أحدث الأخبار
الأحد 24 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
الخرطوم.. السودان : معارك كردفان والنيل الأزرق تُشتّت قوات الجيش السوداني!!
27.06.2023

تنذر اشتباكات نشبت بين الجيش السوداني وقوات الحركة الشعبية – شمال جناح عبدالعزيز الحلو في جنوب كردفان والنيل الأزرق بتشتيت جهود الجيش السوداني على عدة جهات بعد أن كان الصراع مقتصرا على الخرطوم وامتد إلى الغرب ثم جنوب البلاد، كما تؤشّر على تغيير موازين القوى في الصراع.ونقلت وسائل إعلام محلية أن الجيش تصدى لهجوم شنته الحركة الشعبية – شمال بالكرمك جنوب شرق البلاد بعد أكثر من عشرة أعوام من توقف الحرب فيها.وأعلن الجيش السوداني سقوط جرحى وقتلى في صفوفه بعد هجوم شنته الحركة الشعبية على موقع في مدينة الدلنج بولاية كردفان، جنوب البلاد.وحسب الجيش فإن اللواء 54 مشاة كادقلي تعرض لهجوم “غادر” من الحركة الشعبية على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار الذي يجدد سنويا مع حكومة الخرطوم.ونفت الحركة الشعبية توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار مع الجيش، وقالت إنها عملت على إعلان وقف لإطلاق النار من جانب واحد منذ ثورة ديسمبر 2018 وواظبت على تجديده بشكل سنوي، على الرغم من تلكؤ الجيش في تنفيذه.ويشير موقف الحركة الشعبية إلى أنها تمضي في اتجاه توسيع دائرة المعارك بينها وبين الجيش واستغلال انشغاله بمعارك أخرى في مواجهة قوات الدعم السريع لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية تمكن الحركة من فرض سيطرتها على مناطق أكبر في مناطق متاخمة لإقليم دارفور تتوقع أن ينتقل الصراع إليها، ما يجعلها رقمًا مهما في أي حلول مستقبلية للأزمة في السودان.ولم تنجرف حركة الحلو وراء مباحثات السلام التي شاركت فيها حركات مسلحة في جنوب السودان وانتهت بالتوقيع على اتفاق “جوبا للسلام” في أكتوبر 2020، رغم أن لها علاقة وطيدة برئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت عراب اتفاق جوبا.وجعل تحرك الحركة الشعبية قيادة الجيش السوداني في وضع حرج؛ إذ يؤدي إلى إنهاك عناصره بالتزامن مع المعارك الجارية بينه وبين قوات الدعم السريع، واضطراره إلى سحبها في الهامش إلى العاصمة، ما يمثل مدخلاً لإعادة تموضع الحركة سياسيًا.وليس واضحا ما إذا كانت قوات الحلو قد دخلت في تحالف غير معلن مع قوات الدعم السريع أم أن ذلك لم يحصل، في ظل وجود فجوة سابقة في العلاقة بين الطرفين.وقد يستفيد قائد الحركة الشعبية من صمود قوات الدعم السريع في تغذية نفوذه السياسي والعسكري في مناطق جنوب وجنوب شرق السودان، خاصة أن المعارك التي اندلعت يمكن أن تتسبب في تغيير مواقف الحركات المسلحة من الصراع المحتدم بين الجيش وقوات الدعم السريع، بعد أن اختارت أغلبيتها البقاء على الحياد.ويصعب الفصل بين انتقال المعارك في ولاية النيل الأزرق وبين موقف نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار الذي يرأس أحد أجنحة الحركة الشعبية – شمال، وبدا واضحا أن الصراع القديم بين الحلو وعقار والتململ الذي أصاب مكونات مدنية وعسكرية في جناح عقار يمكن أن يؤديا إلى دعم خصومه للحلو.ولم يستبعد المحلل السياسي السوداني عادل سيد أحمد أن تكون المشاحنات السابقة بين مالك عقار وعبدالعزيز الحلو حاضرة في خلفية الاشتباكات الحالية مع انحياز الأول إلى الجيش، ويتمثل التطور الأخطر في وجود بوادر لمواجهات بجنوب النيل الأزرق، تحديدا في “جبال الأنقسنا” كمنطقة تتبع لنائب رئيس مجلس السيادة.