أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
غزة..فلسطين : البرد يزيد معاناة نازحي غزة… ونقص بمليون و200 ألف بطانية!!
16.01.2024

في خيمة من القماش والبلاستيك نصبت في العراء في جنوب مدينة رفح، يجلس إسماعيل نبهان مع أبنائه وأحفاده أمام موقد نار للحصول على بعض الدفء من البرد قارس، والخيمة تصارع الرياح الشديدة في محاولة للصمود.ويقول نبهان (60 عاما) لـ«فرانس برس»: «قبل يومين كانت الرياح قوية، حاولنا طيلة الليل أن نثبّت النايلون على الخيمة، نحن نعيش في صحراء، والبحر أمامنا، البرد مضاعف».وتنبعث من الخيمة التي يسكن فيها 28 فردا رائحة كريهة بسبب إشعال حطب وقطع بلاستيكية، كما يملأ الدخان الخانق المكان.وتقول رائدة عوض، زوجة اسماعيل نبهان، «الدخان الذي نستنشقه من حرق البلاستيك يحرق صدورنا».وخيمة العائلة التي نزحت من وسط قطاع غزة واحدة من آلاف خيم النازحين المستحدثة في جنوب القطاع المحاصر. تبعد مئات الأمتار عن شاطئ البحر المتوسط في أقصى جنوب غرب مدينة رفح قرب الحدود مع مصر.إلى جانبها، يسعل حفيدها، وتقول عوض (50 عاما) «جميع الأطفال مرضى من الرائحة ومن البرد، لا يتوقفون عن السعال والرشح، الملابس ليست ثقيلة بشكل كاف لتدفئتهم».وتضيف «الأغطية بالكاد تكفي، كل ثلاثة يتشاركون بغطاء واحد».تطلب رائدة من ابنها حاتم أن يحضر بعض الحطب. وتقول «الحطب مبلّل، سنحتاج أربعة أيام لتجفيفه ليكفينا يوما أو اثنين للتدفئة والطهي لثلاثين شخصا. الوضع مأساوي».وحسب الأمم المتحدة، يبلغ عدد النازحين في قطاع غزة 1,9 مليون من أصل 2,4 مليون هو عدد سكان القطاع قبل الحرب.وأكد بيان مشترك لمنظمة الصحة العالمية وبرنامج الأغذية الدولي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، أول أمس الأحد، أن هناك «حاجة ملحة» في قطاع غزة «إلى تغيير جذري في تدفق المساعدات الإنسانية».ودعا إلى تأمين طرق إمداد «بشكل أكثر أمنا وأسرع» محذرا من أن مستوى المساعدات الحالي «أقل بكثير مما هي الحاجة لتجنّب مزيج قاتل من الجوع وسوء التغذية والمرض».ووفق وكالة الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية (أوتشا) النقص يشمل «مليونا و200 ألف بطانية ومرتبة، وما لا يقل عن 50 ألف خيمة عائلية معدة لفصل الشتاء و200 ألف قطعة ملابس شتوية، بالإضافة إلى قماش مشمع وأغطية بلاستيكية».في رفح، يقول محمد كحيل النازح من شمال القطاع لـ «فرانس برس»: «ليس لدينا طعام ولا ماء أو تدفئة. نحن نتجمّد حتى الموت».ونزحت حنين عدوان (31 عاما) الأم لستة أطفال النازحة من مخيم النصيرات في وسط قطاع الى رفح، «في الليل، أشعر أننا سنموت من البرد، جميعنا مرضى نعاني من الرشح والسعال». وتضع عدوان التي تبعد خيمتها مئات الأمتار عن البحر، ثلاث فرشات فوق بعضها لتجنب البرد.وتقول «لا توجد وسيلة للتدفئة سوى النار، لكن سعر الحطب مرتفع ولا نملك نقودا. نشعل النار بالبلاستيك، نختنق من الرائحة».