في الوقت الذي يعاني فيه العراق من مشاكل داخلية وخارجية لا حصر لها، فإن وزير خارجيتها ما يزال نائما مع أهل الكهف، وهو لا يصحو الا عندما توخزة عصا الولي الفقيه في ايران فيهب لينفذ أوامر سيده ويعود للنوم ثانية، الحقيقة ان الوزير محمد الحكيم غير حكيم بالمطلق، ولو وضعنا المشاكل الداخلية جانبا على إعتبار انها ليست من إختصاص وزارة الخارجية، فأن مشاكل العراق الخارجية لا تعد ولا تحصى، وهي لا تلقى إي إهتمام من زارة الخارجية على الرغم من ان إختصاصها هو العلاقات الخارجية الثنائية منها والمتعددة الأطراف.
علاقات العراق الجيدة يمكن ان تلخيصها بأنها مرآة عاكسة لعلاقات ايران الجيدة مع العالم الخارجي، فالخارجية العراقية كالببغاء تردد ما ما تصرح به وزارة الخارجية الإيرانية دون ان تعنيها مصالح العراق شيئا، ومن يجادل في هذا الأمر ليقدم لنا موقفا واحدا اختلفت فيه رؤية الخارجية العراقية عن نظيرتها الايرانية منذ عام 2003 ولحد الآن. علاقات العراق متأزمة مع جميع الدول العربية بإستثناء دويلات هامشية لا قيمة لها على الصعيد الدولي كدويلة حسن نصر الله والحوثي وبشار الأسد، وعلاقات العراق مع دول العالم ضبابية ولا توجد استراتيجية واضحة في التعامل معها. والمواقف الرسمية الحكومية المتعلقة بالسياسة الخارجية لا علاقة لوزارة الخارجية بها، كل مسؤول عراقي وزعيم ميليشيا يصرح ما يحلوا له دون مراعاة رأي وزارة الخارجية، ويبدو ان الوزارة لا حول لها ولا قوة، فهي وسفرائها الأشاوس يفكرون في مصالحهم الشخصية وليس مصلحة البلد. ففضائح السفراء العراقيين لا تعد، ولا يوجد سفير عراقي الا وهو يحمل على كتفه صرة كبيرة من الفضائح المالية والأخلاقية، وليس بمقدرة الوزير ان يحاسب أحدا منهم لأنهم من أبناء المحاصصة والوزير ايضا ابن بار للمحاصصة، ولأن الحكيم ليس من أصل عربي، عائلته فارسية وتدعى (الاصفهاني) لذا فهو حارس أمين على مصالح دولته الأم ايران، ولا غبار على موقفه من هذه الناحية، فالعرق دساس.
الحقيقة أن كل الدول التي علاقة ايران متأزمة معها، هي نفس الدول التي علاقة العراق متأزمة بها، انها متلازمة العلاقات الدولية بين ايران والعراق، وربما هذا ما عبر عنه العديد من الزعماء الايرانيين والعراقيين بقولهم ان العراق وايران جسد واحد. ربما يصدقون في قولهم هما جسد واحد، لكن الجسد من الرأس الى الركبتين ايراني، ومن الركبتين الى القدمين عراقي. لاحظ عندما استهدفت المعسكرات الايرانية في العراق مؤخرا لم يحدث اي تعاطف عربي أو عالمي مع العراق، وهذا دليل على فشل وزارة الخارجية العراقية.
في الوقت الذي تتأزم فيه يوم بعد آخر العلاقات بين العراق ودول الخليج العربي من جهة وتركيا من جهة أخرى بسبب أزمة المياه، والقصف التركي للقرى في كردستان العراق لملاحقة حزب العمل الكردي، وجمود علاقات العراق مع جميع الدول العربية في افريقيا، وتأزم العلاقات مع الولايات المتحدة والدول الأوربية، فأن وزارة الخارجية العراقية لا دور لها في هذا الموضوع، فإن تحسنت علاقات ايران مع أحدى الدول، تحسنت على الفور علاقات العراق معها والعكس صحيح. وليست هناك حاجة لدول الخليج لتحسن علاقاتها مع العراق، فتحسن علاقتها مع ايران سينعكس فورا على العراق، فهو تابع لنظام الملالي، وهذا ما يجيب أن تعيه دول الخليج، ان مفتاح العراق بيد الجنرال سليماني ونسخة منه عند سفيره في العراق مسجدي، تفاوضوا مع سليماني وليس عادل عبد المهدي في أي شأن عراقي!
