أحدث الأخبار
الاثنين 25 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
بيروت..لبنان : حداد وطني وإقفال في ذكرى انفجار مرفأ بيروت.. وانهيار صوامع جديدة من الإهراءات!!
05.08.2022

بعد سنتين على زلزال مرفأ بيروت، لا يزال وجع أهالي الضحايا على حاله، إذ عبروا، الخميس، في مسيرات جابت العاصمة اللبنانية، عن غضبهم بسبب إهمال السلطة وتخبّطها وتعطيل التحقيق بشكل متعمّد، مشيرين إلى أن الهدف من ذلك “تجهيل من يقف وراء جريمة العصر وإبقاء الحقيقة مدفونة تحت إهراءات المرفأ التي تتداعى تباعاً”.وللمصادفة انهارت، اليوم الخميس، 4 صوامع من الجزء الشمالي من إهراءات القمح في مرفأ بيروت، وهو تاريخ وقوع التفجير في 4 آب/أغسطس، ليزيد ذلك من غصّة أسر الضحايا، الذين يطالبون بالحفاظ على هذه الإهراءات كنصب تذكاري بدل سقوطها ومحو الذاكرة.وفي هذه المناسبة، شهد لبنان حداداً وطنياً ونُكّست الأعلام على المقار الرسمية وأقفلت الوزارات والإدارات العامة والخاصة، في وقت نظّمت أسر الضحايا ثلاث مسيرات من ثلاثة مواقع في اتجاه مرفأ بيروت.وانطلقت المسيرة الأولى من أمام قصر العدل حيث تكلمت المحامية ديانا عساف باسم المتجمعين وطالبت بالعدالة وفرض غرامات باهظة على من يعطّل التحقيق. وبوصول المسيرة إلى السفارة الفرنسية ألقيت كلمة لمنظمة “هيومن رايتس واتش” طالبت “بتحقيق دولي للحصول على حقيقة نيترات الأمونيوم وسبب الانفجار ومسؤولية الدولة اللبنانية”. ووجّهت الناطقة باسم المنظمة لوماً للدولة الفرنسية لعدم دعمها تحقيق العدالة في لبنان. وقالت “لدى فرنسا فرصة للوقوف إلى جانب الأهالي عبر طلب إنشاء بعثة تقصي حقائق”.
وعود فرنسا
في غضون ذلك، طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإنصاف ضحايا انفجار المرفأ، وعبّر عن تضامنه وتضامن الفرنسيين مع الشعب اللبناني، مؤكّداً أنه “لن يدع لبنان ينهار”. وذكّر ماكرون في حديث صحافي أنه “كان قد اقترح إجراء تحقيقٍ دولي، ولكن الدولة اللبنانية قررت فتح تحقيق محلي بتعاون دولي”، مشيراً إلى “أن فرنسا لعبت دورها الكامل في هذا التحقيق، وهي مستعدة للتعاون حتى النهاية كي تتحقّق العدالة”.كما غرّدت السفيرة الفرنسية آن غريو عبر “تويتر”: “مرّ عامان ولكن الألم ما زال يعتصر القلوب. أفكّر اليوم بالضحايا الذين لن ننساهم وأفكر بأقاربهم وبرجال الإطفاء والمسعفين وجميع الذين هبّوا للمساعدة في ذلك اليوم. نحن ننحني أمام شجاعتهم”. وأضافت “يجب أن تتم متابعة التحقيق بشكل مستقل وغير منحاز، من دون عوائق ومع الدعم الكامل من جانب السلطات اللبنانية. لا يمكن أن تتم إعادة بناء بلد وشعب من دون عدالة. للبنانيين الحق بالحقيقة”. وختمت: “فرنسا ملتزمة إلى جانب لبنان وهي تفي بوعودها. كما سبق وأعلن الرئيس ماكرون في 4 آب 2021. قدمت فرنسا أكثر من 100 مليون يورو لصالح شعب لبنان في مجالات التربية والصحة والدعم الغذائي. الصليب الأحمر اللبناني هو أحد شركائنا”.
أما المسيرة الثانية فانطلقت من مقر فوج الإطفاء في تجسيد للرحلة الأخيرة لشهداء الفوج التسعة، الذين سقطوا وهم يقومون بإخماد النيران. وحمل المشاركون نعوشاً رمزية بأسماء الضحايا. وانطلقت المسيرة الثالثة من وسط بيروت حيث حاول المتظاهرون الدخول إلى مجلس النواب واعترضهم الجيش، ورُفعت هتافات تندّد بالنواب الذين تمنّعوا عن الحضور أمام المحقق العدلي.وعند الساعة السادسة و7 دقائق، التقت المسيرات الثلاث وتليت أسماء الضحايا الذين بلغ عددهم 241 ضحية بحسب تعداد الأب هاني طوق. وتُلي في المكان قسم بعدم نسيان قضية الضحايا ومتابعتها إلى الأبد. ولفت أهالي الضحايا إلى “أنهم يعيشون كل يوم 4 آب/أغسطس طالما المجرمون هم خارج القضبان”، وأوضح وليام نون شقيق شهيد انفجار المرفأ جو نون “أن أهالي الضحايا يسيرون في قضية واضحة وتحت سقف القانون وسيستمرون بالمواجهة إلى حين تحقيق العدالة ومحاسبة الجناة والمتورطين”.
