريك مشار قد تفاقم لليوم الرابع على التوالي. وكان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون قد أصدر بيانا صباح أمس، أعرب فيه عن صدمته من القتال العنيف الذي يجري حاليا في جوبا. وحثّ الأمين العام الرئيس كير والنائب الأول للرئيس رياك مشار على بذل كل ما في وسعهما لتهدئة الأعمال العدائية فورا، وإصدار أوامر فوية لقوات كل منهما لفك الارتباط والانسحاب إلى قواعدهما. وأضاف البيان «هذا العنف الذي لا معنى له غير مقبول ويمكن أن يعكس التقدم المحرز حتى الآن في عملية السلام».وجاء في البيان أن الأطراف المتحاربة قد استولت على مركبات تابعة للأمم المتحدة تشرف على حماية مواقع المدنيين في جوبا. وقال: «أنا محبط للغاية أن القتال استؤنف على الرغم من التعهدات من جانب زعماء جنوب السودان. يجب أن تتخذ إجراءات حاسمة لاستعادة السيطرة على الوضع الأمني في جوبا ومنع انتشار العنف إلى أجزاء أخرى من البلاد وضمان سلامة وأمن المدنيين وحماية مقرات وموظفي الأمم المتحدة وغيرهم من الموظفين، والالتزام بصدق بالتنفيذ الكامل لاتفاق السلام».وقد أكدت الأمم المتحدة أن الطرفين يستخدمان قوات هجومية ثقيلة، وقد وصلت إلى مطار المدينة، حيث علقت شركة الطيران الكيني رحلاتها للبلاد. ومن المتوقع أن يصدر مجلس الأمن بيانا رئاسيا على الأقل يدعو الطرفين إلى الالتزام بوقف إطلاق النار وانسحاب القوات إلى مواقعهما والالتزام بتنفيذ اتفاقية السلام التي وقعها الطرفان يوم 26 آب/ أغسطس 2015 وتعهدا بتنفيذها.!!
جوبا..جنوب السودان: مئات القتلى في تجدد الحرب الأهليّة عشية عيد الاستقلال!!
11.07.2016