أحدث الأخبار
الخميس 21 تشرين ثاني/نوفمبر 2024
قرب خط الجبهة في أوكرانيا.. الحياة تستمر تحت الأرض!!
بقلم : الديار ... 27.10.2022

كريفيي ريغ (أوكرانيا): على الرغم من قرب مدينتهم من خط الجبهة، لا يزال أطفال كريفيي ريغ الواقعة في جنوب أوكرانيا قادرين على المشاركة في مسابقات للفنون القتالية تنظّم في ملجأ للوقاية من الهجمات النووية.
باللباس الأبيض تتوافد الفتيات والفتيان للمشاركة في نهائيات المسابقة السنوية التي تنظّمها البلدية، في مخبأ بني بتكلفة باهظة في ستينات القرن الماضي تحسّبا لأي هجوم نووي خلال الحرب الباردة.
من ثم يتواجه المتبارزون على السجادات المربعة تحت أنظار ذويهم الجالسين منهكين على المقاعد أو المتكّئين على الجدران.
بحماسة يعلن معلّق تفاصيل كل مبارزة، فيما صدى مكبّر الصوت يمكن سماعه فوق سطح الأرض.
محاولا التغطية على الضجيج الحاد، يقول المدرب الوطني أناتولي فولوشين بأعلى صوت “نفسيا، من المهم أن يرى الأطفال أن البالغين لم ينسوهم”.
ويتولى فولوشين إدارة المسابقة بغياب مساعد رئيس البلدية سيرغي ميليوتين المتعذّر عليه مغادرة مكتبه حيث يتابع مستجدات انقطاع التيار الكهربائي الذي تشهده المدينة.
– “دم بارد” –
بعد ثمانية أشهر على بدء الحرب، أصبح مساعد رئيس البلدية وهو مهندس اتصالات قوي البنية ومرح يبلغ 45 عاما، معتادا على قضاء وقته على الهاتف. وتزيد الأخبار الواردة مؤخرا من الجبهة من حسّه الفكاهي.
فقد تمكّن الأوكرانيون من صدّ القوات الروسية وإبعادها مسافة ساعة عن ضواحي كريفيي ريغ، المدينة الصناعية الناطقة بالروسية والتي يتحدّر منها رئيس البلاد فولوديمير زيلينسكي وزوجته.
فالهجوم الأوكراني المضاد أجبر سلطات الاحتلال على بدء عملية إجلاء من خيرسون، العاصمة الإقليمية المجاورة التي احتّلها الروس في مطلع آذار/مارس.
لكن مع قرب حلول أشهر الشتاء القاسية، استهدفت الضربات الروسية شبكة الكهرباء في البلاد.
متناولا شطيرته، يحاول مساعد رئيس البلدية الحفاظ على رباطة جأشه بالبحث بواسطة هاتفه لمعرفة أي من مناطق في مدينته بحاجة إلى مساعدات عاجلة.
ويقول “بالطبع أنا متعب جسديا”، لكنه يشير إلى أن متابعة المستجدات باتت جزءا من عمله اليومي، ويضيف “يجب الحفاظ على دم بارد وتوفير الطاقة (الجسدية). لا أحد يعلم كم من الوقت ستستمر الأمور على هذا النحو”.
وعلى غرار مدن صناعية أخرى في أوكرانيا، تحاول كريفيي ريغ إيجاد نوع من التوازن بين اليأس والفرح.
وبين الفينة والأخرى تدوّي صفارات الإنذار للتحذير من الصواريخ، وبشكل متزايد من الطائرات المسيّرة، ليلا ونهارا.
– “عدم التراخي” –
يبذل مساعد رئيس البلدية جهودا لكي يأخذ أبناء بلديته صفارات الإنذار على محمل الجد على غرار ما كانوا يفعلون في الأيام الأولى للحرب.
ويقول “نمضي وقتنا بتذكير الناس بوجوب عدم التراخي في الحيطة”.
المدارس ودور السينما مغلقة في أوكرانيا بسبب مخاطر القصف.
ومن أجل إضفاء طابع أشبه بالطبيعي على حياة السكان، حوّلت كريفيي ريغ ملجأها المقام للوقاية من الهجمات النووية وغيرها من المنشآت المشابهة المقامة تحت الأرض، إلى قاعة للعروض الفنية واللقاءات الرياضية.
يستقبل الملجأ حفلات موسيقية وعروضا لفريق كفارتال 95، شركة الإنتاج التي كان زيلينسكي مديرا شريكا فيها ونجمها حتى وصوله إلى سدة الرئاسة في نيسان/أبريل 2019.
ويتوافد المئات في كل نهاية أسبوع إلى الملجأ لمشاهدة العروض والحفلات على الرغم من الحرب الدائرة.
ويقول ميليوتين إن الناس استغرقهم الأمر بضعة أشهر ليدركوا أنه بالإمكان العودة إلى ما يشبه الحياة الطبيعية في هذه الملاجئ المنسيّة المنتشرة في البلاد منذ الحقبة السوفياتية.
ويشدد فولوشين على أن “الجميع سعداء جدا هنا”، في إشارة إلى الملجأ المقام تحت الأرض، مضيفا “وكأن ما من حرب دائرة”.

1