محاسبة المتورطين
في المواقف الرسمية، غرّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عبر “تويتر” قائلاً: “بعد عامين على فاجعة 4 آب، أشارك أهالي الضحايا والجرحى حزنهم، وعائلات الموقوفين معاناتهم. ‏وأؤكد لهم التزامي إحقاق العدالة المستندة الى حقيقة كاملة، يكشفها مسار قضائي نزيه يذهب حتى النهاية، بعيداً عن أي تزوير أو استنسابية أو ظلم، لمحاسبة كل من يثبت تورطه، لأن لا أحد فوق القانون”.وكتب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عبر تويتر: “يوم حزين لن ينجلي سواده قبل معرفة الحقيقة الكاملة لترقد أرواح الضحايا بسلام وتتبلسم قلوب ذويهم. لن يستقيم ميزان العدالة من دون معاقبة المجرمين وتبرئة المظلومين، ولا قيامة للبنان من دون العدالة الناجزة، مهما طال الزمن”.واعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري أن “شهداء الرابع من آب شهداء كل لبنان، هم ضحايا جريمة اصابت كل لبناني في الصميم”، وقال: “مجدداً ودائماً المسار الذي يوصل حتماً إلى العدالة وكشف الحقيقة تطبيق الدستور والقانون، ونحن اليوم جميعًا بأمسّ الحاجة إلى تحمّل المسؤولية الوطنية”. وختم “الرحمة للشهداء والصبر والسلوان لذويهم ولكل لبناني وحفظ الله لبنان”.وعلّق سعد الحريري على الذكرى قائلاً: “انفجار 4 آب: جرح عميق في قلب بيروت لن يلتئم الا بسقوط اهراءات التعطيل والاستقواء على الدولة والقانون وتصدّع صوامع الاهتراء السياسي والاقتصادي وعروش الكراهية والتعصب الطائفي. العدالة لبيروت وأهلها وتخليد ذكرى الضحايا فوق كل اعتبار. لن ننسى”.
حزب الله: لا للاستثمار والمزايدات
من جهته، عبّر حزب الله عن تعاطفه مع أهالي جميع الشهداء، ورأى “أن هذه المأساة الوطنية الكبرى التي أصابت لبنان وشعبه في الصميم، تحل ولا يزال يعاني من آثارها ونتائجها الوطن على المستويات كافة”.واعتبر “أننا شهدنا خلال العامين المنصرمين موجة هائلة من الحملات السياسية والإعلامية المكثفة والتي تضمنت اتهامات باطلة وزائفة وقدراً كبيراً من التحريض أدى إلى توتر داخلي في غاية الخطورة كاد أن يطيح بأمن البلد واستقراره، بخاصة عقب الأحداث الدموية التي شهدتها منطقة الطيونة والتي أدت إلى سقوط عدد من الشهداء المظلومين لولا حرصنا الكبير على وأد الفتنة في مهدها وقطع الطريق أمام الساعين إلى الحرب الأهلية”.وجدّد حزب الله موقفه الثابت والمعروف من القضية وهو “المطالبة بتحقيق نزيه وعادل وشفاف وفق الأصول القانونية ومراعاة وحدة المعايير بعيداً من الاستثمار السياسي والتحريض الطائفي والمزايدات الشعبوية، ونعتقد صادقين ان العدالة وحدها هي من يحقق الإنصاف ويطمئن النفوس ويضمد الجراح ويثبت الاستقرار الداخلي ويدفع بنا جميعاً إلى الحوار الهادىء والعمل المشترك لتجاوز الأزمة الخطيرة التي يمر بها بلدنا لبنان”.
