أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
إسلام أباد..باكستان : العنف في باكستان... طالبان والانفصاليون البلوش!!
09.07.2023

*كتب صبغة الله صابر.. كشف "المعهد الباكستاني لدراسة الصراعات والأمن"، ومقره في إسلام أباد، أخيراً، أنه خلال الأشهر الستة الماضية من هذا العام ارتفعت وتيرة أعمال العنف في باكستان بنسبة 79 في المائة، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وأن هناك تمدداً كبيراً لطالبان الباكستانية في مناطق لم يكن لها وجود في السابق خصوصاً في إقليم بلوشستان، كما أن عدداً من الأحزاب البلوشية قد انضمت إليها بما يُعدّ ناقوس خطر يهدد أمن البلاد، فضلاً عن تضاعف العمليات الانتحارية خلال تلك الفترة.وحول الحصيلة أوضح المعهد في تقرير بعنوان: "الإرهاب في باكستان يرتفع بنسبة 79 في المائة في النصف الأول من عام 2023، وتضاعف عدد الهجمات الانتحارية"، أنه منذ مطلع العام الحالي وحتى نهاية شهر يونيو/حزيران الماضي، شهدت الساحة الباكستانية 271 حدثاً عنيفاً، أدى إلى مقتل 389 شخصاً، وإصابة 656 آخرين، مشيراً إلى أن عدد الهجمات في النصف الأول من عام 2022 بلغ 155 هجوماً، أدى إلى مقتل 293 شخصاً وإصابة 487 آخرين، بينما في النصف الثاني من العام الماضي بلغ عدد الهجمات 228، أسفرت عن مقتل 246 شخصاً وجرح 349 آخرين.اللافت في تقرير المعهد هو أن إقليم البنجاب شهد ارتفاعاً ملحوظاً في حوادث العنف خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، مع بلوغ عدد الهجمات ثماني، أدت إلى مقتل ستة أشخاص وإصابة 10 آخرين. في المقابل، شهد الإقليم هجوماً مسلحاً واحداً خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2022، بينما وقع هجومان آخران خلال الأشهر الستة الأخيرة من العام نفسه.ولوحظ، بحسب التقرير، ارتفاع وُصف بـ"المقلق" في عدد الهجمات الانتحارية خلال النصف الأول من العام الحالي، وبلغت 13 هجوماً انتحارياً أودت بحياة 142 شخصاً وجرح 309 آخرين.في المقابل، بلغ عدد الهجمات الانتحارية خمسا فقط خلال الفترة المماثلة من العام السابق، وتسببت في مقتل 77 شخصاً وجرح 225 آخرين، وخلال النصف الثاني من العام الماضي، شهدت باكستان 10 هجمات انتحارية، أدت إلى مقتل 24 شخصاً وإصابة 65 بجروح.أما عن رد فعل الجيش والقوات المسلحة، فأشار التقرير إلى تصعيدهم وتيرة الهجمات على المسلحين خلال تلك الفترة، وقتلوا ما لا يقل عن 236 مسلحاً في جميع أنحاء البلاد، واعتُقل 295 آخرون خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي.عبد الله خان: بدأ الأفغان ينضمون إلى صفوف طالبان الباكستانية بأعداد كبيرةواتفق تقرير المعهد مع ما أعلنته طالبان الباكستانية ضمن تقريرها النصف السنوي في 1 يوليو/تموز الحالي، التي أكدت فيه تنفيذها 306 هجمات على قوات الأمن الباكستانية خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، معلنة مقتل 394 من عناصر الجيش والشرطة والاستخبارات.وفي تعليق له على التقرير، يقول المدير العام للمعهد، عبد الله خان لـ"العربي الجديد" إن هناك أسباباً كثيرة وراء ارتفاع وتيرة الهجمات المسلحة في باكستان، أبرزها أن حركة طالبان باكستان كانت موزعة إلى فروع مختلفة سابقاً، لكن منذ مطلع عام 2020 بوشر العمل على توحيدها في سياق حركة واحدة. ويشير إلى أن تلك الجهود تكللت بالنجاح في نهاية العام الماضي، والآن طالبان الباكستانية أصبحت حركة واحدة وانتهت الانقسامات الداخلية فيها بفعل مساعي زعيم طالبان الباكستانية مفتي نور والي.ويضيف خان أنه بالإضافة إلى ذلك، فقد ارتفع التنسيق بشكل غير مسبوق بين التنظيمات المسلحة التي تقاتل في باكستان على أساس الدين، وعلى رأسها طالبان الباكستانية، والأحزاب التي تقاتل على أساس القومية، تحديداً الانفصاليين البلوش، وبات هناك تعاون وتنسيق واضح بين الطرفين، مما أدى إلى تمدد رقعة نفوذ تلك الجماعات وتفعيل هجماتها.