تعقّدت المحادثات اليمنية بين طرفي الشرعية والانقلاب في سويسرا في ظلّ غياب الثقة بين الطرفين، لا سيما من طرف وفد الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، الذي يعطل التوافق على بند الإفراج عن المعتقلين السياسيين، لكن الأمم المتحدة حرصت، أمس الخميس، على التأكيد أن "المشاورات ستستمر خلال الأيام القليلة المقبلة وستسعى لتحديد طريق واضح للأمام مع تركيز خاص على قضايا محددة، مشيرةً إلى أن المشاركين "اتفقوا على الاستئناف الكامل للمساعدات الإنسانية لمدينة تعز ويعتزمون الانتقال لمناقشة قضايا أعم لوضع حد دائم للحرب". وبحسب الأمم المتحدة، ستشمل هذه القضايا هدنة وطنية مستدامة والإفراج عن سجناء ومعتقلين وسحب القوات وتحديد إجراءات أمنية مؤقتة وتنظيم عودة الأسلحة الثقيلة للدولة واستعادة الدولة للسيطرة على المؤسسات العامة واستئناف الحوار السياسي الشامل. في غضون ذلك، يشير مصدر سياسي مطلع على المشاورات، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "اللقاءات معقّدة، فوفد الانقلاب يدخل من دون امتلاك رؤية واضحة، ويحاول إضاعة الوقت وتشتيت الجهود المبذولة، من خلال التحجّج بين كل لحظة وأخرى بالتواصل مع قياداته في الداخل، وهو ما يأخذ كثيرا من الوقت". ويتابع "الطرفان يدخلان المحادثات في ظل غياب الثقة، والتشبث بموقفهما، فطرف الشرعية متمسك بقرار مجلس الأمن الدولي 2216، وتنفيذه حرفياً، بينما يريد الحوثيون وصالح كسر قرار مجلس الأمن وإحداث ثغرة فيه، وكسب مزيد من الوقت لإعادة ترتيب صفوفهم". ويعمل الحوثيون وصالح على الاحتفاظ، ولو بجزء بسيط من السلاح، في ظلّ المساعي لتقديم أنفسهم على أنهم سيحاربون الإرهاب، أكثر من حديثهم عن تطبيق قرار مجلس الأمن. من جهتهم، أعلن الحوثيون أن جلسة تمهيدية من المشاورات قد انعقدت أمس الخميس، بين رؤساء الوفود، مشيرين إلى "معوقات" و"استفزازات" تهدد المشاورات. وأوضحت قناة "المسيرة"، التابعة للحوثيين، أن الوفد الحكومي يطالب بالإفراج عن وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي، ورئيس جهاز الأمن السياسي في عدن، اللواء ناصر منصور هادي (شقيق الرئيس)، وقائد اللواء 115 العميد فيصل رجب. والثلاثة معتقلون في سجون الحوثيين. وقد اتهمت الجماعة الوفد الحكومي برفض ما عبرت عنه بـ"الكثير من الصيغ المتوازنة" ومحاولة تجاوز "النقطة الأهم" بنظر الحوثيين، وهي "تثبيت وقف إطلاق النار". كما أشارت الجماعة إلى أن اللجنة العسكرية المفترض أن تتولى متابعة وقف إطلاق النار، اكتمل نصابها وباشرت أعمالها بحضور ممثل للأمم المتحدة. وفي السياق، كانت مصادر مقربة من مشاركين في المحادثات، قد أوضحت لوسائل الاعلام أن "الوفد المشترك للحوثيين وحزب المؤتمر برئاسة المخلوع رفض مقترحاً من المبعوث الأممي إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد، يتضمن إطلاق المعتقلين عبر دفعات"، فيما أصر وفد الانقلابيين على التمسك بأن أي خطوة لإطلاق المعتقلين يجب أن تكون بعد الاتفاق على وقف كامل لإطلاق النار". مع العلم أن