كان بطرس غالي، الذي توفي الثلاثاء عن عمر 93 عاما، الامين العام الوحيد للامم المتحدة الذي عارضت الولايات المتحدة التمديد له لولاية ثانية بالرغم من موافقة 14 دولة على ذلك من دول مجلس الامن ال15.وقاد الدبلوماسي المخضرم، الذي توفي في مستشفى في القاهرة الثلاثاء، الامم المتحدة بين عامي 1992 و1996، في وقت شكلت الصراعات في الصومال، رواندا، الشرق الاوسط، ويوغوسلافيا السابقة تحديات جمة امام عمليات الامم المتحدة لحفظ السلام.وينتقد خصوم غالي القصور في عمليات الامم المتحدة لحفظ السلام في عهده، فيما يشير المدافعون عنه الى الشروط الصعبة التي وضعتها الدول الكبرى وعلى راسها الولايات المتحدة.والدبلوماسي المصري هو الامين العام الوحيد للامم المتحدة الذي لم يشغل ولاية ثانية بسبب استخدام الولايات المتحدة الفيتو ضده.ورأى بطرس غالي نفسه ان واشنطن استخدمت الفيتو لمعاقبته على دفع أعضاء الأمم المتحدة لدفع المتأخرات عن عضويتهم، وهي مسألة كانت الولايات المتحدة، التي تدفع 25 في المئة من ميزانية الأمم المتحدة، طالما تتلكأ في القيام بها.كما اعتقد غالي انه جرى ابعاده بسبب انتقاده لممارسات اسرائيل، حليف واشنطن الابرز في الشرق الاوسط، في لبنان خاصة فيما يتعلق بالهجوم على قانا في عام 1996.وقال بطرس غالي في حوار قبل يومين من استخدام واشنطن الفيتو ضده “كما في عهد الرومان، ليس لديهم دبلوماسية. انت لا تحتاج الى دبلوماسية اذا كنت قويا جدا”.ولد بطرس غالي في 14 تشرين الثاني/نوفمبر 1922 من عائلة مصرية قبطية في القاهرة.وتلقى بطرس غالي المثقف اللامع الفرنكوفوني، دراسته في جامعة القاهرة ولاحقا في باريس حيث اسس روابط عميقة طويلة الامد بفرنسا.وبعد مسيرة اكاديمية تمحورت حول العلاقات الدولية وبينها فترة قصيرة في جامعة كولومبيا في نيويورك، اصبح وزير دولة للشؤون الخارجية في مصر في 1977 في عهد الرئيس الراحل انور السادات.وقد رافق السادات في رحلته الى القدس تلك السنة، ولعب دورا اساسيا في التوصل الى اتفاقات السلام بين مصر واسرائيل في كامب ديفيد عام 1978 ثم معاهدة السلام في 1979.وبطرس غالي المتخصص في العلاقات بين الشمال والجنوب كان ابرز مهندسي سياسة مصر في افريقيا.وفي الاول من كانون الثاني/يناير 1992، اصبح بطرس غالي الامين العام السادس للامم المتحدة واول امين عام من افريقيا والعالم العربي.ورغم موافقة واشنطن على تعيينه الا ان الامور لم تسر على ما يرام بين الطرفين بداء من نهاية 1993 حين اسفرت عملية للامم المتحدة في الصومال بقيادة الولايات المتحدة عن وقوع خسائر بشرية اميركية فادحة.وتفاقمت الازمة بين بطرس غالي وواشنطن اثناء عمليات للامم المتحدة في يوغوسلافيا، وبعد فشل الامم المتحدة في وقف مذابح التطهير العرقي في رواندا في العام 1994.كما حدث خلاف في اروقة الامم المتحدة بخصوص تنفيذ عقوبات الامم المتحدة بحق نظام الرئيس العراقي صدام حسين، والذي غزا الكويت في العام 1990 وجرى اخراجه منها بتحالف دولي قادته الولايات المتحدة قبل عام من تولي بطرس غالي قيادة المنظمة الدولية.وبعد رفض واشنطن التمديد لبطرس غالي، اصدرت مصر وفرنسا منفصلين بيانات لدعم الدبلوماسي المصري المرموق مشيرين الى ان واشنطن تصرفت بمعزل عن دعم اي دولة اخرى.واثر رفض التمديد لبطرس غالي، دفعت افريقيا بنائب الامين العام لشؤون حفظ السلام، الغاني كوفي آنان، لتولي المنصب الرفيع. واستمر آنان في منصبه بمباركة اميركية حتى نهاية العام 2006.وبعد انتهاء ولايته في المنظمة الدولية، كان بطرس غالي اول امين عام لمنظمة الفرنكوفونية من 1997 وحتى 2002. كما شغل منصب رئيس المجلس الأعلى لحقوق الإنسان في مصر.ونعى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في بيان “ببالغ الحزن والأسى” رحيل بطرس غالي الذي قال انه سيظل “رمزاً للسياسي الوطني الذي خدم بلاده بتفان، وضرب مثلاً مشرفاً لكل المصريين على المستوى الدولي”.كما نعت وزارة الخارجية المصرية “عميد الدبلوماسية المصرية” بطرس غالي.وبطرس غالي متزوج من السيدة اليهودية لايا ماريا. وليس لهما ابناء.ولم تعلن اي تفاصيل عن مراسم جنازته ودفنه بعد.!!
القاهره..مصر : رحيل بطرس غالي: الامين العام الوحيد للامم المتحدة الذي رفضت واشنطن التمديد له لولاية ثانية بالرغم من موافقة 14 دولة !!
16.02.2016