أحدث الأخبار
الخميس 09 كانون ثاني/يناير 2025
خانيونس..فلسطين : المستشفى الأوروبي يواجه شبح الإغلاق بسبب نقص الوقود!!
08.01.2025

بهاء طباسي…غزة..بينما يعيش سكان قطاع غزة في ظروف إنسانية وصحية شديدة القسوة، تتفاقم الأزمات بشكل غير مسبوق في ظل الحصار الإسرائيلي المستمر منذ سنوات.وإحدى أبرز هذه الأزمات تتمثل في التهديد الذي يواجه مستشفى غزة الأوروبي في مدينة ، جنوبي قطاع غزة، والذي قد يتوقف عن تقديم خدماته في أي لحظة؛ بسبب نفاد الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية.هذا السيناريو الكارثي يهدّد حياة مئات المرضى الذين يعتمدون على الأجهزة الطبية للبقاء على قيد الحياة، ما يعكس مرة أخرى عمق المأساة الإنسانية التي يعيشها القطاع.
ومنذ السابع من تشرين الأول / أكتوبر 2023، يشهد القطاع الصحي في غزة تحديات غير مسبوقة، مع انقطاع إمدادات الكهرباء عن المستشفيات بشكل كامل. وأجبر هذا الوضع المرافق الصحية، بما في ذلك مستشفى غزة الأوروبي، على الاعتماد الكامل على المولدات الكهربائية التي تستهلك كميات هائلة من الوقود يوميا. ومع نفاد المخزون الحالي، فإن حياة المرضى أصبحت معلّقة بخيط رفيع، ما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية أخلاقية وإنسانية عاجلة.في هذا السياق، يتحدث أحمد الشاعر، الطبيب في قسم العناية المركزة في مستشفى غزة الأوروبي، عن التحديات القاسية التي تواجههم. ويقول لـ»القدس العربي»: «بالنسبة لمشكلة انقطاع التيار الكهربائي، فهي من أصعب المشاكل التي قد تواجه المستشفى، وبخاصة الأقسام العالية الخطورة مثل قسم العناية المركزة. معظم المرضى هنا يعتمدون على أجهزة لا تعمل إلا بالطاقة الكهربائية، مثل أجهزة التنفس الصناعي وبعض الأجهزة الأخرى الضرورية».ويوضح الشاعر: «في حالة انقطاع التيار الكهربائي نتيجة لنقص السولار أو غيرها من المشاكل، قد نفقد العديد من المرضى نتيجة توقف الأجهزة عن العمل. إنه أمر صعب للغاية ألا يكون هناك تيار كهربائي، خاصة في مثل هذه الأقسام الحساسة».ويسلّط جهاد الجوراني، وهو فني مختبر في المستشفى، الضوء على التأثير المدمر لنقص الوقود على عمل المختبرات الطبية. ويقول: «نحن نتحدث عن الآثار السلبية لانقطاع الوقود على عمل المختبر بشكل خاص. بنك الدم من الأقسام المهمة جدا، حيث يوفر الدم للحالات المرضية والجرحى. في حال انقطاع التيار الكهربائي، ستتوقف الثلاجات عن العمل، مما يؤدي إلى فساد وحدات الدم وإتلافها؛ بالتالي عدم توفير الدم اللازم للمرضى المحتاجين، سواء كانوا من أقسام الأورام والسرطانات أو الجرحى».ويضيف لـ«القدس العربي»: «الأمر لا يتوقف عند بنك الدم فقط؛ انقطاع التيار الكهربائي يؤدي أيضا إلى توقف الأجهزة عن العمل، مما يؤدي إلى فساد المحاليل المستخدمة في التشخيص».وبين أن «هذا التأخير في توفير النتائج المطلوبة للأطباء يؤدي إلى إرباك في التشخيص وتأخير العلاج، مما ينعكس بشكل مباشر على حياة المرضى».ووصف الدكتور صالح الهمص، مدير التمريض في مستشفى غزة الأوروبي والناطق الإعلامي باسم المستشفى، الوضع بكلمات شديدة الوضوح والتحذير: «نحن الآن نقف أمام مولدات الكهرباء في المستشفى، والتي حسب ما أفادتنا دائرة الهندسة والصيانة، فإن ما هو موجود من مخزون وقود لاستمرار عمل هذه المولدات لا يزيد عن 10 ساعات فقط. بعدها قد تتوقف المولدات عن العمل، ونحن أمام كارثة حقيقية».