جريمتا المرفأ وتجميد التحقيق
في المواقف الروحية، رفع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي “صوت الغضب بوجه كل المسؤولين أيًّا كانوا وأينما كانوا ومهما كانوا، أولئك الذين يعرقلون التحقيق، كأنّ ما جرى مجرّد حادث تافه وعابر لا يستحقّ التوقف عنده ويمكن معالجته بالهروب أو بتسوية أو مقايضة كما يفعلون عادةً في السياسة”. وتوجّه الراعي خلال ترؤسه قداساً على نية أرواح الضحايا في كاتدرائية مار جريس في وسط بيروت بسؤال إلى المسؤولين في الدولة “ماذا يريدون أكثر من هذه الجريمة لكي يتحرّكوا؟ وماذا يريد القضاء أكثر من هذا لكي ينتفض لكرامته ويستعيد دوره ويعود قبلة المظلومين؟”.وأكد الراعي “أننا اليوم أمام جريمتين، هما جريمة تفجير المرفأ وجريمة تجميد التحقيق”، معتبراً أن “تجميد التحقيق لا يقلّ فداحةً عن التفجير لأنّه فعلٌ متعمّد وإرادي بلغ حد زرع الفتنة بين أهالي الضحايا”، معتبراً أن “هناك من اتبع الحل المريح لكي يتهرّب من مسؤولية حسم مرجعية التحقيق”، متحدثاً عن “لعبة توزيع الأدوار بين عددٍ من المسؤولين على مختلف المستويات الدستورية والسياسية والأمنية والقضائية، وهؤلاء إلى دينونة الله يُساقون إذا هربوا من عدالة الأرض أو منعوا سطوعها”. وشدّد على أن “المطلوب أن يستأنف قاضي التحقيق العدلي عمله وصولاً إلى الحقيقة في تفجير المرفأ”، لافتاً إلى “أنّنا لا نتهم أحداً ولا نبرئ أحداً، فالمواطنون يُريدون العدالة ونرفض أن يكون بعض المتهمين طليقين وبعضهم الآخر أبرياء ومعتقلين”.وأضاف: “نعرف من الخبرة عن القضاء المسيّس في لبنان، وطالبنا منذ اليوم الأول لتفجير المرفأ بتحقيقٍ دولي، إذ إن الجريمة قد تكون ضدّ الإنسانية في حال تبيّن أنّها عمل مدبّر، وأتت تعقيدات التحقيق المحلي والعراقيل السياسية لتعطي الأحقية في تجميد المطالبات بالتحقيق الدولي”، مؤكّداً أنّه “لا يحق للدولة أن تمتنع عن إجراء تحقيقٍ محلي وتُعرقل في المقابل إجراء تحقيقٍ دولي، والمستغرب أنّ جريمة تفجير المرفأ غريبة عن اهتمامات الحكومة قبل استقالتها وبعدها لا بل أنّ بعض وزرائها يتغافل عنها وبعضهم الآخر يُعرقل سير العدالة من دون وجه حق”.ولاحظ الراعي “أن جميع الكوارث التي تحصل في العالم يُحفَظ جزءٌ منها لذاكرة التاريخ كشاهد لما حصل، وهذا ما فتئ يطالب به أهالي الشهداء بالنسبة إلى حماية الإهراءات من السقوط وهي الشاهد الناطق لجريمة تفجير المرفأ المسماة بجريمة العصر”، متسائلاً: “لماذا لم تستعينوا بمؤازرة الدول المجاورة والصديقة لإطفاء النيران في الإهراءات وكأنّ المقصود تدميرها ومحو الذاكرة؟!”.من ناحيته، أكد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان “أن ذكرى انفجار مرفأ بيروت ستبقى صفحة مؤلمة في تاريخ العاصمة بيروت وكل لبنان وستبقى هذه الجريمة تقض مضاجع اللبنانيين حتى معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة وإعطاء كل ذي حق حقه”. وأكد دريان في تصريح أن “من تسبّب في وقوع هذه الجريمة المروعة ضد مدينة آمنة مطمئنة هو مجرم ويستحق أشد العقاب والقصاص لأنه تسبب بكارثة وطنية وإنسانية ما زالت أثارها مستمرة حتى الآن”. وطالب “القضاء بأن يبقى بعيداً من التجاذبات السياسية والإسراع بإظهار الحقيقة وتطبيق العدالة على من تتأكد إدانته ومسؤوليته عن هذه الجريمة النكراء. وأكد أنه “لا يمكن أن نستهين ونستكين أو نتهاون في مطالبة المسؤولين المعنيين بالإسراع في كشف أسباب هذه الجريمة ومن يقف وراءها والمتسبب بها”.أما متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة الذي ترأس قداساً على نية الضحايا الذين سقطوا في مستشفى القديس جاورجيوس فأعلن “أن مقترفي جريمة انفجار المرفأ ما زالوا يتمتعون بحريتهم فيما أهل بيروت يُعانون”. وقال “سنتان مرّتا ولم يتوصّل القضاء إلى كشف الحقيقة لأنّ السطوة السياسية تُعيق عمله وتمنع العدالة”.وفي المواقف الدبلوماسية، صدر بيان عن بعثة الاتحاد الأوروبي يعرب “عن التعاطف مع العائلات التي فقدت أحباءها في ذلك اليوم المأساوي وكذلك مع جميع المتضررين” ويجدّد “التضامن مع سكان بيروت وشعب لبنان، والالتزام بمواصلة الدعم للاستجابة لمواجهة تداعيات الانفجار”. وأكد البيان “على ضرورة متابعة التحقيق في الانفجار دون عوائق وبعيداً عن التدخل السياسي ووجوب أن يكون التحقيق نزيهاً وموثوقاً وشفافاً ومستقلاً وأن يتوصل إلى نتائج دون مزيد من التأخير من أجل الكشف عن أسباب المأساة ومحاسبة المسؤولين عنها”.كذلك، غرّد سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد البخاري على حسابه في “تويتر”: “في ذكرى انفجار مرفأ بيروت: “كثيرون يؤمنون بالحقيقة وقليلون ينطقون بها”.


1