أحدث الأخبار
الجمعة 29 آذار/مارس 2024
اعترض على ترشح جعجع لرئاسة لبنان فماذا نقول لاهالي الشهداء من ضحاياه لو نجح!!
بقلم : ريما شري ... 14.04.2014

أثار الاعلان الرسمي عن ترشّح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى رئاسة الجمهورية اللبنانية موجة من الاستنكارات لدى الفريق “المُمانع″ في بلد الأرز.في المقابل، يعتبر البعض أن ترشح جعجع للرئاسة هو ”حق دستوري” لسياسي يحظى بكتلة نيابية داخل مجلس النواب وعليه فإن حقه في الترشح يندرج في إطار النظام الديمقراطي.ويستغرب ناشطون كثر حملة الهجوم ضد إعلان جعجع ترشحه للرئاسة، لا من منطلق تأييدهم له، بل للتذكير أن الملعب السياسي اللبناني حافل بأمثاله من المجرمين.
ومن هذا المنطلق، يعتبر هذا الفريق أن الإعتراض على جعجع أتى متأخراً 9 سنوات، أي عندما أقر مجلس النواب اللبناني عفوه من كافة الجرائم التي ارتكبها بحكم سياسي ”غير شرعي” ومر الحدث، حينها، مرور الكرام.
صحيح أن كل السياسيين اللبنانيين من الطينة نفسها ولا شك أن الأسماء الأخرى التي يجري طرحها لرئاسة لبنان (أمثال ميشال عون وأمين الجميل وبطرس حرب وغيرها) ليست نماذج مشرفة إلا أنها، على اختلافها، تمثل كافة الأطراف المتنازعة على الساحة السياسية اللبنانية والتي شكلت، بدورها، خريطة لبنان السياسية التي استمدت من نتائج الحرب الأهلية وإتفاق الطائف.
لا يملك أحد الحق في منع جعجع من الترشح لرئاسة الجمهورية. فالرجل يملك كل الشروط التي تؤهله لهذا المنصب، أي أنه لبناني منذ أكثر من عشر سنوات. ماروني المذهب. سجله العدلي ”الأسود” نظفته التسويات السياسية. كل هذا مفهوم، فنحن في بلادنا يجب أن نحترم المهزلات طالما أنها تستوفي الشروط القانونية والدستورية التي تصاغ بفعل المساومات والمصالح الداخلية والإقليمية.
ولكن بصرف النظر عن الحقوق الدستورية ”غير المشروعة” وثورة الغضب غير الموضوعية واحقية المطالب السياسية، فلنضع كل هذا على جانب، هل يمكن، حقاً، إن يتصور عاقل سمير جعجع رئيساً للجمهورية اللبنانية؟
إذا كان الدستور قادر على فرضه ”ديمقراطياً”، لا يستطيع احد أن يمحو تاريخه الأسود من ذاكرة الكثير من اللبنانيين والفلسطينيين. فهذا الرجل الذي سيقسم، (في حال أصبح رئيساً) على المحافظة على استقلال لبنان ووحدة شعبه وسلامة أراضيه، وهي وعود لم يطبق أي منها حين كان مجرد زعيم حزبي، لا بل كان من أحد مسببي زعزعة أمن لبنان وتفكيك وحدة شعبه.
فقد قضى جعجع أكثر من 11 عاماً في السجن لاتهامه بجرائم ارتكبت إبان الحرب الأهلية اللبنانية التي دارت بين عامي 1975 و1990 وثبت قضائياً ارتكابه لها وكان من بينها اغتيال الرئيس رشيد كرامي، وابن رئيس الجمهورية السابق كميل شمعون داني وبعضاً من افراد عائلته. عدا عن ذلك، فقد تلطخت يداه بمجزرة استهدفت في 16 أيلول/سبتمبر 1982 مخيماً للاجئين الفلسطينيين في منطقة صبرا وشاتيلا في بيروت والتي خطط لها ارييل شارون ونفذتها مجموعة مسلحة تابعة لحزب الكتائب بقيادة ايلي حبيقة، وبالتعاون مع جعجع، وهي مجزرة قلة ما يتناولها اللبنانيون في نقدهم لسجل جعجع، وكأنها شأناً فلسطينيا لا يرتبط بالوضع الداخلي أو ربما، لأن جعجع نفى أي دور له فيها تماماً كما تنفي إسرائيل قتلها العمد للعزل والأطفال والنساء ويرضخ لها قادة العالم ومؤسسات حقوق الإنسان، وينساها التاريخ.
الأسئلة التي تطرح نفسها ويجاهد المنطق لايجاد اجوبة لها هي: كيف يمكن لرئيس جمهورية أن يحمي سيادة لبنان ويحاسب المجرمين وهو الذي حكم عليه بالإعدام؟
وكيف يمكن أن يحقق الوحدة بين المسلمين والمسحيين وهو الذي أثار النعرات المذهبية بين أبناء البلد الواحد؟ وكيف يمكن أن يحمي لبنان من العدو الإسرائيلي وهو الذي صافح أبرز قياداته وشارك في إرتكاب أفظع مجازره؟
ماذا نقول لأقارب داني شمعون ورشيد كرامي وغيرهم من القيادات المدنية والعسكرية إذا أصبح جعجع رئيساً للجمهورية اللبنانية؟ ماذا نقول لأقارب شهداء مجزرة صبرا وشاتيلا؟ قاتل شهدائكم هو اليوم فخامة الرئيس! ألن يستفزهم ظهوره في القصر الرئاسي وعلى شاشات التلفزيون ممثلاً لبنان؟ منطق السياسة اللبنانية أصبح معروفاً ولكن من غير المنطق أن نخترع لأهالي الضحايا أزراراً للنسيان ومن غير المنطق أن نطلب منهم إحترام حقه الدستوري في الترشح. وعلى ذلك، فإن كل من يتعاطف مع الشعب الفلسطيني وأقارب القيادات اللبنانية التي قتلت على يد جعجع الحق في رفضه كرئيس، وليذهب الدستور والقانون والقضاء إلى الجحيم. نحن، في بلد تنحدر فيه قيم العدالة والقضاء إلى هذا الحد المهين، غير ديمقراطيين.

اعلامية وكاتبة لبنانية
1