تسود حالة من الغضب في أوساط المغاربة، جراء قرار حكومة عزيز أخنوش استيراد أكثر من مليوني طن من النفايات المنزلية والعجلات المطاطية من الدول الأوروبية، معتبرين ذلك «خيانة للبيئة» و»امتهاناً للكرامة الوطنية» و»تهديداً لصحة الشعب» و»ضرباً للدستور وللقوانين المنظمة للتنمية المستدامة».وخلف القرار الذي وُصف بـ»الكارثي» ردود فعل مستاءة لدى جمعيات ومنظمات بيئية، ألقت اللوم على وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي. وأعاد هذا المستجد إلى الأذهان واقعة مشابهة حدثت سنة 2016 حين تعرّضت الوزيرة حكيمة الحيطي، المكلفة بالبيئة في عهد حكومة بن كيران، لغضب المغاربة بعد ترخيصها لاستيراد الأطنان من النفايات من إيطاليا.اليوم، وبعد مرور ما يقارب العقد من الزمن على واقعة نفايات إيطاليا، ها هي وزيرة أخرى في عهد حكومة أخنوش تكرر قرار استيراد ليس نفايات إيطاليا فقط بل كل أوروبا، ويتعلق الأمر بـ «النفايات المنزلية» و»العجلات المطاطية» التي توضع عادة في خانة «إعادة التدوير»، وهو ما ركز عليه المغاربة وهم يتابعون الحدث عن كثب بالتدوينات والتعليقات والتحليلات أيضاً.وأصدر بنعطا محمد، منسق «التجمع البيئي لشمال المغرب» ورئيس «فضاء التضامن والتعاون بالجهة الشرقية»، بياناً بعنوان «لا لتحويل المغرب إلى مطرح لنفايات الدول الأوروبية»، أكد فيه أن المغاربة فوجئوا بقرار وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة بالسماح باستيراد أكثر من مليوني طن من النفايات المنزلية والعجلات المطاطية من الدول الأوروبية.واعتبر الناشط البيئي قرار الوزيرة بنعلي «تنافياً مع روح المواطنة ومهمتها في الحفاظ على ما تبقى من كرامة بيئية للمواطنين المغاربة الذين هم في حاجة ماسة الى النظم المعلوماتية والتقنيات الصناعية والزراعية والطبية والاقتصادية التي تساهم في الازدهار الفعلي وتسهل عيش المواطنين وتحسن من مستوى معيشتهم، بدل من استيراد أزبال وبقايا أوروبا التي تنهك وتلوث وتدمر المنظومة البيئية المغربية».واستعرض البيان الذي اطلعت عليه «القدس العربي»، تفاصيل النفايات والبلدان التي سيتم استيرادها منها، حيث سيُستورد 970.896 طناً من فرنسا، و20 ألف طن من إيطاليا، و30.054 طناً من إسبانيا، و1.5 مليون طن من بريطانيا، و60 ألف طن من السويد، و100 ألف طن من النرويج.وحسب بيان «منسق التجمع البيئي لشمال المغرب»، فإن هذا القرار «يتناقض مع الدستور المغربي الذي ينص على حق المواطن في العيش في بيئة سليمة ومع القوانين والاستراتيجيات التي اعتمدها المغرب للحفاظ على البيئة ونمط التنمية المستدامة والانتقال الطاقي العادل»، كما أن «المغرب اعتمد على مجموعة من القوانين والمراسيم التطبيقية والاستراتيجيات للحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة».و»رغم هذه الترسانة القانونية لتحقيق الأهداف المسطرة في ميدان المحافظة على البيئة والتنمية المستدامة»، يستطرد الناشط البيئي في بيانه، «قررت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة الترخيص لاستيراد النفايات المنزلية والعجلات المطاطية من الدول الأوروبية».وبعد أن تحدث البيان المذكور عن البيئة وصحة المواطنين والهواء والغازات السامة والدفيئة، والتي تتسبب كلها في التغيرات المناخية وتؤثر سلباً على سلامة المواطنين الصحية، كما تطرق لحرق العجلات المطاطية بهدف إنتاج الطاقة، معتبراً هذه الطريقة «غير صديقة للبيئة»، طالب الوزيرة بنعلي بـ «العدول عن قرارها».قرار الوزيرة بنعلي لم يحرك النشطاء في مجال البيئة وحقوق الإنسان فقط، بل تفاعل معه مختلف الرأي العام الذي توحد حول «الرفض المطلق والقاطع» لهذه «الصفقة المسمومة»، كما وصفها مدون، فيما اعتبرها فنان تشكيلي مهزلة، وكتب على صفحته في الفيسبوك «هزلت… وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة المغربية تستورد النفايات الأوروبية ومنها النفايات الملوثة والخطيرة».بالنسبة لعدد من المواطنين، فإن قرار استيراد النفايات الأوروبية هو «خيانة للبيئة وامتهان للكرامة الوطنية»، لذلك فقد تقاطرت الأسئلة من قبيل: «إلى متى سنظل نعيش في ظل سياسات تبيع كرامتنا بثمن بخس؟» وأيضاً «أليس من العار أن نصدر خيرات أرضنا من فواكه وخضروات وأسماك لتعود إلينا محملة بنفايات أوروبا؟»، ثم سؤال ثالث محرج: «هل وصلت بنا الحال إلى أن نتحول من مصدرٍ لجودة الحياة إلى مستوردٍ للخراب والسموم؟».واعتبر كاتب التدوينة أن هذا القرار «ليس مجرد خيانة لبيئتنا وصحتنا، بل هو استهزاء بذكائنا وحقنا في العيش في بيئة نظيفة»، وزاد متسائلاً مرة أخرى: «كيف نقبل بأن نصدر أجود ما نملك ليعود إلينا أسوأ ما عندهم؟ أليس من الأولى أن نحمي أرضنا من هذه الجرائم البيئية؟»، وخلص إلى أن «صمتنا على هذه الكارثة هو موافقة ضمنية على تدمير مستقبل أجيالنا».السؤال الكبير والمقلق الذي طرحه المغاربة بصيغ مختلفة ومتباينة هو «هل أصبحنا مطرح نفايات الدول الأوروبية؟»، وينضاف إليه سؤال «أين حماة البيئة بالمغرب للتصدي لقرارات هذه الحكومة؟»، فيما قال مواطن بخيبة أمل واضحة: «كنا ننتظر استيراد الخيرات لتنخفض الأسعار، لكن وزارة بنعلي قررت استيراد 1.24 طن من العجلات المطاطية، و17024 طناً من النفايات غير الخطرة الأخرى وتتعلق بنفايات منزلية».تبدو الخطوات الرافضة لقرار استيراد النفايات في بدايتها، لكنها وحدت مجموعة من الفاعلين، كما وحّدت منصات التواصل الاجتماعي حول الموضوع من خلال التدوينات والصور، واسترجاع ما مضى في واقعة الوزيرة السابقة حكيمة الحيطي، التي كانت «نفايات إيطاليا» هي آخر عهدها بالمسؤولية الحكومية، وهناك من وصف الأمر بكون تلك النفايات قتلت المسيرة السياسية والوزارية للمعنية بالأمر، وربط البعض بين الأمس واليوم، وهل ستكون نهاية الوزيرة بنعلي شبيهة بزميلتها السابقة الحيطي؟
الرباط..المغرب: المملكة تتحول الى مكب للنفايات الاوروبية ...استياء عارم من قرار حكومة أخنوش استيراد النفايات الأوروبية!!
28.08.2024