أحدث الأخبار
الاثنين 29 نيسان/أبريل 2024
فوضى الضباب!!
بقلم : ريما شري  ... 17.03.2016

الهواء بارد، أو ربما، يثير الشعور بعدم اكتمال الغياب، رجفة في القلب. في الجو رائحة للخوف، يبعثه هوس الالتفات إلى الأشياء.
عبء الذاكرة وحاضر الحنين. سكون الضجيج العابر على أطراف المدينة يسكن السماء. أحاول التقاطه من دون جدوى. أحاول تفسير حاجتي «للذكريات والغد معا». أدافع عن الأماكن والأصدقاء وعن اشيائنا المتروكة للهواء الجديد والغرباء. أحاول تعليب الضحكات المزروعة في زوايا الطرقات، لكن من دون جدوى.
يقسمني الغيم إلى نصفين… تصدح الأصوات في السماء، تصدح جميعها في فوضى الضباب، ولا قدرة لي على التقاطها.
عشر سنوات مضت على إقامتي في هذه المدينة التي لطالما قلت إنها بلا روح. وها أنا اكتشف الآن روحها دفعة واحدة. تخرج من قلبي إلى السماء كما لو أنها تعاقبني. «في كل مترٍ وداعُ شيءٍ ما أخاف أن لا استعيدَهْ»، في هذه السماء، وجوه وأشياء أحبها: لون الصباح الباكر، هواء تشرين، عازف الغيتار في محطة كاناري وورف، الوجوه الممزوجة بتفاصيل أوطانها، الساعة السابعة صباحا، المقعد الفارغ في قطار الساعة السادسة مساء، متعة الغناء عن الوطن، الجرائد ، باص رقم 65، أمي، صمت الزمور، المقاهي العابرة، الباردة والدافئة، رولا، فرح الأيام، البحر البائس، وصوت فيروز، ومن لا يعرف صوت فيروز في الغربة لم يكتشف العالم الأوسع.
سأشتاق لهذه السماء، لبلاد أحبها وأرحل عنها. وفي فوضى الغياب الذي لم يكتمل، سأشتاق إليك يا علي، لانك وجه الثورة الأجمل والأنقى. سأشتاق لصوت الضمير، صوت النور والشام. سأبحث عن وجه أبو ليلى في مقاهي الحمرا وأضواء بيروت. وسأغني هناك لمن أزال عن لندن ضبابها ورقص في شوارعها حبا بمصر وفلسطين وسوريا ولبنان. سأغني لضحكات عيون ثابتين ما بينقصو، سأغني، في بيروت، لمحمد الجبّان.

صحافية لبنانية..المصدر : القدس العربي
1