الحوثيين نجحوا في إتمام أكبر صفقة تبادل أسرى وتسلّموا 370 أسيراً لدى "المقاومة الجنوبية"، في مقابل إفراجهم عن 280 من الأسرى الجنوبيين. وأعادت المليشيات توزيع عناصرها المحررين على الجبهات. وكانت المليشيات قد لجأت إلى إجراء هذه الصفقة، بعد معاناتها من نقصٍ في المقاتلين بعد توسّع الجبهات وانتقالها إلى صنعاء، واستمرار معاركها على الحدود مع السعودية، وتعرّضها لهزائم كبيرة. ميدانياً، وفيما اقتصرت مظاهر وقف إطلاق النار على تراجع الغارات الجوية في أغلب المحافظات، ذكرت مصادر الحوثيين أن "التحالف نفّذ غارات محدودة في تعز ومأرب ومحافظتي حجة والحديدة غربي البلاد". وذلك بالتزامن مع تصاعد المواجهات، وسط اتهامات للحوثيين بخرق الهدنة. كما تمكنت "المقاومة" والشرعية في كل من مأرب والجوف، من تحقيق تقدم كبير في الجدعان بحدود صنعاء، بعد السيطرة على أجزاء من معسكر ماس، آخر المعسكرات الذي كانت تسيطر عليها المليشيات في مأرب. وتتقدم قوات التحالف والشرعية باتجاه مفرق الجوف صنعاء مأرب، كما تشنّ طائرات التحالف غارات على المليشيات في تعز، لا سيما داخل جامعة تعز، مكان تمركز المليشيات.كما أحرزت "المقاومة" في مريس، شمال الضالع تقدماً كبيراً وتوغّلت داخل مناطق في دمت، وصدّت هجوماً للمليشيات وإستهدفت تعزيرات عسكرية للمليشيات كانت قادمة من ذمار. وكانت الجبهة الشمالية لمأرب الساحة الأبرز للمواجهات والخروقات خلال الساعات الـ48 الماضية، بعد اتهام المقاومة للحوثيين بتنفيذ هجمات في محاولة لاستعادة مواقع، غير أنها قُوبلت بمقاومة شديدة وهجوم مرتد، تمكنت خلاله "المقاومة" والقوات الموالية للشرعية من تحقيق تقدم نوعي في منطقة "ماس" الواقعة بين محافظتي مأرب والجوف. في محافظة تعز، اتهمت "المقاومة" الحوثيين بتنفيذ عشرات الخروقات من خلال قصف مواقع المقاومة وأحياء في المدينة، وتواصلت المواجهات في أكثر من جبهة، فيما نفذ التحالف غارات عدة. مع العلم أن الحوثيين تعهّدوا في مشاورات سويسرا بالسماح بإدخال مساعدات إلى تعز. وكانت العمليات العسكرية والمواجهات في الجبهة الغربية التي تشمل محافظتي حجة والحديدة الساحليتين على البحر الأحمر، قد تصاعدت في الأيام الأخيرة، إثر تنفيذ قوات التحالف قصفاً مدفعياً وجوياً، بالتزامن مع تقدم قوات موالية للشرعية في منطقة حرض الحدودية مع السعودية بمحافظة حجة. وجاءت التحركات في حجة بعد عمليات نوعية جرى تنفيذها في محافظة الحديدة المحاذية لحجة، إذ أعلن التحالف في الأيام الماضية السيطرة على جزيرتي حنيش الكبرى وزُقر، وهما من أكبر الجزر اليمنية في البحر الأحمر. ويُمثّل توجّه التحالف و"المقاومة" بالتصعيد غرباً، تطوراً مهماً، يحاصر الانقلابيين قرب معاقلهم في محافظة صعدة، بالإضافة إلى تقليل التهديدات على الحدود السعودية، إذا ما تمكن التحالف من قطع المنافذ البحرية التي يمكن أن تستخدمها المليشيات لاستقدام إمدادات عبر البحر!!
جنيف..سويسرا : محادثات اليمن تبدأ بمصاعب وتعقيدات جمه: توافق على إدخال المساعدات وترحيل ملف المعتقلين!!
18.12.2015