غيّرت الحرب ملامح ما تبقى من حياة في اليمن، وخاصة في السنوات الأخيرة، فحتى اللقاحات، التي كان وعي الحكومة والشعب قد وصلا بالتوازي إلى التعاطي معها كأولوية ليس للحفاظ على الصحة الشخصية فقط بل أيضا للحفاظ على الصحة العامة للآخرين، لكن، الآن، بات الوضع مختلفا.لقد فرضت مستجدات الحرب واقعًا لم يخطر على بال أحد مع تصاعد حملة التحريض من الحوثيين ضد اللقاحات في مواجهة وعي ترسخ منذ عقود، فيما كانت حملات التحصين الوطنية في السنوات الأخيرة تُنفذ بشكل غير سليم وغير شامل مما تسبب بظهور إصابات مؤكدة بأمراض فتاكة.والأشد إيلاما هو الإعلان غير الرسمي عن وفيات أطفال بالحصبة فيما هناك وفيات أخرى لا يتم الإعلان عنها جراء إصابتها بأحد الأمراض القاتلة للطفولة؛ وبالتالي فاليمن مرشح لعودة ارتفاع معدل وفيات الأطفال، كما كان عهده في الثمانينيات وما قبلها؛ إذ كان الأطفال يموتون بأمراض تجاوزها العالم، وهي الأمراض التي استطاعت اللقاحات مواجهتها لاحقًا، حتى سجل اليمن تراجعًا في وفيات الأطفال وصولاً إلى إعلان منظمة الصحة العالمية خلو البلد عام 2009 من مرض شلل الأطفال؛ ليعود المرض للظهور بعد عقد من الزمن.في هذا السياق، أعلنت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا أنها ستبدأ غدا الأحد تنفيذ حملة للتحصين ضد شلل الأطفال في مناطق سيطرتها مع تصاعد معدل الإصابات المؤكدة واستمرار التحريض ضد اللقاحات في مناطق سيطرة الحوثيين.وتستمر الحملة حتى السابع من مارس/آذار مستهدفة الأطفال ما دون الخامسة، وسط تفش متسارع لأمراض فتاكة كالشلل والحصبة والسعال الديكي وأعلنت الوزارة، في فبراير/شباط الماضي، تسجيل 228 حالة إصابة مؤكدة بفيروس شلل الأطفال خلال العامين (2021-2022)؛ محملة الحوثيين المسؤولية.تشهد مناطق سيطرة الحوثيين محاضرات وندوات ضد اللقاحات باعتبارها “فكرة شيطانية” تستهدف تحديد النسل وتركزت الإصابات في عدد من المحافظات في وسط وشمال البلاد، وخاصة في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.وحسب البيان، شملت الإصابات الجديدة بشلل الأطفال مناطق سيطرة الحكومة الشرعية جراء- ما اعتبرته – استمرار النزوح الداخلي الناجم عن الصراع، فيما تحدثت مصادر أخرى عن “إشكالات” كانت تجعل تنفيذ حملات التحصين غير سليم وغير شامل في السنوات القليلة الماضية.وتشهد مناطق سيطرة الحوثيين محاضرات وندوات ضد اللقاحات باعتبارها “فكرة شيطانية” تستهدف تحديد النسل.وأكدت مصادر صحية في صنعاء أن التحصينات الروتينية في مراكز الرعاية الأولية مازالت متوفرة لمن يريد، في ظل حملة تستهدف الوعي العام، الذي كان يعاني من قصور معقول، في ظل توقف تنظيم الحملات الوطنية في مناطق سيطرة الحوثيين منذ العام الماضي.
صنعاء..اليمن : هكذا غيّرت الحرب ما تبقى من اليمن.. حملة تطعيم “جزئي” ضد شلل الأطفال مع تزايد الإصابات واستمرار تحريض الحوثيين!!
04.03.2023