ويستفيض خان في قراءة تصاعد الهجمات في باكستان بالقول: ثمة سبب قوي وعامل رئيسي وهو وصول طالبان الأفغانية إلى سدة الحكم في أفغانستان، وطالبان الباكستانية حليفة لها. سابقاً كان هناك دعم لطالبان الباكستانية في أفغانستان لكن ليس إلى هذه الدرجة، الآن هناك مراكز تدريب وجمع الأموال وتجنيد الشباب في الأراضي الأفغانية من قبل طالبان الباكستانية، قبل أن يتم إرسالهم إلى باكستان من أجل القتال.ويشير خان إلى أن مقاتلي طالبان الأفغانية والشباب الأفغان بدأوا ينضمون إلى صفوف طالبان الباكستانية بأعداد كبيرة، ففي السابق كان الشباب الباكستانيون يذهبون إلى أفغانستان بعد التجنيد من قبل طالبان الباكستانية ويقاتلون ضد القوات الأميركية والأفغانية هناك، لكن الآن يحصل عكس ذلك، فالمقاتلون الأفغان يأتون إلى باكستان ضمن صف طالبان الباكستانية ويقاتلون ضد القوات الباكستانية، وهناك أدلة تثبت ذلك.ويوضح أن السلطات الباكستانية تدرك ذلك لأن ظاهرة إرسال جثامين قتلى المقاتلين الأفغان في صفوف طالبان الباكستانية إلى أفغانستان باتت ظاهرة يومية، وهذا لا يخفى عن أحد. ويلفت خان إلى أن الحدود الأفغانية الباكستانية مفتوحة في وجه المقاتلين لسببين.السبب الأول هو أن المقاتلين في صفوف طالبان الباكستانية من البشتون والقبائل المنتشرة على الحدود الأفغانية ـ الباكستانية من البشتون أيضاً. والسبب الثاني هو أن طالبان الأفغانية لا تمنع المقاتلين من طالبان الباكستانية من العبور.وسبق لـ"المعهد الباكستاني لدراسة الصراعات والأمن"، أن نشر تقريراً في 14 يونيو الماضي، ألقى الضوء فيه على التنسيق بين طالبان الباكستانية والتنظيمات الانفصالية البلوشية، مؤكداً أن طالبان الباكستانية وسعت نفوذها العملياتي في بلوشستان، مما يشكل تهديداً كبيراً للأمن القومي الباكستاني. وقد مكنت التحالفات الاستراتيجية لحركة طالبان الباكستانية مع مختلف الجماعات المسلحة المتمركزة في بلوشستان من التسلل سريعاً إلى الإقليم.وذكر التقرير أنه بالإضافة إلى التنسيق مع الأحزاب الانفصالية البلوشية، فقد انضمت أربع جماعات بلوشية إلى طالبان باكستان. ففي يونيو 2022 انضمت مجموعة من المقاتلين البلوش بقيادة الملا أسلم بلوش من منطقة نوشكي في بلوشستان إلى طالبان الباكستانية، وفي ديسمبر الماضي، تعهدت مجموعة أخرى في منطقة مكران في بلوشستان بقيادة مزار بالوش بالولاء للمفتي نور والي، زعيم حركة طالبان الباكستانية، وفي إبريل/نيسان الماضي، أعلنت مجموعة بلوشية ثالثة بقيادة أكرم بلوش انضمامها إلى طالبان الباكستانية، وكذلك فعلت أخيراً مجموعة بلوشية من مدينة كويتا، مركز إقليم بلوشستان، بقيادة عاصم بالكوه، مما دفع طالبان الباكستانية إلى تقسيم إقليم بلوشستان إلى إقليمين وتعيين حكام لكل منهما.غير أن المحلل الأمني الباكستاني محمد أرشد خان كاظمي يقلل من أهمية التنسيق بين البلوش وطالبان الباكستانية، واصفاً ذلك بـ"التحالف غير الطبيعي".ويوضح في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن أيديولوجية طالبان الباكستانية تختلف تماماً مع أيديولوجية الانفصاليين، وما يوحدهما في الوقت الحالي هو القتال ضد السلطة الباكستانية، ولكن ذلك التحالف لن يمضي إلى الأمام.ويرى أنه لا بد من مساندة القوات المسلحة من قبل الشعب، وتحديداً القبائل المتاخمة على الحدود، فضلاً عن تحسين الوضع المعيشي والاقتصادي في البلاد، وفوق كل ذلك هو تعاون طالبان الأفغانية مع الحكومة الباكستانية، لإنهاء ارتفاع وتيرة العنف في باكستان.
**المصدر : العربي الجديد


1