قريبا ستتم مناقشة التدخل التركي في العراقي وقصف القرى الكردية من قبل الجامعة العربية، ولكن هل يجرأ العراق على طرح ملف القصف الايراني للقرى الكردية بحجة ملاحقة عناصر الحزب الدمقراطي الكردستاني الايراني في شمال العراق؟ الجواب بالطبع لا؟
وهل يجرأ العراق على تبني قرار الجامعة العربية حول تدخلات ايران في المنطقة؟ الجواب لا بالطبع. جميع الملفات التي تطرح ضد ايران سيعارضها العراق وحلفائه حسن نصر الله والحوثي وجلاد دمشق.
في الآونة الـأخيرة انشعل الرأي العام العراقي والدولي حول القصف الذي طال معسكرات ايران في العراق والتي تحرسها كلاب ولاية الفقيه، وعلى الرغم من عدم تبني الهجمات من قبل أي دولة وانما هي تسريبات اعلامية، وتجلى هذا واضحا في موقف الحكومة العراقي التي لم تتهم أي طرف، سارع نظام ولاية الفقيه الى اتهام الكيان الصهيوني، وتلقف اقزام الولي من زعماء الميليشيات العراقي هذا الإتهام وبدأوا بالعزف عليه، مطالبين بطرد القوات الامريكية على إعتبار انها المسؤولة عن أجواء العراق. وبدأت حرب التصريحات الايرانية الصهيونية الميليشياوية، ابو مهدي المهندس يصرح من جهة، وصالح الفياض يعاكسه، والرئاسات الثلاثة تصرح من جهة، ومقتدى الصدر من جهة، والمرجع الايراني كاظم الحائري من جهة، وقيس الخزعلي زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق من جهة، وابو ولاء الولائي زعيم ميليشيا سيد الشهداء يهدد بقصف سفارات المعتدين الموجودة في العراق.
ماهذه الفوضى الهدامة؟ وأين وزارة الخارجية العراقية من هذه الفوضى؟ لا شيء فهي لم تخترق بعد حاجز الصوت؟ ربما هي في انتظار موقف رسمي من وزارة الخارجية الايرانية لتدلو بدلوها في هذا الشأن! كانت الوزارة صانعة للقرار ومتبوعة ـ على أقل تقدير من قبل الدول العربية ـ وصارت تابعة لنظام الملالي. فرق كبير بين السيد والعبد، او الحر الذي يرتضي لنفسه أن يكون عبدا. علينا كعراقيين ان نستذكر دائما قول الجنرال الايراني يحيى رحيم صفوي، المستشار العسكري للمرشد الايراني خامنئي" اهل العراق عبيد لنا ولهم الفخر اذ اصبحوا عبيدا للفرس". إذن هل نلوم الجنرال على تصريحه ونحن نرى الجنود العراقيين في عاشوراء يخلعون أحذية الزوار الايرانيين ويدلكون أقدامهم والبعض يقبل أقدامهم؟
ان سكوت وزارة الخارجية العراقية عما يحدث على الساحات الدولية والعربية وحتى الداخلية، يجعل المرء في حيرة منها، فهذه الوزارة تنفق عبثا المئات الملايين من الدولارات شهريا بدون فائدة، ولو بقيت أو الغيت فالأمر سيان من ناحية المواقف، ومفيد من الناحية المالية، طالما هي قسم ملحق في وزارة الخارجية الايرانية فمضرتها أكثر من منفعتها، لقد صارت هذه الوزارة الفاشلة مكبا لنفايات الحكومة تجمع النواب والوزاراء والمستشارين الفاشلين، وابناء المسؤولين واكثرهم يحملون جنسيات اجنبية وبعضهم لا يجيد اللغة العربية.
لو تمعنا في نشطات الوزارة في هذا الشهر، نجدها قد انحصرت في موقف مميز واحد وهو الرد على تغريدة وزير الخارجية البحريني (خالد بن أحمد) الذي قال فيها " ان إيران التي أعلنت الحرب علينا، بحراس ثورتها وحزبها اللبناني وحشدها الشعبي في العراق وذراعها الحوثي في في اليمن، فلا يلام من يضربهم و يدمر أكداس عتادهم، انه دفاع عن النفس".