إلى جوارها، يجلس ابنها فادي (14 عاما) الذي يتولى توفير البلاستيك لإشعال النار.ويقول الفتى، وهو يشير إلى يديه اللتين صبغتا باللون الأسود «أذهب هناك بالقرب من برك الصرف الصحي عند الحدود، يوجد أسفلها بلاستيك تحت الرمل، أقوم يوميا بالحفر وتقطيع البلاستيك بالسكين».ويقول غير مكترث بالجروح التي تغطي يديه نتيجة هذا العمل «يموت إخوتي من البرد في الليل وأنا أيضا، يجب أن نشعل أي شيء وإلا سنتجمد».في خيمة مجاورة، يعد خالد فرج الله (36 عاما) الخبز لعائلته المؤلفة من ستة أطفال بينهم طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة.ويخبز فرج الله الذي نزح من منزله شرق مدينة غزة الأرغفة في زاوية الخيمة ويناولها لابنه.ويقول «بعد الثانية فجرا، لا يتمكن أحد من النوم بسبب شدة البرد حتى لو وضعت ألف بطانية، الأرض باردة والتراب ينقل الرطوبة والبرد». ويتشارك أطفاله الستة ثلاث فرشات.ويصارع الأب ما بين إشعال النار للتدفئة وخوفه من القصف.ويقول «كل ليلة أشعل النار داخل الخيمة من أجل التدفئة، لأنني أخاف أن يقصفنا الطيران الإسرائيلي».ويستدرك «أصبح لدينا هاجس أنهم (إسرائيل) يمكن أن يقصفوا لأي سبب».ويشير الأب إلى طفله «سند» بأسف. ويقول «كان يتفاعل ويضحك لكنه أصبح دائم الصمت ولا يتحرك خصوصا أنه طيلة الوقت مريض بسبب البرد ولا يحصل على أدوية».ويخشى فرج المطر والاجتياح الإسرائيلي ويقول «إذا أمطرت بغزارة سيموت الناس من البرد، وإذا اجتاح الإسرائيليون المنطقة ماذا سأفعل؟ سأهرب من أجل أبنائي إلى هناك» مشيرا إلى الحدود المصرية.وعبّرت فلسطينية تعيش في خيام مؤقتة أقامها النازحون على الشريط الحدودي مع مصر، عن مأساة الشعب الذي يريد الاحتلال وداعموه تهجيره من أرضه، ورددت وهي تبكي: «أنا أرفض تماما أن أذهب إلى سيناء».وكشفت أنهم هُجّروا من بيوتهم منذ 100 يوم من العدوان، ومنذ 15 يوما نزحوا إلى الحدود المصرية، لكنهم سمعوا أن الإسرائيليين سيسيطرون على المنطقة الحدودية بين مصر وفلسطين.وبألم وحسرة شديدين، تصف هذه الفلسطينية ظروفها بأنها كانت صعبة واليوم هي أصعب بكثير، وتقول إنها عندما تراقب غزة وهي على الحدود مع مصر تشعر بخوف وبألم وحزن وبدم الشهداء وصرخة الأطفال الصغار.وتضيف لـ «الجزيرة نت»: «أشعر أنني غريبة تماما» ثم تردد وهي باكية: «أنا أرفض تماما أن أذهب إلى سيناء لأنها ليست أرضي.. أنا فلسطينية وأحمل هوية وجنسية فلسطينية ولو ذهبت إلى مصر سأشعر أنني غريبة». وتضيف: «أرفض حتى أن أنظر إلى سيناء من بعيد لأنها ليست أرضي».وعبّرت هذه النازحة عن ألم ومعاناة الفلسطينيين في غزة، وقالت إنهم تألموا طوال 100 يوم ن الحرب وملامحهم تغيرت، وقالت «لما أنظر إلى أولادي أشعر أن طفولتهم ضائعة ونحن عاجزون عن تقديم أي شيء لهم».وأضافت أن ما حدث عام 1948 ربما كان أهون مما يحدث اليوم، لأن الترابط بين الشعوب العربية كان موجودا أكثر، و»لكننا اليوم نشعر أن العرب صاروا أغرابا عنا. مات العدل في أرض المسلمين يا عمر».


1