وأكد لـ«القدس العربي»: «هذه الكارثة ستشمل مئات المرضى الذين يعتمدون على خدمات المستشفى. وقال: «توقف المولدات يعني توقف خدمات العناية المركزة ورعاية الأطفال الخدج في الحضانات. إنها رسالة موجهة إلى العالم بأن الاحتلال الإسرائيلي يجب أن يتوقف عن سياسة التقطير في إدخال الوقود إلى مرافق وزارة الصحة في قطاع غزة».ووسط هذه الأزمة، كانت أصوات المرضى وأسرهم شاهدة على المأساة. ويقول محمد سليمان، والد طفل في قسم الحضانة، تحدث والدموع تملأ عينيه: «ابني وُلد قبل موعده، وهو يحتاج إلى جهاز تنفس صناعي يعمل بالكهرباء. أخشى أن نفقده إذا توقفت المولدات. نحن نعيش في كابوس مستمر».وأضاف لـ«القدس العربي»: «لقد كان الوضع صعبا منذ البداية؛ ابني بحاجة إلى رعاية مستمرة، وكل دقيقة يقضيها بدون دعم الأجهزة تشكل خطرا على حياته. لا أستطيع النوم أو التفكير بشيء سوى الخوف من اليوم الذي قد تتوقف فيه الأجهزة».ووجه رسالة مؤلمة إلى المجتمع: «رؤية ابني في هذا الوضع تكسر قلبي. كيف يمكن للعالم أن يصمت بينما الأطفال الأبرياء يتعرضون لهذا المصير؟ نطالب الجميع بالتدخل لإنقاذ حياتهم».وفي قسم العناية المركزة، وقفت أم يزن جمال إلى جانت سرير زوجها، الذي يعتمد على أجهزة دعم الحياة. وقالت: «زوجي أُدخل إلى العناية المركزة قبل شهرين بسبب مشاكل حادة في التنفس. الأجهزة هنا هي السبب الوحيد الذي يبقيه على قيد الحياة».وتساءلت مستنكرة: «كلما سمعت عن انقطاع محتمل للكهرباء أو نفاد الوقود، أشعر بالرعب. ماذا سيحدث له إذا توقفت هذه الأجهزة؟ إنه أمر لا يمكنني تحمله». وأضافت أم يزن خلال حديثها لـ«القدس العربي»: «لقد أصبحنا عالقين بين الأمل واليأس. لا نطلب معجزات، بل فقط الحد الأدنى من حقنا الإنساني في توفير الكهرباء والوقود للمستشفيات لاستمرار حياة أحبائنا».وفي تصريح لـ«القدس العربي»، أكد الدكتور محمد زقوت، مدير عام المستشفيات في وزارة الصحة، أن القطاع الصحي يعاني بشدة جراء الحصار الإسرائيلي المستمر منذ سنوات.وقال: «منذ السابع من تشرين الأول / أكتوبر 2023، انقطعت إمدادات الكهرباء عن المستشفيات، مما أجبرنا على الاعتماد الكلي على المولدات الكهربائية. هذه المولدات تستهلك ما يقارب 2,000 لتر من الوقود يوميا، ومع نقص الإمدادات، فإن المستشفيات الآن على شفا الانهيار الكامل».وأوضح زقوت: «لدينا أكثر من 500 مريض في العناية المركزة، و120 طفلا في الحضانات، إضافة إلى آلاف المرضى في أقسام الطوارئ والجراحة والأورام. الوضع أكثر خطورة عندما نتحدث عن مئات الجرحى الذين يصلون يوميا نتيجة الاعتداءات المستمرة، ويحتاجون إلى عمليات طارئة وأدوية منقذة للحياة». وأشار إلى أن «وزارة الصحة تعمل الآن على ترشيد استخدام الوقود المتبقي»، ثم عاد واستدرك: «لكن هذا ليس حلا مستداما. القطاع الصحي يحتاج إلى أكثر من 500 ألف لتر من الوقود شهريا، لضمان استمرار العمل في جميع المستشفيات والمرافق الصحية».وأضاف: «إذا لم يتم توفير الوقود بشكل عاجل، فإننا قد نفقد أرواح مئات المرضى يوميا، لا سيما أولئك الذين يعتمدون على أجهزة دعم الحياة في أقسام العناية المركزة والحضانات».واختتم مدير عام المستشفيات تصريحاته بدعوة عاجلة للتحرك الدولي؛ لإنقاذ الوضع الصحي في المستشفى الأوروبي وسائر مستشفيات غزة: «إن الأزمة التي يواجهها مستشفى غزة الأوروبي ليست إلا مثالا واحدا من المعاناة المستمرة في القطاع. لابد من تدخل المجتمع لإنقاذ الأرواح وضمان استمرار تقديم الخدمات الصحية الأساسية. إن العالم بأسره مدعو الآن لتحمل مسؤوليته الإنسانية أمام ما يحدث في غزة، حيث أصبح الحصول على أبسط مقومات الحياة تحديا يوميا».
*المصدر : القدس العربي


1