فجأة استفاقت الخارجية من غفوتها وتناست كل واجباتها الغائبة، لترد على الوزير في بيان صدر في 29/8/2019، لاحظ الوزارة ردت في بيان وليس في تغريدة من قبل وزارة الخارجية العراقية كما فعل نظيره البحريني.
كالعادة كان البيان ضعيفا وابتعد عن موضوع التغريدة، فقد جاء فيه" الوزارة ترفض وتدين ما جاء في تغريدة وزير خارجيّة البحرين بشأن الاعتداءات الأخيرة على الأراضي العربيّة، وعلى الحشد الشعبيّ من العدوّ الصهيونيّ بذريعة الدفاع عن النفس، ان الحشد الشعبي دافع بكلّ شرف عن أراضينا المُقدّسة، وقدّم تضحيات كبيرة لتحرير مُدُن العراق، وهزيمة عصابات داعش الإرهابيّ".
لا نعرف لماذا اراضينا مقدسة؟ وهل اراضي بقية الدول غير مقدسة؟ كما ان هزيمة داعش ما كانت تتحقق لولا تظافر جهود الجيش العراقي وقوات اكثر من (60) دولة، و(13000) طلعة جوية لقوات التحالف، ولولا القصف المدفعي الفرنسي. الحشد الشعبي لم يقدم عشر ما قدمته هذه القوات، ومضاره اكثر من منافعه، فقد هجر وسلب وقتل وجرف الاراضي والبساتين وتاجر بالمخدرات وتجارة الرقيق الأبيض والأعضاء البشرية، وما زال العراق يعاني من جرائمه المستمرة. الحشد ايراني التشكيل والولاء ولا علاقة له بمصلحة العراق، وهذه حقيقة باتت معروفة للجميع.
ثم نسأل الوزارة: اليس من مصلحة جميع الدول ان تدافع عن أمنها الوطني؟ اليس من مصلحة جميع الدول ان تستهدف ما يهدد أمنها الوطني؟
وماهو موقفكم من تصريحات اسيادكم الايرانيين حول حماية أمنهم القومي خارج حدودهم الوطنية؟
قال قائد القوة البریة للجيش الإيراني العميد أحمد رضا بوردستان في 8/1/2015" ان رسم القوات العسکریة الإیرانیة خطاً أحمراً علی مسافة 40 کم داخل الأراضی العراقیة".
قال العميد محمد باك بور، قائد القوات البرية للحرس الثوري الإيراني في كلمة له بمناسبة ذكرى قتلى القوات البرية للحرس الثوري خلال فترة الحرب الإيرانية على العراق " نحن نتحكم في الأمور والأحداث التي تجري في العراق بشكل كامل، ولدينا السيطرة المخابراتية الكاملة في عمق أراضي العراقية، ونحتفظ بحقنا لتجفيف أية حركة إرهابية في اي مكان وفي أي زمان".
وصرح العميد مرتضى قرباني، رئيس مؤسسة متاحف الثورة الإيرانية في 1/10/2015 أن" خطوط دفاع الثورة الإيرانية باتت اليوم في اليمن وسوريا والعراق ولبنان".
وقال الجنرال محسن رضائي، أمين عام مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني" في الحرب بسوريا والعراق نقلنا خبرتنا وتجاربنا العسكرية وأنفقنا ودعمنا أيضا، ولكننا سعينا إلى تحقيق مصالحنا الخاصة".
هل يحق لإيران ان تدافع عن أمنها القومي خارج حدودها الوطنية، ولا يحق لبقية الدول ان تدافع عن أمنها خارج حدودها الوطنية؟ سؤال موجه الى وزير خارجية ونتحداه ان يجيب عليه.
كلمة أخير لوزير خارجية العراق: هل تعلم ان العراق في عهدكم الأغبر جاء الأخير عربيا وعالميا من حيث قوة جواز سفره، ولم تتفوق عليه غير افغانستان حسب مؤشر (مؤسسة هينلي لجوازات السفر HPI ) هذا العام؟ ان كنت تعلم او لا تعلم فالأمر سيان.
يقال ان جميع احذية معاليكم (قبغلي) أي بلا قيطان، لأنك لا تحل ولا تربط، والحليم تكفيه الإشارة.
تغريدة من البحرين ايقظت وزارة الخارجية العراقية!!
بقلم : علي الكاش ... 30.08.2019