وقال سيد أحمد” إن “مناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق تشهد مواجهات ذات طابع سياسي بخلفية قبلية وتقطنها قبائل عربية مثل ‘المسيرية’ وأفريقية مثل ‘النوبة’، ومن الطبيعي أن تنتقل المعارك من الخرطوم إلى مناطق أخرى ملتهبة، والخوف من أن تتسع بشكل أكبر وأعنف لتتّخذ بعدا قبليا، وتنتقل الحرب من المركز إلى الولايات، وهو ما ينذر بحرب أهلية طويلة”.وينشط قتال الحركة الشعبية في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق منذ عام 2011 للحصول على وضع خاص للمنطقتين، وبعد انفصال دولة جنوب السودان في ذلك العام أصبح الحلو رئيسا للحركة الشعبية لتحرير السودان – قطاع الشمال بموجب اتفاق السلام الشامل قبل أن تنقسم الحركة عام 2017 إلى جناحين أحدهما برئاسة الحلو والثاني بقيادة عقار.ونجح الحلو في أن يقنع أغلب المقاتلين بفكرة الانضمام إلى فصيله وقاد من معقله في جبال النوبة وجنوب كردفان أكبر فصيل متمرد في المنطقة، ولم يوقع على اتفاق السلام (جوبا) لتمسكه بتضمين شرط “علمانية الدولة” وحق تقرير المصير لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق في الاتفاق.وظل جناح الحلو يسيطر على منطقة كاودا الجبلية في جنوب كردفان منذ اندلاع الحرب مع الجيش السوداني، وتطلق عليها الحركة الشعبية اسم “المنطقة المحرَّرة” من سيطرته، وخلال السنوات الماضية اندلعت مناوشات خفيفة بين قوات الجيش وعناصر الحركة في هذه المنطقة دون أن تتحول إلى اشتباكات واسعة.وأشارت أستاذة العلاقات الدولية في جامعة الخرطوم تماضر الطيب إلى أن اشتباكات النيل الأزرق تشي بأن حركات أخرى دخلت على خط الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، وتستهدف إنهاك المؤسسة العسكرية لتحقيق مجموعة من المكاسب الميدانية، وهو ما يغذي الصراع المزمن بين الحركات والحكومات السودانية، بغض النظر عن هوية من يحكم في الخرطوم.وذكرت في تصريح لـ”العرب” أن “فتح جبهة جديدة للقتال أمام الجيش في الجنوب له تأثيرات سلبية على تماسكه وتحركاته وإستراتيجيته التي وضعها من قبل لحصر القتال في مناطق بعينها، ولعل تمدد الاشتباكات في دارفور سبب رئيسي في انتقال الاشتباكات إلى مناطق متاخمة للإقليم، ما يفتح الباب لتصاعد الاشتباكات وتوسعها في ولايات الداخل السوداني دون أن تقتصر على الأطراف”.ولفتت إلى أن انحياز مالك عقار لقائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان سبب غير مباشر في تأجيج الأوضاع في كردفان والنيل الأزرق، لأن بعض المنتسبين إلى حركة عقار يعارضون موقفه الذي يقضي بالوقوف إلى جانب طرف على حساب آخر، وأن الأيديولوجيا الحاكمة داخل الحركات تقوم على فقدان الثقة في أي تفاهمات مع الجيش أو الحكومة المركزية، ما يشكك في صمود هذا التحالف طويلاً.ويجعل تبني حركة الحلو نهجًا يقوم على سيولة الانتقال بين المعسكرات والتحالفات السياسية المختلفة سلوكه الحالي متوقعًا، خاصة أنه يملك قدرة عالية على المراوغة وقوات عسكرية ليست هينة، تشكل مصدر قوة على الأرض.وعقد الحلو جولات من المفاوضات مع الحكومة والسلطات في الخرطوم، أفضت إلى التوصل لتوافق (إعلان مبادئ) على وقف الأعمال العدائية والصراعات المسلحة، ونص هذا الإعلان الذي وقع عليه في مارس 2021 مع البرهان على ضرورة توطيد سيادة السودان واستقلاله وسلامة أراضيه، وأقر الطرفان بالتنوع العرقي والديني والثقافي لسكان البلاد.


1